الحلم قد يحتوي على أحداث سنة كاملة بتفاصيلها من حب إلى زواج إلى طلاق إلى جريمة ومع هذا لا يستغرق بحساب الساعة أكثر من ثانية
السياق الزمني في النوم غريب
إنه زمن آخر غير زمن الساعة .. فالحلم قد يحتوي على أحداث سنة كاملة بتفاصيلها من حب إلى زواج إلى طلاق إلى جريمة ومع هذا لا يستغرق بحساب الساعة أكثر من ثانية ..
والعكس يحدث أحياناً فتمر على النائم عشر ساعات وفي ظنه أن عقرب الساعة لم يتحرك إلا دقائق معدودة ..
الزمن يتخلص من قيود الساعة أثناء النوم .. ويخضع لتقدير آخر هو تقدير المخيلة التي توسع وتضيق فيه على حسب ازدحامها بالحوادث والرغبات .. إنه من صناعة النائم وخلقه .. فهو ذاتي صرف ..
النائم كالفنان الذي يؤلف قصة .. يخلق زمن القصة كما يريد .. ويعيش في قمقم خرافي من أوهامه .. يتمطى فيه ويصرخ بالرغبة التي يحبها .. في حرية مطلقة تصل إلى حد العبث ..
ومعظم أحلامنا عبث في عبث .. وأمنيات مستحيلة .. ولكننا نعيشها كما نريدها ونحن نائمون ..
والنوم أرخص أنواع الحياة من حيث الكلفة .. فمقدار السكر والأكسجين الذي يحتاجه النائم ليستمر في الحياة أقل بكثير من المقدار الذي يحتاجه في اليقظة .
والإنسان الذي يعيش مائة سنة بين نوم ويقظة يستطيع أن يعيش ثلاثمائة سنة إذا عمل على حسابه أن ينامها كلها ..
ومادة النوم رخيصة .. لأن الإنسان يقترب فيه من التراب .. ويعود إلى الآلية الكيميائية المتأصلة في خلاياه من بداية الحياة …
..
كتاب : لغز الموت
د. مصطفى محمود رحمه الله
التعليقات مغلقة.