هل يجوز بيع جلد الاضحيه؟

السؤال
تقوم لجان المساجد بجمع جلود الأضاحي وبيعها لمؤسسات صناعة الجلود وصرف ثمنها في بناء المساجد ويحتجون بأن كثيرا من الناس اليوم لا يحتاجونها ويقومون برميها فهل يجوز هذا الفعل ؟ وهل يجوز للشخص إعطاء جلد الأضحية لهؤلاء إذا قصدوا بيته وهو يعلم مسبقا أنهم سوف يبيعونها ؟
الجواب

أولا :
لا يجوز للمضحي أن يبيع جلد أضحيته ؛ لأنها بالذبح تعينت لله بجميع أجزائها ، وما تعيّن لله لم يجز أخذ العوض عنه ، ولهذا لا يعطى الجزار منها شيئا على سبيل الأجرة .
وقد روى البخاري (1717) ومسلم (1317) واللفظ له عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ : أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهَا وَجُلُودِهَا وَأَجِلَّتِهَا وَأَنْ لَا أُعْطِيَ الْجَزَّارَ مِنْهَا . قَالَ : نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا .
قال في “زاد المستقنع” : ” ولا يبيع جلدها ولا شيئا منها ، بل ينتفع به “.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرحه (7/514) : ” وقوله : “ولا يبيع جلدها” بعد الذبح؛ لأنها تعينت لله بجميع أجزائها ، وما تعين لله فإنه لا يجوز أخذ العوض عليه
وقوله : “ولا شيئاً منها” ، أي لا يبيع شيئاً من أجزائها ، ككبد ، أو رجل ، أو رأس ، أو كرش ، أو ما أشبه ذلك ، والعلة ما سبق ” انتهى .

وبهذا يعلم أن المشروع هو الانتفاع بالجلد أو التصدق به على مستحقه من فقير أو مسكين .
ولو تصدق المضحي بالجلد على فقير ، فباعه الفقير ، فلا حرج على واحد منهما .
قال الشيخ محمد المختار الشنقيطي حفظه الله : ” أما إذا كان هناك شركة تشتري الجلد في نفس المسلخ ، وأعطيته الفقير ، ثم ذهب الفقير وباعه لهذه الشركة أو لهذه المؤسسة ، فلا بأس ” انتهى من “شرح زاد المستقنع ” .
ثانيا :
أما بيع الجلد والتصدق بثمنه ، فقد اختلف فيه أهل العلم ، فمنهم من أجاز ذلك ، وهو مذهب الحنفية ورواية عن أحمد رحمه الله ، ومنعه الجمهور .
قال في “تبيين الحقائق” (6/9) : ” ولو باعهما بالدراهم ليتصدق بها جاز ; لأنه قربة كالتصدق بالجلد واللحم “.
وقال ابن القيم رحمه الله في “تحفة المودود بأحكام المولود” ص 89 : ” وقال أبو عبد الله بن حمدان في رعايته : ويجوز بيع جلودها وسواقطها ورأسها والصدقة بثمن ذلك ، نص عليه [أي الإمام أحمد]…
قال الخلال : وأخبرني عبد الملك بن عبد الحميد أن أبا عبد الله [يعني الإمام أحمد] قال : إن ابن عمر باع جلد بقرةٍ وتصدق بثمنه .
وقال إسحاق بن منصور : قلت لأبي عبد الله : جلود الأضاحي ما يصنع بها ؟ قال : ينتفع بها ويتصدق بثمنها . قلت : تباع ويتصدق بثمنها ؟ قال : نعم ، حديث ابن عمر ” انتهى .
وينظر : “الإنصاف” (4/93).
وقال الشوكاني رحمه الله في “نيل الأوطار” (5/153) : ” اتفقوا على أن لحمها لا يباع فكذا الجلود. وأجازه الأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وهو وجه عند الشافعية قالوا : ويصرف ثمنه مصرف الأضحية ” انتهى .
وعلى هذا ؛ فلا حرج في إعطاء الجلود للجمعيات الخيرية التي تتولى بيعه والتصدق بثمنه ، وهذا من المشاريع النافعة ؛ لأن أكثر الناس لا ينتفعون بجلد الأضحية ، فبيع الجلد والتصدق به فيه تحقيق للمصلحة المقصودة ، وهو نفع الفقراء ، مع السلامة من المحذور وهو اعتياض المضحي عن شيء من أضحيته .
مع التنبيه على أن الأضحية يُعطى منها للأغنياء على سبيل الهدية ، فلو نوى المضحي أنه أعطى الجلد هدية للجمعية الخيرية التي تقوم بجمعه ، فلا حرج في ذلك .
ثم تقوم الجمعية ببيعه والتصدق بثمنه فيما شاءت من الأعمال الخيرية .
والله أعلم .

التعليقات مغلقة.