قلنا يا رسولَ اللَّهِ ما لنا إذا كنَّا عندكَ رقَّت قلوبنا وزهدنا في الدُّنيا وكنَّا من أهلِ الآخرةِ فإذا خرجنا من عندكَ فآنسنا أهالينا وشَمَمنا أولادَنا أنكَرنا أنفسَنا

  • قلنا يا رسولَ اللَّهِ ما لنا إذا كنَّا عندكَ رقَّت قلوبنا وزهدنا في الدُّنيا وكنَّا من أهلِ الآخرةِ فإذا خرجنا من عندكَ فآنسنا أهالينا وشَمَمنا أولادَنا أنكَرنا أنفسَنا فقالَ رسولُ اللَّهِ ﷺ لو أنَّكم تكونونَ إذا خرجتُم من عندي كنتُم على حالِكم ذلكَ لزارتكمُ الملائكةُ في بيوتِكم ولو لم تذنبوا لجاءَ اللَّهُ بخَلقٍ جديدٍ كي يذنِبوا فيغفِرَ لَهُم قالَ قلتُ يا رسولَ اللَّهِ ممَّ خُلِقَ الخلقُ قالَ منَ الماءِ قلنا الجنَّةُ ما بناؤها؟ قالَ لَبِنةٌ من فضَّةٍ ولَبِنةٌ من ذهبٍ ومِلاطُها المسكُ الأذفَرُ وحصباؤها اللُّؤلؤُ والياقوتُ وتربتُها الزَّعفرانُ من دخلَها ينعَمُ لاَ يبأسُ ويخلُدُ لاَ يموتُ لا تبلى شبابُهم ولاَ يفنى شبابُهم ثمَّ قالَ ثلاثٌ لاَ تردُّ دعوتُهم الإمامُ العادلُ والصَّائمُ حينَ يفطِرُ ودعوَةُ المظلومِ يرفعُها فوقَ الغمامِ وتفتَّحُ لها أبوابُ السَّماءِ ويقولُ الرَّبُّ عزَّ وجلَّ وعزَّتي لأنصرنَّكِ ولو بعدَ حينٍ
    الراوي : أبو هريرة | المحدث : المباركفوري | المصدر : تحفة الأحوذي

    الصفحة أو الرقم: 6/391 | خلاصة حكم المحدث : في سنده زياد الطائي وهو مجهول ومع هذا رواه عن أبي هريرة مرسلا

التخريج : أخرجه الترمذي (2526)، وأحمد (8043) باختلاف يسير.


قُلنا يا رسولَ اللَّهِ : ما لَنا إذا كنَّا عندَكَ رقَّت قلوبُنا ، وزَهِدنا في الدُّنيا ، وَكُنَّا من أَهْلِ الآخرةِ ، فإذا خَرجنا من عِندِكَ فآنَسنا أَهالينا ، وشَمِمنا أولادَنا أنكَرنا أنفسَنا فقالَ رسولُ اللَّهِ ﷺ : لو أنَّكم تَكونونَ إذا خرجتُمْ من عندي كنتُمْ على حالِكُم ذلِكَ لزارتْكمُ الملائِكَةُ في بيوتِكُم ، ولو لم تُذنِبوا لجاءَ اللَّهُ بخَلقٍ جديدٍ كي يُذنِبوا فيغفرَ لَهُم قالَ : قلتُ يا رسولَ اللَّهِ ممَّ خُلِقَ الخلقُ ؟ قالَ : منَ الماءِ ، قلتُ : الجنَّةُ ما بناؤُها ؟ قالَ : لبِنةٌ من فضَّةٍ ولبنةٌ من ذَهَبٍ ، وملاطُها المسكُ الأذفرُ ، وحصباؤُها اللُّؤلؤُ والياقوتُ ، وتُربتُها الزَّعفرانُ مَن دخلَها ينعَمُ ولا يبأسُ ، ويخلدُ ولا يموتُ ، لا تبلَى ثيابُهُم ، ولا يفنى شَبابُهُم ثمَّ قالَ : ثلاثٌ لا تُرَدُّ دعوتُهُم ، الإمامُ العادلُ ، والصَّائمُ حينَ يُفطرُ ، ودعوةُ المظلومِ يرفعُها فوقَ الغمامِ ، وتُفتَّحُ لَها أبوابُ السَّماءِ ، ويقولُ الرَّبُّ تبارك وتعالى : وعزَّتي لأنصرنَّكِ ولو بعدَ حينٍ .
الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي
الصفحة أو الرقم: 2526 | خلاصة حكم المحدث : صحيح دون قوله مم خلق الخلق
التخريج : أخرجه الترمذي (2526)، وأحمد (8043) باختلاف يسير.


كان النَّبيُّ ﷺ كثيرًا ما يَجلِسُ مع أصحابِه، وكانت أغلَبُ هذه المجالِسِ فيها تذكيرٌ باللهِ سُبحانه وتَعالى، وتَتضمَّنُ الموعظةَ والتَّعليمَ بما يكونُ فيه نفْعٌ في الدِّين
وفي هذا الحديثِ يَقولُ أبو هُريرةَ رضِيَ اللهُ عنه: “قُلْنا”، أي: أصحابُ النَّبيِّ ﷺ، “يا رسولَ اللهِ، ما لنا”، أي: يَتعجَّبون مِن حالِهم، “إذا كُنَّا عندَك” في مَجلِسِك نَسمَعُ الذِّكْرَ والحِكمةَ والموعظةَ، “رقَّتْ قُلوبُنا”، أي: لَانَتْ قُلوبُنا وكانت صافيةً، “وزَهِدْنا في الدُّنيا”، أي: شَعَرْنا بعَدمِ الحاجةِ إليها وترَكْنا التَّفكُّرَ فيها، وتَقلَّلنا مِن متاعِها، ولم نُبالِ بما فيها، “وكنَّا مِن أهْلِ الآخرةِ”، أي: كانتِ الآخرةُ هي ما نَسْعى إليها ونَرْجُوها، فنَذكُرُها ونَعمَلُ لها، “فإذا خرَجْنا مِن عندِك”، أي: انصَرَفْنا، ورجَعْنا بعدَ سَماعِ الذِّكرِ إلى بُيوتِنا، “فآنَسْنا أهالِينا”، أي: كنَّا مُخالِطينَ مُمازحينَ لِأهْلِ بيْتِنا، “وشَمَمْنا أولادَنا”، أي: قبَّلْنا ولَعِبْنا مع أولادِنا، “أنكَرْنا أنفُسَنا”، أي: لم نَعرِفْ مِن أنفُسِنا ما كانت عليه مِن لِينِ القُلوبِ وصَفائِها، ومِن الزُّهدِ في الدُّنيا، “فقال رسولُ اللهِ ﷺ: لو أنَّكم تكونونَ إذا خرَجْتُم مِن عندِي كنتُمْ على حالِكم ذلك”، أي: لو استمَرَّ حالُكم على ما أنتُمْ عليه، وانصَرَفْتُم مِن عندِي، ودُمْتُم على ذلك؛ مِن نَقاءِ القُلوبِ وصَفاءِ النُّفوسِ، والإعراضِ عن الدُّنيا والإقبالِ على الآخرةِ، “لَزارَتْكُم الملائكةُ في بُيوتِكم”، أي: تَعودُكم وتأْتيكم في مَنازلِكم بيْن أهْلِيكم، “ولو لم تُذْنِبوا”، أي: تُخطِئوا وتَرتَكِبوا المعاصِيَ، “لَجاءَ اللهُ بخلْقٍ جديدٍ”، أي: لَأنشَأَ اللهُ خلْقًا آخرينَ مِن أنفُسِكم أو مِن غَيرِكم، “كي يُذنِبُوا، فيَغفِرَ لهم” ويتوبَ عليهم ويَعفُوَ عنهم، قال أبو هُريرةَ رضِيَ اللهُ عنه: “قلْتُ: يا رسولَ اللهِ، مِمَّ خُلِقَ الخلْقُ؟” أي: مِن أيِّ شَيءٍ خلَقَ اللهُ الخلْقَ؟ قال النَّبيُّ ﷺ: “مِن الماءِ”، أي: أصْلُ خِلقَتِهم مِن الماءِ. وقيل: يعني مِن ماءِ النُّطفةِ، “قلْتُ: الجنَّةُ ما بِناؤها؟” أي: ما الموادُّ الَّتي خُلِقَت أو بُنِيَت منها؟ قال ﷺ: “لَبِنةٌ مِن فِضَّةٍ، ولَبِنَةٌ مِن ذهَبٍ”، واللَّبِنةُ في الدُّنيا هي قالبٌ يكونُ مُستطيلًا، أو مُربَّعًا يكونُ مَضروبًا مِن الطِّينِ يُستخدَمُ في البِناءِ، فأخبَرَ النَّبيُّ ﷺ أنَّ بِناءَ الجنَّةِ يكونُ مَرصوصًا لَبِنةً مِن الفِضَّةِ، وأُخرى تكونُ مِن ذهَبٍ، “ومِلاطُها” والمِلاطُ: هو التُّرابُ الَّذي يُمزَجُ بالماءِ، فيكونُ طِينًا يُستخدَمُ لِربْطِ اللَّبِناتِ بعضِها ببعضٍ؛ حتَّى يَملَأَ ما بيْنها مِن فراغاتٍ، فأخبَرَ النَّبيُّ ﷺ أنَّ هذا المِلاطَ الَّذي يكونُ بيْن لَبِناتِ الجنَّةِ يكونُ مِن “المِسكِ الأَذْفَرِ”، أي: يكونُ مَخلوطًا بالمِسكِ شَديدِ الرَّائحةِ الطَّيِّبةِ، “وحَصباؤُها”، أي: إنَّ حصى الجنَّةِ الصَّغيرَ هو “اللُّؤلؤُ والياقوتُ، وتُربَتُها الزَّعفرانُ”، أي: إنَّ تُربةَ أرْضِها في شَكْلِها تكونُ مِن الزَّعفرانِ الطَّيِّبِ، “مَن دخَلَها يَنعَمُ”، أي: يكونُ مُنعَّمًا بما فيها، “ولا يَبأَسُ”، أي: لا يكونُ في شِدَّةٍ ولا يَفتقِرُ، “ويَخلُدُ”، أي: تكونُ حياتُهم حياةً أبديَّةً دائمةً، “ولا يَموتُ”، أي: لا يَفقِدون حياتَهم ولا يَفْنَون، “لا تُبْلى ثِيابُهم”، أي: إنَّ ملابِسَهم لا تكونُ مُتَّسِخةً ولا قديمةً، بلْ تكونُ جديدةً، “ولا يَفْنى شَبابُهم”، أي: إنَّ شبابَهم دائمٌ ومُستمِرٌّ لا يَتغيَّرُ، فلا يُصيبُهم الهرَمُ وكِبَرُ السِّنِّ، “ثمَّ قال النَّبيُّ ﷺ: “ثلاثٌ”، أي: ثلاثُ أصنافٍ مِن النَّاسِ، “لا تُرَدُّ دَعوتُهم”، أي: إنَّ دُعاءَهم يكونُ مُستَجابًا ومَقبولًا، وهم: “الإمامُ العادلُ”، أي: الحاكمُ الَّذي لا يَظلِمُ النَّاسَ ويَنظُرُ في مصالِحِ رَعيَّتِه، “والصَّائمُ” الَّذي امتنَعَ عن الطَّعامِ والشَّرابِ وترَكَ الشَّهواتِ، “حينَ يُفطِرُ” عندَ إفطارِه وقْتَ غُروبِ الشَّمسِ، “ودَعوةُ المظلومِ” وهو مَن اعْتُدِيَ عليهِ بغيرِ حقٍّ؛ فإنَّ دُعاءَه ودَعوتَه على مَن ظلَمَهُ، “يَرفَعُها”، أي: تَصعَدُ دَعوتُه بإذنِ اللهِ، “فوقَ الغَمامِ”، أي: السَّحابِ، “وتُفتَحُ لها أبوابُ السَّماءِ”، أي: تكونُ مَداخِلُ السَّماءِ لدَعوةِ المظلومِ مَفتوحةً، ويقولُ الرَّبُّ تَباركَ وتَعالى: “وعِزَّتي” يُقسِمُ اللهُ بعِزَّتِه الَّتي هي عظَمتُه وسُلطانُه، “لَأنصُرنَّكَ”، أي: أستَجِيبُ دُعاءَك ولا أُهْدِرُ حقَّكَ، “ولو بعدَ حِينٍ”، أي: ولو مَضى وقْتٌ طويلٌ.

وفي الحديثِ: تَعهُّدُ الإمامِ رعيَّتَه بالموعظةِ حِينًا بعدَ حِينٍ.
وفيه: بَيانُ صِفَةِ الجنَّةِ وجَمالِها.
وفيه: الزَّجرُ عن الظُّلمِ، والتَّخويفُ مِن دَعوةِ المظلومِ.

التعليقات مغلقة.