جملة كريمة في آية أخبرنا بها الله سبحانه تبين ماتقوم به الملائكة من رعاية العباد وكتابة أقوالهم وأفعالهم

الدعوة الي [ القرأن تدبر وعمل ] إجابة السؤال: ( ٤٢٣ )

السؤال: ( ٤٢٣ )
{ أذكر جملة كريمة في آية أخبرنا بها الله- سبحانه- تبين ماتقوم به الملائكة من رعاية العباد ، وكتابة أقوالهم وأفعالهم ؟؟؟؟؟ وذلك في الصفحات: ٢٤٩ & ٢٥٠ & ٢٥١ } . [ الإجابة ]

الجملة الكريمة: { لَهُۥ مُعَقِّبَٰتٌ مِّنۢ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِۦ يَحْفَظُونَهُۥ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ ۗ } .

قال تعالى : (لَهُۥ مُعَقِّبَٰتٌ مِّنۢ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِۦ يَحْفَظُونَهُۥ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ ۗ وَإِذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِقَوْمٍۢ سُوٓءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُۥ ۚ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِۦ مِن وَالٍ)[الرعد,11] [ تفسير ومعنى الآية ]

الوسيط لطنطاوي:
ثم بين – سبحانه – بعض مظاهر رعايته لعباده فقال – تعالى –
( لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ الله إِنَّ اللَّهَ . . . ) .والضمير فى ( له ) يعود إلى ( من ) فى قوله ( مَّنْ أَسَرَّ القول وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بالليل ) باعتبار تأويله بالمذكور .

و ” معقبات ” صفة لموصوف محذوف أى : ملائكة معقبات .

قال الشوكانى : ” والمعقبات المتناوبات التى يخلف كل واحد منها صاحبه ويكون بدلا منه . وهم الحفظة من الملائكة فى قول عامة المفسرين .

قال الزجاج : المعقبات ملائكة يأتى بعضهم بعقب بعض ، وإنما قال ” معقبات ” مع كون الملائكة ذكوراً؛ لأن الجماعة من الملائكة يقال لها معقبة ، ثم جمع معقبة على معقبات .

قال الجوهرى : والتعقيب العود بعد البدء قال الله – تعالى –
( ولى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ ) يقال : عقب الفرس فى عدوه ،
أى : جرى بعد جريه . وعقبه تعقيبا . أى : جاء عقبة ،

و ” من ” فى قوله ( مِنْ أَمْرِ الله ) بمعنى باء السببية .

والمعنى : لكل واحد من هؤلاء المذكورين ممن يسرون القول أو يجهرون به ، ملائكة يتعاقبون عليه بالليل والنهار ويحيطون به من جميع جوانبه لحفظه ورعايته ، ولكتابة أقواله وأعماله ، وهذا التعقيب والحفظ ، إنما هو بسبب أمر الله – تعالى – لهم بذلك .

قال ابن كثير : وفى الحديث الصحيح : ” يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ، ويجتمعون فى صلاة الصبح وصلاة العصر ، فيصعد الذين باتوا فيكم فيسألهم – سبحانه – وهو أعلم بهم : كيف تركتم عبادى؟ فيقولون : أتيناهم وهم يصلون ، وتركناهم وهم يصلون ” .

وفى الحديث الآخر : ” إن معكم من لا يفارقكم إلا عند الخلاء وعند الجماع ، فاستحويهم وأكرموهم “
أى : فاستحيوا منهم وأكرموهم بالتستر وغيره .

وقال عكرمة عن ابن عباس ” يحفظونه من أمر الله ، قال ملائكة يحفظونه من بين يديه ومن خلفه ، فإذا جاء قدر الله خلوا عنه ” .

ثم ساق – سبحانه – سنة من سننه التى لا تتخلف فقال :
( إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حتى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سواءا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ ) .
أى : إن الله – تعالى – قد اقتضت سنته ، أنه – سبحانه –
لا يغير ما بقوم من نعمة وعافية وخير بضده ، حتى يغيروا ما بأنفسهم من طاعة إلى معصية؛ ومن جميل إلى قبيح ، ومن صلاح إلى فساد .

وإذا أراد – سبحانه – بقوم سوءا من عذاب أو هلاك ما يشبهها بسبب إيثارهم الغى على الرشد ، فلا راد لقضائه ، ولا دافع لعذابه .

وما لهم من دونه – سبحانه – من وال أى من ناصر ينصرهم منه – سبحانه – ويرفع عنهم عقابه ، ويلى أمورهم ويلتجئون إليه عند الشدائد .

فالجملة الكريمة بيان لمظهر من مظاهر عدل الله فى شئون عباده ، وتحذير شديد لهم من الإِصرار على الشرك والمعاصى وجحود النعمة ، فإنه – سبحانه – لا يعصم الناس من عذابه عاصم . ولا يدفعه دافع .

ثم قال:( إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حتى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ) .
وعن عمير بن عبد الملك قال : خطبنا على بن أبى طالب على منبر الكوفة فقال : كنت إذا سكت عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ابتدأنى ، وإذا سألته عن الخبر أنبأنى ، وإنه حدثنى عن ربه – عز وجل –
قال : ” قال الرب : وعزتى وجلالى وارتفاعى فوق عرشى ، ما من أهل قرية ولا أهل بيت كانوا على ما كرهت من معصيتى ، ثم تحولوا عنها إلى ما أحببت من طاعتى ،
إلا تحولت لهم عما يكرهون من عذابى إلى ما يحبون من رحمتى ” . [ تدبر وعمل ] [ الملائكة خَلْقٌ مِنْ مخلوقات الله تعالى ]

الإيمان بالملائكة أحد أركان الإيمان الستة التي جاءت في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه حين سُئِل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان فقال: (أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدَر خيره وشره).

والملائكة خَلْقٌ مِنْ مخلوقات الله تعالى، خلقهم الله تعالى من نور. عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خُلِقت الملائكة من نور) رواه مسلم.

وهم رسُل الله تعالى وجنده في تنفيذ أمره الذي يُوحِيه إليهم، قال الله تعالى: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ}(الحج: 75). والملائكة ليسوا بناتا لله عز وجل ولا أولادا، ولا شركاء معه ولا أندادا، تعالى الله عما يقول الظالمون والمُلْحِدون علواً كبيرا، قال الله تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ}(الْأَنْبِيَاءِ:26).

قال ابن كثير: {سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} أي: الملائكة عباد الله مكرمون عنده، في منازل عالية ومقامات سامية، وهم له في غاية الطاعة قولا وفعلا”.

والملائكة يصحبون بني آدم مِنْ لحظة تكوينهم في بطون أمهاتهم حتى نزْع أرواحهم من أجسادهم يوم موتهم، بل ويصحبونهم في قبورهم، ولا عِلْم لنا بعالَم وصفات وأحوال الملائكة إلا في حدود ما أخبرنا الله عز وجل عنه في قرآنه الكريم، أو مِن خلال أحاديث نبينا صلى الله عليه وسلم الصحيحة.

والملائكة بالنسبة إلى ما هيأهم الله تعالى له، ووَكلهم به على أقسامٍ، فمنهم ما هو مُوَكل بالوحي من الله تعالى إلى رُسُلِه، وهو جبريل عليه السلام، ومنهم الْمُوَكَّلُ بِالْقَطْرِ (المطر) وهو ميكائيل عليه السلام، ومنهم الْمُوَكَّلُ بِالصُّورِ وَهُوَ إِسْرَافِيل عليه السلام، ومنهم الْمُوَكَّل بِقَبْض الْأَرْواح وهو مَلَك الْمَوْت، وَمِنْهُمُ الْمُوَكَّلُون بِفِتْنَة الْقَبْر، وهم مُنْكَرٌ وَنَكِير، ومنهم ما هو مُوكل بالجنة، ومنهم المُوكَل بالنار.. ومن الملائكة كذلك: المُوَكل بحفظ وكتابة عمل العبد مِنْ خيرٍ وشر..

[الملائكة المُوكَلَة بحفظ وكتابة عمل العبد مِنْ خيرٍ وشر]

قال الله سبحانه {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}(ق:18:17).
قال ابن كثير: “{مَا يَلْفِظُ} أي: ابن آدم {مِنْ قَوْلٍ} أي: ما يتكلم بكلمة {إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} أي: إلا ولها مَنْ يراقبها معد لذلك يكتبها، لا يترك كلمة ولا حركة، كما قال تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ}(الانفطار:12:10)”.

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله عز وجل: إذا همَّ عبدي بسيئة فلا تكتبوها عليه، فإن عملها فاكتبوها سيئة، وإِذَا همَّ بحسنة فلم يعملها فاكتبوها حَسنة، فإِن عملها فاكتبوها عشْرا) رواه مسلم. قال المناوي: “وفيه دليل على أن المَلَك يطلع على ما في قلب الآدمي، إما بإطلاع الله إياه، أو بأن يخلق له علمًا يدرك به ذلك”.

عن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنَّهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرُج الذين باتوا فيكُم فيسألُهُم وهو أعْلَم بهم فيقول: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهُمْ يُصَلُّون، وأتيناهم وهُمْ يُصَلُّون) رواه البخاري.

قال الطيبي: “(يتعاقبون) تأتي طائفة عقيب طائفة، واجتماعهم في الوقتين من لطف الله وكرمه بعباده، ليكون شهادة لهم بما شهدوه من الخير..

قال الأكثرون: إن هؤلاء الملائكة هم الحفظة الكُتّاب، وقيل: يحتمل أن يكونوا غيرهم”. وقال القاضي عياض: “ومعنى (يتعاقبون): أي: يأتي طائفة بعد أخرى.. وسؤال الله لهم على ظاهره، والله أعلم بهم.. كما أمرهم أن يكتبوا أعمالهم وهو أعلم بالجميع، ويحتمل أن يكون هؤلاء هم الحفظة الكُتّاب، وأن ذلك مما يخص كل إنسان، وعليه حمله الأكثرون، وهو الأظهر، وقيل: يحتمل أن يكون من جملة الملائكة لجملة الناس”. وقال ابن حجر: “قوله: (ملائكة) قيل: هُمُ الحفظة نَقَله عِيَاضٌ وغَيْرُه عَنِ الْجُمْهور.. وقال الْقُرْطبِيُّ: الْأَظْهر عِنْدِي أَنَّهُمْ غَيْرُهم”. [ فائدة ]

الثابت في القرآن الكريم والأحاديث النبوية أن كل إنسان مُوكَل به ملَكَان، يكتبان أقواله وأفعاله، مِنْ خيرٍ وشر،

قال الله تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}(ق:18)، وقال سبحانه: {هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}(الجاثية:29).
قال ابن كثير: “وقوله: {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} أي: إنا كنا نأمر الحفظة أن تكتب أعمالكم عليكم.

الإيمان بالملائكة عليهم السلام يوجب محبتهم وإجلالهم، فهم عباد مُكْرَمون، خَلْقاً وخُلُقاً، برَرَة صفة وفعلا، مَجبُولون على طاعة الله تعالى {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}(التحريم:6). ومن هؤلاء الملائكة الكرام: الملائكة المُوكَلَة بحفظ وكتابة عمل الإنسان مِنْ خيرٍ وشر..

《 اللَّهُمَ حَبَّبْ إِلَيْنَا الْإِيمَانَ وَزَيِّنْهُ فِي قُلُوبِنَا، وَكَرِّهْ إِلَيْنَا الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الرَّاشِدِينَ …اللهم اااااااااااااامين 》.

التعليقات مغلقة.