كاميرون هارين و متلازمة صك الغفران للرجل الوسيم.

كاميرون هارين و متلازمة صك الغفران للرجل الوسيم.

خلف هذا الوجه الوسيم و في بحر هاتين العينين الجميلتين و وراء هذه الكِمامة شخص كان في الـ 18 مما أنقضى من عمره ، و بسيارة فاخرة تدعى “فورد موستينج” كان يقودها بتهور و بسرعة مفرطة في سباق غير مرخص و غير شرعي مع أصدقائه قام بقـ.ـتل روحين جميلتين ، أمًّاً تدعى “جيسيكا” و أبنتها التي تدعى “ليليا” ، لم يكن حادثاً عادياً بل كان سحقاً بالمعنى الحرفي.

القضاء الأمريكي لم يعتبر الحادثة قـ.ـتلاً غير عامد ، و أدان المتهم بعد 3 سنوات بـ 24 سنة سجناً عقاباً له ؛ فهو حتى لو لم يكن هدفه القـ.ـتل فقد فرَّط في كل الأسباب التي تمنع القـ.ـتل و جعل القـ.ـتلَ خياراً ممكنًا بشكل كبير.

أنطلقت حملات تعاطف واسعة مع هذا الشاب الوسيم و بدأت الفتيات يطالبن بتخفيف العقوبة و يلتمسن له الرحمة و يغيرن صور حساباتهن ليضعن صورته ، بل كانت ألسنتهن تلهج بالأماني و ربما الدعاء أن يُبرَّأ مما أدين به و بعضهن تبرعت بأبيها و أخرى بأخيها و أقاربها ، و بعضهن تمنت أن تكون معه في السجن ، في صورة تعكس حجم الجهالة التي غزت العقول و تبين عوار الفكر و صدأه ، و تتجلى فيها عاطفة هائجة لا حدود لها دون ضابط أو قيد ، و التبرير الوحيد كان وسامَتَه.

الجمالُ عند جمهور الفتيات الداعمات له يشفع لما أقترفَه من الإثم الفاحش ، أما القـ.ـتلُ و إختطاف روحين لم يشفع لهن جمالهن ليحظين بشفقة و تعاطف معجبات كاميرون و لم تُتناقل صورهن ليحظين بمشاعر المتأثرات و عويلهن و بكائهن.

هذه الحادثة تعود بالذاكرة لقـ.ـاتل أمريكي متسلسل يدعى إسم شهرته “تيد بوندي” قـ.ـتل 40 فتاة و أعتدى عليهن إغتـ.ـصاباً بعد القتل ، و عند النطق بالحكم عليه حضرت الفتيات ليقدمن له الدعم بسبب وسامته و طالبن بالإفراج عنه، و تجاهلن أفعاله الشنيعة و هوسه بالقـ.ـتل و الإغتـ.ـصاب.

هذه العاطفة في أكثر صورها تطرفاً و رغم الفارق الكبير بين الجريمتين إلا إن القاسم المشترك ما زال حاضراً و الوسامة صك غفران في صورة من العته العاطفي ، تلك العاطفة التي تغضب كثيراً من الفتيات عند وصمهن بها و التحذير من خطر الإفراط في إستخدامها. و لكن الأمر لا يتوقف على المجرمين فحسب -و إن كانت الظاهرة في أبشع صورها بما يتعلق بالقـ.ـتل- فالفتيات كذلك يطبقن ذات الأمر على الشـ.ـهداء و الجرحى و المناضلين و الثوار ، فإن كان وسيماً تبنَّتْه قلوبهن و أمتلأت حساباتهن بصوره و تجرأن على وضعه صورة للحساب.

هذا التطرف العاطفي الأنثوي تجاه الجريمة و الإغتـ.ـصاب و النضال و الثورة و حتى الشهادة و رغم تناقض هذه المسميات خطير و ينذر بإختراق و تمزيق لنسيج المجتمعات ، في الوقت الذي تقـ.ـاتل فيه النسـ.ـويات من أجل إجتثاث معاني الرجولة مستغلاتٍ حالات الجريمة و المظالم التي تتعرض لها المرأة ، لكن سكوتهن عن الشاب الوسيم في الجريمة و الإغتـ.ـصاب و التحـ.ـرش يكشف عوار منهجهن و هن اللواتي ينتظرن أي جريمة عائلية أبوية ليجعلنها جريمة الموسم و يتحدثن بكل حرقة عنها.

و لهذا جاء الإسلام و هذب العواطف و وضع القواعد و الضوابط ليتناسب تباينها و إختصاصها بالذكر و الأنثى مع الحالة العاطفية و النفسية و البيولوجية لكل منهما.

الجريمة تبقى جريمة أيا كان مرتكبها و لا شفاعة إلا بإقامة الحد و إحقاق الحق.

{أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ}

التعليقات مغلقة.