هل نجح ميلر و يوري في خلق نموذج للحياه كما أشاع التطوريون؟

هل نجح “ميلر” و”يوري” في خلق نموذج الحياة كما أشاع التطوُّريون؟
فرضية الحساء البدائى Primordial Soup. وفوهات الاعماق الحاره :-

ادعت فرضية الحساء البدائى أن الحياة بدأت فى وقت مبكر من حياة الارض في محيطات مائية نتيجة لمزيج من المواد الكيميائية وبعض المركبات العضويه الاوليه من الغلاف الجوي، ونوعا من الطاقة لخلق حياه بدائيه .
اول من روج لنشر هذه الفكره بسخاء هو الروسي الملحد الكسندر ايفانوفيتش اوبارين حيث افترض ان جو الارض انذاك كان مختزل كيميائيا ثم بتعرضه لطاقه من نوع ما ينتج اشكال بسيطه من الحياه تتطور تدريجيا فى برك ومحيطات الحساء العضوى البدائى

وفى عام 1953 خرج طالب الدراسات العليا بجامعة شيكاغو ستانلى ميلر بسيناريو مفترض بتجربته الشهيره التى يدعى بانها نجحت بمحاكاة ظروف الارض فى وقت مبكر وتعزيز عمليه كيميائيه لانتاج لبنات الحياه
باستخدام خليط من المكونات التي ادعى أنها كانت تمثل القشرة الأرضية قديما وهى: (الماء، الميثان، الأمونيا، الهيدروجين) وتعريضها لطاقه كهربيه ممثله فى صعقات تمثل طاقة البرق وكانت النتيجه حصول ميلر على ماده عضويه ممثله فى احماض امينيه بسيطه كخطوة اولى للحياة فضلا عن كمية من “القطران كناتج بلمره .وكانت تلك التجربه بمثابة قشة الغريق للفكر الالحادى فتم الاحتفاء بها واعتمادها كنموذج عملى لمحاكاة ظروف خلق الحياه الاولى

اشكاليات الفرضيه :-

اوبارين أول من اقترح جو “الأرض البدائية” المختزل المكون من الماء، الميثان، الأمونيا، الهيدروجين وتابعه فى ذلك ميلر بتجربته لكن افتراضه اتى من كونه مختص بعلوم الكيمياء ولم ياتى من معطيات حقيقيه متوفره عن جو الارض البدائى وقام بتوليف المركبات الاوليه القادره على انتاج حساء عضوي و أدرك أيضا ضرورة استبعاد الأكسجين أوالمركبات المؤكسدة من الخليط
اى ان معطيات الافتراض والتجربه كانت انتقائيه بامتياز وغير ممثله للظروف الحقيقيه لجو الارض البدائى او حتى استندت الى اى معطيات متوافره وقتئذ ولذلك فأن تجربة ميلر لا تمثل ظروف الارض البدائه ومن اهم ما يواجهها من اشكاليات :-

*الاشكال الاول: هل كان هناك يوما حساءا بدائيا للحياه على الارض ؟:-
بعد مضي سنوات من تجربة ميلر التى حاكى فيها ظروف اوبارين المفترحه يبين التحليل الجيوكيميائى الدقيق أن الجو الذي ساد على الأرض لم يكن مختزلا كما افترض لتكوين الحساء البدائى للحياه وأن مثل هذه الاجواء المختزله ، إذا كانت موجوده فى أي وقت مضى، لكانت لم تدم طويلا.


1- الغلاف الجوى اللذى تمت محاكاته فى التجارب كتمثيل لنشأة الحياة يتألف في المقام الأول من غاز الميثان، والأمونيا، ومستويات عالية من الهيدروجين.ويجمع العلماء الان على رفض ذلك السيناريو
الجيوكيمائيين اليوم يعرفون أن الغلاف الجوي للأرض في وقت مبكر لم يحتوي على كميات ملموسة من هذه المكونات. والحقيقة أن الغلاف الجوي للأرض في وقت مبكر كان مختلفا جدا عما يفترض ميلر ولا احد يعرف على اى اساس استند ميلر فى تقدير تلك المكونات على انها محاكاه فعليه لجو الارض وقتها ويتفق العلماء على أن المصدر الرئيسي للغازات هو البراكين، والبراكين ينبعث منها اول اكسيد الكربون CO، وثانى اكسيد الكربون CO 2، والنيتروجين N 2 و بخار الماء، ومن المرجح لدى العلماء أن هذه الغازات كانت وفيرة جدا في الغلاف الجوي في وقت مبكرمن حياة الارض
http://www.sciencenews.org/sn_arc99/1_9_99/bob1.htm

ديفيد ديمر يعلق على ذلك الامر فى مجلة البيولوجيا الجزيئيه بقوله :-
This optimistic picture began to change in the late 1970s, when it became increasingly clear that the early atmosphere was probably volcanic in origin and composition, composed largely of carbon dioxide and nitrogen rather than the mixture of reducing gases assumed by the Miller-Urey model. Carbon dioxide does not support the rich array of synthetic pathways leading to possible monomers

http://mmbr.asm.org/content/61/2/239.abstract

2-التجارب المنتجه للاحماض الامينيه تفترض الغياب الكلى للاكسجين لانه عدو للتجربه ولكنه كان متواجد بوفره فى جو الارض البدائى
وجود الاكسجين الحر من شأنه ان يدمر اى ماده عضويه ناشئه ولذلك تجنب ميلر تلك الاشكاليه باستبعاد الاكسجين من جو التجربه لكن بخلاف ذلك فان الاكسجين تواجد وبوفره فى جو الارض البدائى
فعلى الرغم من تكون الغلاف الجوي للأرض في وقت مبكر الا انه يعتقد الآن أنه كان يتألف من كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون، وهذا الاستنتاج لا يزال ينطوي على الكثير من التكهنات .لكن الباحثين الان يعتقدون تماما أن غاز الاكسجين كان موجودا على الأرض في وقت مبكر لأن غلافها احتوى على الكثير من بخار الماء، والإنحلال الضوئي للمياه الناجم عن الأشعة فوق البنفسجية في الغلاف الجوي العلوي سيكون مصدرا رئيسيا للأكسجين الحر في الغلاف الجويحيث انتج الأكسجين بمعدلات مرتفعه للغاية على الأرض البدائية،لعدم وجود درع الأوزون (المصنوع من الأكسجين) لمنع ضوء الأشعة فوق البنفسجية وكشف تحليل أقرب عصور ما قبل الكمبري للصخور الرسوبية على وجود الأكسجين الحر، وبمستويات مماثلة لما هو عليه اليوم (ووكر، 1977)

كما نشرت مجلة العلوم عدد ديسيمر 1995 مقالا لجون كوهين يظهر ذلك بوضوح ويؤكد مخالفة جو الارض البدائى المفترض ان تحاكيه تجربة ميلر لما افترضه ميلر تماما مما يؤكد عدم صلاحيتها،
ولكن الجيولوجيا تحسم الامر تماما حيث تم العثوربواسطة الجيولوجين فى طبقات الارض القديمه على المعادن المؤكسدة (الهيماتيت) في وقت مبكر قبل 3.8 مليار سنة كدليل لا يقبل التشكيك على وجود الاكسجين بمعدلات مرتفعه جدا كما هى الان.
ثم توالت التأكيدات العلميه لكشوف تقر بوجود الأكسجين الحر فى غلاف الارض بعد وقت قريب جدا من تشكلها حيث تم اكتشاف وجود نطاقات واسعه من الكائنات الحيه المعتمده على التمثيل الضوئى لحياتها photosynthetic organisms
وفى نفس الاطار نشرت نيتشر في نوفمبر 1996 نتائج ، SJ Mojzsis من معهد سكريبس لعلم المحيطات بوجود النظائرالداله على ان الأيض الخلوي كان يجري قبل 3.8 بليون سنة .
توالت الدرسات والتأكيدات من قبل الجيوكيميائين بتداول تلك الكشوف ففى عام 2004 نشرت مجلة العلوم حول الامر لتقول ان الظروف المؤكسدة، وبالتالي التمثيل الضوئى تواجدت على كوكب الارض منذ اكثر من 3,7 مليارسنه و أن الحياة كانت موجودة تقريبا في أقرب وقت كانت الأرض قادرة على دعم ذلك،

ولكن تجربة ميلر ويوري وشبيهتها لايمكن ان تتم فى مجال مؤكسد يحتوى على الاكسجين كما اكد ميلر ذلك بنفسه وهذا يناقض ما كانت عليه طبيعة الغلاف الجوى فى تلك العهود المبكره بالاضافه لاختلاف المكونات الاخرى اللازمه لتكون الحساء البدائى فان هذه المحاكاه وشبيهيتها لا يمكن الاستدلال بها على تفسير نشوء الحياه الاولى على الارض
يدعى المدافعين عن نموذج ميلر وبدون اى دليل حقيقى بان الاكسجين لم يتواجد بنسبه تذكر فى الغلاف الجوى قبل 2،4 مليار سنه بمعطيات قديمة عفى عليها الزمن ،
ولكن اغلب علماء الجيولوجيا اليوم يؤكدن تواجده بنفس نسبة وجوده اليوم فى الغلاف الجو بل وفى اعماق البحار قبل 3.46 مليار سنه من هذا الوقت وتؤكد اسبقية البكتيريا الخضراء المزرقه المنتجه للاكسجين قبل ذلك بملايين السنين كما اسلف ذكره
نشرت العلوم عدد مارس 2009 تقول
((In fact, the researchers suggest that to have sufficient oxygen at depth, there had to be as much oxygen in the atmosphere 3.46 billion years ago as there is in today’s atmosphere. To have this amount of oxygen, the Earth must have had oxygen producing organisms like cyanobacteria actively producing it, placing these organisms much earlier in Earth’s history than previously thought.
و تاه عن بال المدافعين عن نموذج ميلر والقائلين بغياب الاكسجين من جو الارض المبكر حقيقه اوليه وتبعاتها وهى :-
*- إذا لم يكن هناك اكسجين فى ذلك الوقت من عمر نشوء الحياه فلن يكون هناك اوزون ، لذلك لن تكون هناك حمايه من الأشعة فوق البنفسجية التى تنفذ لتدمر المواد الكيميائية الحيوية المتكونه فى الحساء البدائى المزعوم
http://link.springer.com/article/10.1007%2FBF02105809
(ص 92)
https://www.sciencemag.org/content/270/5244/1925.summary

http://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC2869525/

http://scholar.google.com/citations?
view_op=view_citation&hl=en&user=tsaCqu8AAAAJ&citation_for_view=tsaCqu8AAAAJ:2osOgNQ5q
MEC

http://www.amazon.com/The-Mystery-Lifes-Origin-Reassessing/dp/0802224466
ص80
http://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S0012821X03006095
http://meetings.copernicus.org/www.cosis.net/abstracts/EGU05/11202/EGU05-J-11202-1.pdf

http://www.sciencedaily.com/releases/2009/03/090324131458.htm

3- هل هناك أي ادله جيوكيميائيه على وجود حساء بدائى من أي وقت مضى على الارض ؟
. إذا كان هناك فى أي وقت مضى حساءا من مركبات عضويه اوليه لاحماض امينيه اوغيرها كما هو مفترض فلابد أن تحتوي الصخور الرسوبيه القديمه على علامات واضحه وطبقة كبيرة بسمك يتراواح بين (1-10 متر) من القطران تطوق الأرض لانها من نواتج التفاعل الاولى كما بينت تجارب انتاج الاحماض الامينيه ، ولكن ليس هناك أى ادله جيولوجيه كشفت عن هذه الطبقة
ولم يكتشف أي دليل جيوكيميائى انه كان هناك حساء فى عمر الارض المبكروكان لابد للصخور الرسوبيه فى تلك الفترة الزمنية أن تحتوي على “نسبة كبيرة بشكل غير اعتيادي من الكربون أو المواد الكيميائية العضوية” لكن هذا لم يحدث
ولا توجد اى احافير يمكن ان يدل تحليلها الكيميائى على خطوات ما قبل الحياه prebiotic stage وخطوت ظهور الحياه على الارض وهذا يؤهل لنتيجه واضحه ان كل ما يطرح من سيناريوهات هو مجرد فروض بدائيه غير مدعومه بل ومتناقضه مع الشواهد العلميه
.
http://link.springer.com/article/10.1007%2FBF00926779
ص 27
http://www.sciencemag.org/content/174/4004/53.abstract
ص 53-55

http://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC224325/
ص 1365-1372

http://www.nap.edu/openbook.php?isbn=0309042461
ص 66و67و126
amazon.com/Biogenesis-Theories-Origin-Noam-Lahav/dp/0195117557
ص 138-139

مصيرتجارب الحساء البدائى :-
ورغم تلك المشاكل المنهجيه القاتله فى اصل الاستدلال بتجارب ميلر ومثيلتها على امكانية نشأة الحياه على الارض بطرق طبيعيه عشوائيه الا انه كان هناك سببا وجيها للتمسك بها ( وهو نفس السبب اللذى يجعل العلماء يتمسكون بالتطور الداروينى لتبرير تنوع الاحياء)وهو عدم وجود بديل مقترح افضل منه (بعيدا عن الخلق الالهى كحقيقه اوليه ) وهو ما يقره جوناثان ويلز، عالم الأحياء التنموية،فى كتابه ايقونات التطور
(( نحن لا زلنا جاهلون جهلا عميقا بكيفية نشأة الحياة. ومع ذلك لازالت تجربة ميلر أوري تستخدم كأيقونه للتطور، لأنه لم يظهر شيء أفضل . وبدلا من قول الحقيقة، اعطينا انطباعا مضللا أن العلماء أثبتوا تجريبيا الخطوة الأولى في أصل الحياة))
So we remain profoundly ignorant of how life originated. Yet the Miller-Urey experiment continues to be used as an icon of evolution, because nothing better has turned up. Instead of being told the truth, we are given the misleading impression that scientists have empirically demonstrated the first step in the origin of life
http://www.amazon.com/Icons-Evolution-Science-Teach-About/dp/0895262002
ص 24

ولكن نتيجه للتشكيك العلمى الواضح و بعد ما يقارب القرن من اعتماد نموذج الحساء البدائى فى الدوجما البيولوجيه باعتباره ايقونه تطوريه مسلم بها تخلى جمهور العلماء عن التمسك به لتهافته وعدم صلاحيته واضطر انصار التطور والنشأة العشوائيه الى البحث عن سيناريو بديل .حتى صرح نيك لين وفريقه بجامعة لندن كلية الكيمياء الحيوية في عام 2010، بأن نظرية الحساء البدائي “لا تصمد” وأنها من الماضى

وبدلا من ذلك، فقد اقترح أن الحياة نشأت في الفتحات الحرارية المائية تحت سطح البحر
.لكن وبالاضافه الى انها فرضيه مقترحه فقط للخروج من الازمه ولا يقوم علي دعمها اى دليل فانها ايضا تواجهه مشاكل تضعها هى ايضا فى نطاق المستحيل العلمى ولا تعدو بها حد الخرافه بسبب ما سيلى ذكره من اشكاليات تواجهها جنبا الى جنب مع الفرضيه السابقه


التعليقات مغلقة.