قصة مثيرة نقلتها لكم… لكنها أبعد من أن يصدقها مؤمن عن حق..
ﺍﻟﺤﻦ ﻭﺍﻟﺒﻦ .. ﺃﻣﺔ ﺳﺒﻘﺖ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻭﺍﻟﺠﻦ
ﺃﻏﻠﺒﻜﻢ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺃﻥ ﺍﻷﺭﺽ ﻟﻢ ﺗﺴﻜﻨﻬﺎ ﻣﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻭﺍﻟﺠﻦ، ﻟﻜﻦ ﺑﻌﺪ ﻗﺮﺍﺀﺗﻚ ﻟﻤﻘﺎﻟﻲ ﻫﺬﺍ ﺳﺘﻐﻴﺮ ﻓﻜﺮﺗﻚ ﺗﻤﺎﻣﺎً، ﻭﺗﻌﻠﻢ ﺃﺷﻴﺎﺀ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﻌﻠﻤﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ .. ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﻗﺒﻞ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺗﺪﺏ ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ ﺍﻷﺭﺽ ﺗﻮﺍﺭﺩﺗﻬﺎ ﺃﻟﺴﻨﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺑﻌﺮﺑﻴﻬﺎ ﻭﺃﻋﺠﻤﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺘﻮﻥ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﺍﻷﻭﻝ ﻭﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﺍﻷﻭﻝ ، ﻓﻲ ﺃﻣﻬﺎﺕ ﺻﻔﺤﺎﺕ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﺍﻟﻐﺎﺑﺮ ﺑﻜﻞ ﺗﻔﺎﺻﻴﻠﻬﺎ ، ﻭﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺤﺪﺙ ﺑﻬﺎ ﻭﻣﻌﻬﺎ ﻭﻛﻴﻒ ﺍﺧﺘﻔﺖ ﻣﻦ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ﻭﺃﻳﻦ ﺫﻫﺒﺖ؟ ﻣﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﺳﻜﻨﺖ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺭﺽ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﺗﺴﻤﻰ ” ﺍﻟﺤﻦ ﻭﺍﻟﺒﻦ ” ﺫﻛﺮ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ” ﺧُﻠﻘﺖ ﺍﻟﺠﻦ ﻗﺒﻞ ﺁﺩﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﻗﺒﻠﻬﻢ ﺍﻟﺤﻦ ﻭﺍﻟﺒﻦ ﻓﺴﻠﻂ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺠﻦ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻓﻘﺘﻠﻮﻫﻢ ﻭﺃﺟﻠﻮﻫﻢ ﻋﻨﻬﺎ ﻭﺃﺑﺎﺩﻭﻫﻢ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﺳﻜﻨﻮﻫﺎ ﺑﻌﺪﻫﻢ … )) ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻻﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﺹ 50 .((
ﻓﻤﻦ ﻫﻢ ﺍﻟﺤﻦ ﻭﺍﻟﺒﻦ؟
ﻫﻢ ﺧﻠﻖ ﻣﻦ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻴﺴﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻭﻻ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻦ، ﻭﺧﻠﻘﻮﺍ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺠﻦ ﻭﺍﺳﺘﻮﻃﻨﻮﺍ ﺍﻷﺭﺽ ﻓﻲ ﺃﺯﻣﺎﻥ ﻏﺎﺑﺮﺓ، ﻓﻘﺘﻠﻮﺍ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﻌﻀﺎ، ﻭﺍﺭﺗﻜﺒﻮﺍ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﻭﺳﻔﻜﻮﺍ ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ ﻭﻋﺼﻮﺍ ﺍﻟﻠﻪ، ﻓﺴﻠﻂ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺰﺓ ﺍﻟﺠﻦ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻓﻘﺘﻠﻮﻫﻢ ﻭﺷﺮﺩﻭﻫﻢ ﻭﻣﺰﻗﻮﻫﻢ، ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻗﺎﻣﺖ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤﻦ ﻭﺍﻟﺒﻦ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻭﺍﻟﺠﻦ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻭﺗﻘﺎﺑﻞ ﺍﻟﻄﺮﻓﺎﻥ ﻓﻲ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﻋﻨﻴﻔﺔ ﻭﺣﺎﺳﻤﺔ، ﺍﻧﺘﻬﺖ ﺑﺎﻧﺘﺼﺎﺭ ﺍﻟﺠﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻦ ﻭﺍﻟﺒﻦ، ﻭﻣﻨﺬ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ﻏﺎﺑﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﻭﻻ ﺃﺣﺪ ﻳﻌﺮﻑ ﻫﻞ ﺗﻤﺖ ﺇﺑﺎﺩﺗﻬﻢ ﻧﻬﺎﺋﻴﺎً، ﺃﻡ ﻫﺮﺑﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺎﻥ ﻣﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻮﻥ، ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺃﻥ ﻳﺄﺟﻮﺝ ﻭﻣﺄﺟﻮﺝ ﻫﻢ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﺍﻟﺤﻦ ﻭﺍﻟﺒﻦ، ﻫﺮﺑﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺟﺒﺎﻝ ﺍﻟﻘﻮﻗﺎﺯ ﺑﻌﺪ ﺧﺴﺎﺭﺓ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﺠﻦ، ﺛﻢ ﻇﻬﺮﻭﺍ ﺑﻌﺪ ﻧﺰﻭﻝ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻟﻸﺭﺽ، ﻭﻓﺘﻜﻮﺍ ﺑﻘﺒﺎﺋﻞ ﺍﻹﻧﺲ ﺣﺘﻰ ﺟﺎﺀ ﺫﻭ ﺍﻟﻘﺮﻧﻴﻦ ﻭﺣﺠﺰﻫﻢ ﺧﻠﻒ ﺍﻟﺴﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﺷﻴﺪﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺪﻳﺪ ﻭﺍﻟﻨﺤﺎﺱ .. ﻭﻳﺨﺮﺟﻮﻥ ﺁﺧﺮ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ
ﺗﺄﻛﻴﺪ ﻭﺟﻮﺩ ﻣﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺒﺸﺮ
ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻭﺟﻮﺩ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻼﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺫﻛﺮﺗﻬﺎ ﻻ ﺗﺘﻌﺎﺭﺽ ( ﻣﺎﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﺆﻳﺪ ) ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ﺑﺨﺼﻮﺹ ﻇﻬﻮﺭ ﻣﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﻗﺒﻠﻨﺎ .. ﻓﺤﻴﻦ ﺃﺧﺒﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻼﺋﻜﺘﻪ ﺑﺄﻧﻨﻲ ( ﺟﺎﻋﻞ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﺧﻠﻴﻔﺔ ) ﻗﺎﻟﻮﺍ ﻋﻦ ﺳﺎﺑﻖ ﺗﺠﺮﺑﺔ ( ﺃﺗﺠﻌﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻳﻔﺴﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻳﺴﻔﻚ ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ ) ﻭﺃﺗﻔﻖ ﺍﻟﻤﻔﺴﺮﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻦ، ﺑﺪﻟﻴﻞ ( ﻳﺴﻔﻚ ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ ) ﻓﻬﻞ ﻟﻠﺠﻦ ﺩﻣﺎﺀ .. ؟ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻤﺆﺭﺥ ﺍﻟﻤﺴﻌﻮﺩﻱ ” ﺧﻠﻖ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﺒﻞ ﺁﺩﻡ ﺛﻤﺎﻧﻴﺎ ﻭﻋﺸﺮﻳﻦ ﺃﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻖ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ..” ﻭﺫﻛﺮ ﻣﻨﻬﻢ
-1 ﺫﻭﺍﺕ ﺃﺟﻨﺤﺔ ﻭﻛﻼﻣﻬﻢ ﻗﺮﻗﻌﺔ .
-2 ﻣﺎ ﻟﻪ ﺃﺑﺪﺍﻥ ﻛﺎﻷﺳﻮﺩ ﻭﺭﺅﻭﺱ ﻛﺎﻟﻄﻴﺮ ﻭﻟﻬﻢ ﺷﻌﻮﺭ ﻭﺃﺫﻧﺎﺏ ﻭﻛﻼﻣﻬﻢ ﺩﻭﻱ .
-3 ﻣﺎ ﻟﻪ ﻭﺟﻬﺎﻥ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻪ ﻭﺍﻵﺧﺮ ﻣﻦ ﺧﻠﻔﻪ ﻭﺃﺭﺟﻞ ﻛﺜﻴﺮﺓ .
-4 ﻣﺎ ﻳﺸﺒﻪ ﻧﺼﻒ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺑﻴﺪ ﻭﺭﺟﻞ ﻭﻛﻼﻣﻬﻢ ﻣﺜﻞ ﺻﻴﺎﺡ ﺍﻟﻐﺮﺍﻧﻴﻖ .
-5 ﻣﺎ ﻭﺟﻬﻪ ﻛﺎﻵﺩﻣﻲ ﻭﻇﻬﺮﻩ ﻛﺎﻟﺴﻠﺤﻔﺎﺓ ﻭﻓﻲ ﺭﺃﺳﻪ ﻗﺮﻥ ﻭﻛﻼﻣﻬﻢ ﻣﺜﺎﻝ ﻋﻮﻱ ﺍﻟﻜﻼﺏ .
-6 ﻣﺎ ﻟﻪ ﺷﻌﺮ ﺃﺑﻴﺾ ﻭﺫﻧﺐ ﻛﺎﻟﺒﻘﺮ .
-7 ﻣﺎ ﻟﻪ ﺃﻧﻴﺎﺏ ﺑﺎﺭﺯﺓ ﻛﺎﻟﺨﻨﺎﺟﺮ ﻭﺁﺫﺍﻥ ﻃﻮﺍﻝ … ﻭﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻋﺪﺩﻫﻢ ﺍﻟﻤﺴﻌﻮﺩﻱ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻷﻣﻢ
ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻢ ﻳﺨﻠﻖ ﺃﺟﻤﻞ ﻣﻦ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻷﺭﺽ ، ﻓﺎﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ” ﺧﻠﻖ ﺳﻴﺪﻧﺎ ” ﺇﺳﺮﺍﻓﻴﻞ ” ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭﻫﻮ ﺍﻷﻗﺮﺏ ﺻﻮﺭﺓ ﻣﻦ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ، ﻭﻳﻌﺘﺒﺮ ” ﺇﺳﺮﺍﻓﻴﻞ ” ﻣﻦ ﺃﻗﺮﺏ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ : ” ﻻ ﺗﻀﺮﺑﻮﺍ ﺍﻟﻮﺟﻮﻩ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﻮﺭﺓ ﺇﺳﺮﺍﻓﻴﻞ .”
ﻫﻨﺎﻙ ﺩﻟﻴﻞ ﻣﺎﺩﻱ ﻟﻮﺟﻮﺩ ﻣﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﺃﺷﺒﻪ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎﻥ ( ﻟﻬﺎ ﺩﻣﺎﺀ ) ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻌﻈﺎﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻛﺘﺸﻔﻬﺎ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻋﺎﻡ 1994 ﻡ ﻗﺮﺏ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﺒﺤﻴﺮﺍﺕ ﻓﻲ ﺇﺛﻴﻮﺑﻴﺎ ﺗﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﻣﻼﻳﻴﻦ ﺳﻨﺔ . ﻭﻓﻲ ﺷﻤﺎﻝ ﺷﺮﻕ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﺍﻛﺘﺸﻔﺖ ﺑﻌﺜﺔ ﻳﺎﺑﺎﻧﻴﺔ 400 ﻛﻬﻒ ﻗﺪﻳﻢ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﻛﻤﺤﻄﺔ ﻣﺮﻭﺭ، ﺇﺫ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺘﻨﻘﻠﻮﻥ ﺧﻼﻟﻬﺎ، ﻭﺃﻇﻬﺮﺕ ﺍﻟﻔﺤﻮﺻﺎﺕ ﺇﻧﻬﺎ ﻧﺤﺘﺖ ﺻﻨﺎﻋﻴﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻣﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﺷﺒﻴﻬﺔ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﻃﺒﻘﺔ ﺻﺨﻮﺭ ﻣﺸﺒﻌﺔ ﺑﻜﺮﺑﻮﻧﺎﺕ ﺍﻟﻜﺎﻟﺴﻴﻮﻡ ﻓﻲ ﺣﺪﻭﺩ 5 ﻣﻠﻴﻮﻥ ﺳﻨﺔ، ﻭﺃﻥ ﺳﺒﺐ ﺣﻔﺮﻫﺎ ﻳﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺃﻏﺮﺍﺽ ﺩﻓﺎﻋﻴﺔ ﻭﻗﺘﺎﻟﻴﺔ، ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﻋﻨﻴﻔﺔ ﻭﺷﺮﺳﺔ ﺗﺘﻘﺎﺗﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮﺍﺭ، ﺑﻞ ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺗﺄﻛﻞ ﻟﺤﻮﻡ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺍﻟﺒﻌﺾ، ﻭﺍﺳﺘﺨﺪﻣﺖ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻜﻬﻮﻑ ﻛﻘﺒﻮﺭ ﻹﻟﻘﺎﺀ ﺟﺜﺚ ﺍﻟﻘﺘﻠﻰ ﻭﺍﻟﻤﻮﺗﻰ ﺑﻬﺎ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮﻥ ﺳﻨﺔ ﺩﻓﻦ ﺍﻟﻤﻮﺗﻰ .
ﺑﻌﺪ ﺍﻧﺘﺼﺎﺭ ﺍﻟﺠﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻦ ﻭﺍﻟﺒﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ، ﺍﺳﺘﻔﺮﺩ ﺍﻟﺠﺎﻥ ﺑﺎﻷﺭﺽ ﻭﺳﻜﻨﻮﻫﺎ ﻟﻮﺣﺪﻫﻢ، ﻭﻣﻀﺖ ﺍﻟﺴﻨﻴﻦ، ﻭﺑﺪﻝ ﺃﻥ ﻳﺪﺍﻭﻣﻮﺍ ﺍﻟﺸﻜﺮ ﻟﻠﺮﺏ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺃﻧﻌﻢ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻌﻢ، ﻓﺴﺪﻭﺍ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺗﻘﺎﺗﻠﻮﺍ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻭﻋﺎﺙ ﺍﻟﺠﻦ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻭﻋﺼﻮﺍ ﺭﺑﻬﻢ ﻭﺍﺑﺘﻌﺪﻭﺍ ﻋﻦ ﻃﺎﻋﺘﻪ .. ﻓﺄﻣﺮ ﺍﻟﺮﺏ ﺟﻨﻮﺩﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺑﻐﺰﻭ ﺍﻷﺭﺽ ﻻﺟﺘﺜﺎﺙ ﺍﻟﺸﺮّ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﻤﻬﺎ ﻭﻋﻘﺎﺏ ﺑﻨﻲ ﺍﻟﺠﻦ ﻋﻠﻰ ﺇﻓﺴﺎﺩﻫﻢ ﻓﻴﻬﺎ، ﻭﻏﺰﺕ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﻗﺘﻠﺖ ﻣﻦ ﻗﺘﻠﺖ ﻭﺷﺮﺩﺕ ﻣﻦ ﺷﺮﺩﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻦ .. ﻭﻓﺮّ ﺍﻟﺠﻦ ﻭﺍﺧﺘﺒﺄﻭﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺰﺭ ﻭﺍﻟﺒﺤﺎﺭ ﻭﺃﻋﺎﻟﻲ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ .. ﻭﺑﻨﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﻭﺟﺪ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺻﺒﻴﺎ ﺻﻐﻴﺮﺍً ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻦ، ﻟﻢ ﻳﻘﺘﻠﻮﻩ ﺑﻞ ﺃﺧﺬﻭﻩ ﻣﻌﻬﻢ ﻭﺻﻌﺪﻭﺍ ﺑﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ، ﻓﺘﺮﺑﻰ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻘﻠﺪﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺴﺒﻴﺢ ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻟﻠﻪ ﺣﺘﻰ ﻏﺪﺍ ﻣﻦ ﺃﺷﺪ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺍﺟﺘﻬﺎﺩًﺍ، ﻭﺃﻛﺜﺮﻫﻢ ﻋﻠﻤًﺎ، ﻭﻋﺒﺎﺩﺓ ﻭﺗﻘﺪﻳﺴﺎً ﻟﻠﻪ، ﻓﻤﺎ ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻥ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺇﻻ ﻭﺳﺠﺪ ﻓﻴﻪ، ﻓﺄﻃﻠﻘﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺍﺳﻢ ﻋﺰﺍﺯﻳﻞ، ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﺷﺮﻑ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻭﻣﻦ ﺭﺗﺒﺔ ﺃﻭﻟﻰ ﺍﻷﺟﻨﺤﺔ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ، ﻓﺼﺎﺭ ﺃﻣﻴﺮﺍً ﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﺒﻲ ﻫﻮ ﺇﺑﻠﻴﺲ !..
ﺳﻨﻴﻦ ﻣﻀﺖ .. ﻭﺃﺧﺒﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻼﺋﻜﺘﻪ ﺃﻧﻪ ﺳﻴﺨﻠﻖ ﺑﺸﺮﺍً، ﻓﺨﻠﻖ ﺁﺩﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ، ﻭﺃﻣﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺃﻥ ﻳﺴﺠﺪﻭﺍ ﻵﺩﻡ ﺗﺸﺮﻳﻔﺎً ﻭﺗﻌﻈﻴﻤﺎً ﻟﻪ ﻓﺴﺠﺪﻭﺍ ﺟﻤﻴﻌًﺎ، ﻭﻟﻜﻦ ﺇﺑﻠﻴﺲ ﺭﻓﺾ ﺃﻥ ﻳﺴﺠﺪ، ﻭﺗﻜﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﺮ ﺭﺑﻪ، ﻓﺴﺄﻟﻪ ﺍﻟﻠﻪ – ﻋﺰ ﻭﺟﻞ – ﻭﻫﻮ ﺃﻋﻠﻢ : } ﻳﺎ ﺇﺑﻠﻴﺲ ﻣﺎ ﻣﻨﻌﻚ ﺃﻥ ﺗﺴﺠﺪ ﻟﻤﺎ ﺧﻠﻘﺖ ﺑﻴﺪﻱ ﺃﺳﺘﻜﺒﺮﺕ ﺃﻡ ﻛﻨﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟﻴﻦ { [ ﺹ 75: ]
ﻓَﺮَﺩَّ ﺇﺑﻠﻴﺲ ﻓﻲ ﻏﺮﻭﺭ : } ﺃﻧﺎ ﺧﻴﺮ ﻣﻨﻪ ﺧﻠﻘﺘﻨﻲ ﻣﻦ ﻧﺎﺭ ﻭﺧﻠﻘﺘﻪ ﻣﻦ ﻃﻴﻦ { [ ﺹ : 76 ]
ﻓﻄﺮﺩﻩ ﺍﻟﻠﻪ – ﻋﺰ ﻭﺟﻞ – ﻣﻦ ﺭﺣﻤﺘﻪ ﻭﺟﻌﻠﻪ ﻃﺮﻳﺪًﺍ ﻣﻠﻌﻮﻧًﺎ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : } ﻓﺎﺧﺮﺝ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﺈﻧﻚ ﺭﺟﻴﻢ ﻭﺇﻥ ﻋﻠﻴﻚ ﻟﻌﻨﺘﻲ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺪﻳﻦ { _ [ ﺹ : 78-77 ] .
ﻓﺎﺯﺩﺍﺩ ﺇﺑﻠﻴﺲ ﻛﺮﺍﻫﻴﺔ ﻵﺩﻡ ﻭﺫﺭﻳﺘﻪ، ﻭﻭﺟﺪ ﺍﻟﻤﻠﻌﻮﻥ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻹﻏﻮﺍﺀ ﺁﺩﻡ، ﻓﻌﺼﺎ ﺁﺩﻡ ﺭﺑﻪ، ﻭﻫﻨﺎ ﻋﺎﻗﺐ ﺍﻟﻠﻪ ﺁﺩﻡ ﺑﺎﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻭﺍﻟﻬﺒﻮﻁ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺭﺽ، ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺴﻜﻨﻬﺎ ﺍﻟﺠﻦ، ﻭﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﺇﺑﻠﻴﺲ ﺯﺣﺰﺣﺔ ﺁﺩﻡ ﻋﻦ ﺍﻷﺭﺽ، ﻟﻜﻨﻪ ﻧﺠﺢ ﻓﻲ ﺇﺣﺪﺍﺙ ﻓﺘﻨﺔ ﺑﻴﻦ ﺃﻭﻻﺩﻩ ﺑﺪﺃﺕ ﺑﻘﺘﻞ ﻗﺎﺑﻴﻞ ﻷﺧﻴﻪ ﻫﺎﺑﻴﻞ، ﻭﺑﻌﺪ ﻣﻮﺕ ﺁﺩﻡ ﺑﻔﺘﺮﺓ ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﺎﺛﺮﺕ ﺫﺭﻳﺘﻪ ﻭﺷﻌﺮ ﺍﻟﺠﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﺻﺎﺭﻭﺍ ﻳﻨﺎﻓﺴﻮﻧﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ، ﻇﻬﺮﺕ ﺍﻟﺠﻦ ﻋﻴﺎﻧﺎً ﻟﻠﺒﺸﺮ، ﻭﺟﻤﻊ ﺇﺑﻠﻴﺲ ﺟﻤﻮﻋﻪ ﻭﺃﻋﺪ ﻋﺪﺗﻪ ﻟﻠﻔﺘﻚ ﺑﺎﻹﻧﺲ، ﻭﻧﺸﻮﺓ ﺍﻧﺘﺼﺎﺭﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻦ ﻭﺍﻟﺒﻦ ﺗﻘﻮﺩﻫﻢ ﻟﻤﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﺒﺸﺮ، ﻭﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺤﺮﺝ ﻇﻬﺮ ﻣﻦ ﺫﺭﻳﺔ ﺁﺩﻡ ﺭﺟﻞ ﻋﻈﻴﻢ ﻭﻗﻮﻱ ﻭﻫﻮ ﻣﻬﻼﻳﻴﻞ ﺑﻦ ﻗﻴﻨﺎﻥ ﺑﻦ ﺃﻧﻮﺵ ﺑﻦ ﺷﻴﺚ ﺑﻦ ﺁﺩﻡ، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺳﻴﻘﻮﺩ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﻛﺒﺮﻯ ﻭﻓﺎﺻﻠﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﺠﻦ ..
﴿الحِن والبِن والجِن، الأقوام التي سبقت البشر على الأرض﴾ :
لم يخل تراث مجتمع أو قوم او حضارة من فكرة البحث عن إجابة لسؤال: «من سبقنا إلى هذا العالم؟»، وغالباً كان هذا السؤال مدخلاً لأساطير الآلهة القديمة، أو أرواح الأجداد، ولكن إجابته في القَصَص الإسلامي قد تشكَّلت في قالب الثقافة الإسلامية وتفسير نصوص القرآن، إذ أنه في القرآن الكريم، عندما أراد الله أن يخلق كائن الإنسان قال للملائكة: «إنّي جاعلٌ في الأرض خليفة»، فسألوه: «أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نُسٕبِحُ بحمدك ونُقَدِسُ لك».
في أبرز تفاسير القرآن، كتفاسير ابن كثير، والطبري، والقرطبي، نقرأ أكثر من تفسير لهذا السؤال – أعني سؤال الملائكة لله حول المخلوق الجديد – فثمة رأي يقول إنهم استنتجوا من كونه (خليفة) أنه سيقع بين البشر فساد وحروب، ما يستدعي تدخُل هذا الخليفة للفصل بينهم، ورأي غيره يقول إن الله قد أطلع الملائكة على صفات البشر فاستنتجوا منها نزوع بعضهم للشر والفساد، ورأي آخر – هو ما يعنينا هنا – يقول إن الملائكة كانوا يتساءلون لأنهم قد شهدوا خبرة سابقة لكائنات سكنت الأرض فأفسدت وسفكت الدماء، فمن هي هذه الكائنات؟ ..
في أكثر من كتاب من كتب التراث الإسلامي؛ كـ (البداية والنهاية لابن كثير)، أو (تاريخ الأمم والملوك للطبري)؛ أو (الحيوان للجاحظ)، أو (حياة الحيوان الكبرى للدميري)، أو (عرائس المجالس للثعلبي)، أو (أخبار الزمان للمسعودي)، وغيرها، نقرأ اسميّ (الحِن والبِن) باعتبارهما أول من سكن الأرض، ومن ورائهما (الجِن)، قبل أن يُخلَق الإنسان أصلاً! ..
وتقول القصة -المُجَمَّعة من أكثر من كتاب مما سبق ذكره- إن الله قد خلق أُمّتين هما (الحِن والبِن)، وأسكنهما في الأرض، فأفسدتا في الأرض وسفكتا الدماء، فسلّط الله عليهما الجِن فقتلوهما وطردوهما لجزر البحر، وسكن الجِن الأرض، ثم بعد ذلك تكرر ما جرى، فانقسم الجِن بين مؤمنين وكافرين، فاعتزل المؤمنون منهم الكافرين، وكان المؤمنون يطيرون للسماء صعوداً ويلتقون الملائكة ويحدّثونهم، ثم طغا الكافرون وتحاربوا، فأرسل الله جيشاً من الملائكة قتلهم وطردهم للجزر وقمم الجبال والأماكن النائية.
ويضيف (المسعودي) في كتابه (أخبار الزمان) أمماً خلقها الله قبل الإنسان تعيش في الفضاء، خُلِقَت من العناصر الأربعة (التراب، والماء، والنار والريح) هي ٢٨ أمة لأقوامها أشكال مختلفة، فمنهم قوم طوال خفاف لونهم أزرق لهم أجنحة وكلامهم الفرقعة، وقوم لهم أجنحة كثيرة كلامهم كصوت الطيور، وقوم بأجسام الأسود ورؤوس الطيور، وقوم لهم وجوه البشر وأجساد السلاحف، وهكذا .. وهذه الأمم التقت وتزاوجت فأنتجت ١٢٠ أمة!، ويروي (المسعودي) أيضاً قصة ينسبها للهنود والفُرس واليونان عن أن الجن كانوا ٢١ قبيلة، ثم بعد ٥٠٠٠ سنة نصبوا على رأسهم ملكاً اسمه (شمائيل بن أرس جن) ثم تفرّقوا تحت خمسة ملوك، وأغار بعضهم على بعض ووقعت بينهم حروب ودماء، فأرسل الله جيشاً من الملائكة فحاربهم جميعاً وهزمهم ودمّر سطوتهم.
وفي كتاب «الحيوان للجاحظ» نقرأ عن اختلاف الرأي بين من تناولوا شأن الحِن والبِن والجِن، فيقول بعضهم إنَّها أجناس مُختلفة، ويقول آخرون إن الجِن هم الجنس الأساسي، وإن الحِن هم الفئة الضعيفة من الجِن، بل ويذهب البعض إلى أن الحِن قد مُسِخوا كلاباً وأن منهم الآن كل كلب أبقع! ، ويذهب بعض الرواة والمُفسّرين إلى أن الجِن ليسوا جنساً بذاتهم، وإنَّما هم قبيلة من الملائكة ولُقِّبوا بالجِن لأنهم كانوا خزنة الجنة، بينما يفرق آخرون بين عنصريّ تكوين الملائكة والجِن، فالملائكة مخلوقون من نور النار، بينما الجِن خُلِقوا من طرف لهب النار، أو ما يصفه القرآن بـ «مارچ من نار».
في كل الأحوال لم يكُن غريباً على الفِكر الأسطوري في تراث المؤرخين العرب المسلمين أن ينشغل بقضية: «من كان قبلنا هنا؟!» ، فمن الناحيتين العلمية والدينية لا يوجد ما يمنع من افتراض أننا لسنا أول قوم على وجه الأرض، فإن كانت العلوم الجادة؛ كالتاريخ والأنثروبولوچي وعلوم تفسير النصوص الدينية، لا ترفض الفِكرة -بل ومنها ما يحتوي نصوصاً مُقدَّسة لأصحابها أو نظريات علمية رصينة تقر الأمر- فما بالنا بالفِكر الأسطوري المُتَّسع لكل شيء؟ ..
ودعونا نعترف هنا بخصوبة مخيلة أولئك الذين وقفوا عند تساؤل الملائكة: «أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء»، حين افترضوا أن السؤال يعني وقوع تجربة سابقة، فمجرد ذِكر الملائكة لكلمة (الدماء) هو أمر مثير للفضول في التحليل العقلي للنص القرآني، فكيف عرف الملائكة بوجود (الدماء) وارتباطها بفعل (السفك)، وارتباط سفك الدماء بـ (يفسد فيها)؟ ..
هذا أمر يقودنا بالفعل لفرضية وجود مخلوقات عاقلة سابقة للإنسان وقع منها الإفساد وسفك الدم، ما خلق لدى الملائكة هذه الخبرة (وهي تبقى واحدة من عِدَّة فرضيات لوجود فرضية أخبار الخالق لهم ببعض تفاصيل حياة المخلوق)، بالتالي فإن ذهاب البعض إلى هذه النتيجة هو أمر منطقي مترتب على تفكير مُنظَّم وجاد، أمَّا ما تلاه من تفاصيل وأسماء وتاريخ مفترض لملوك وأمم وحروب، فهو ما يمكننا وصفه بـ (اللمسة الأسطورية) في الأمر .. فالأسطورة لا تخلوا أحياناً من جانب ناتج عن تفكير منطقي.
بل ولم يقف التساؤل عند «من سكن الأرض قبلنا؟»، بل تجاوزه إلى «ما مصيرهم؟»، فقرر أنَّهم قد مُسِخوا إلى حيوانات، ولأن الكلب من الحيوانات المُرتبطة في الثقافة الإسلامية بالكائنات الخفية -مثله كمثل القطط والحيّات والعقارب مثلاً- فقد كان مناسباً لهذا الفِكر أن تصبح الهيئات الجديدة لأمة الحِن السابقة .. (بالمناسبة، ماذا عن البِن؟ لماذا لا يرد أي ذكر لهم سوى اسمهم؟ هل نستنتج من هذا أنَّهم -وفقاً للأسطورة- قد فنوا تماماً، أو أنَّهم قد هُزِموا من الحِن الذي هُزِموا بدورهم من الجِن؟).
الواقع أن أسطورة حكم الحِن والبِن والجِن للأرض هي مما لا يمكن أن نمر عليه مرور الكرام، في خضم قراءتنا وتحليلنا للأساطير من التراث العربي الإسلامي، فهي ليست مُجرَّد رواية خيالية بقدر ما لها من دلالات على أن الفِكر الأسطوري -عند المؤرخين والعلماء العرب المسلمين- لم يقف عند تفسير الظاهر من معاني الآيات القرآنية والواضح منها، بل تعدَّاه لتحليل الآية ثم التقاط ما بين سطورها واستخدامه لبناء أسطوري كامل، كذلك فإن لها دلالة على أن (ما قبل التاريخ) -وهو مصطلح يعني ما قبل التاريخ المكتوب وليس ما قبل وقوع التاريخ، فالتاريخ بطبيعة الحال قد سبق اختراع الكتابة- هو مما شغل عقلية العرب المسلمين إلى حد إنتاج هذه الرواية الأسطورية الثرية عنه.
التعليقات مغلقة.