غزوة الخندق من منظور هندسي
يوم حفر المستضعفون خندقاً لا يمكن للخيل عبوره قفزاً!
سنحاول في هذا المقال التحدث ، بمنظور هندسي معاصر ،عن خندق عجيب حفر في مدة قياسية بأدوات بسيطة !!
الزمن : السنة الخامسة بعد هجرة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام إلى المدينة المنورة…
الحدث : إجتماع عشرة آلاف مقاتل من جميع القبائل العربية بتحريض من اليهـ.ـود لغزو المدينة المنورة قصد إبادة المسلمين فيها والقضاء على الاسلام ..!!
وصلت الأخبار إلى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بنية الأحزاب غزو المدينة … ف استشار صحابته حول خطة عسكرية ناجحة لصد هذا الغزو الذي يفوق طاقتهم كون عددهم لا يتجاوز الثلاثة آلاف مسلم !
و كان لسليمان الفارسي فكرة مستمدة من الموروث الدفاعي لمدينة “يثرب” حيث أن هذه المدينة محاطة بالجبال الوعرة من ثلاث جهات و لا يمكن دخولها إلا من سهل واحد بعرض ثلاثة آلاف متر !!
وقد كان من عادة أهلها إستعمال الجبال كحاجز طبيعي وعرقلة الغازي الذي سيأتي حتما من السهل…!!
كان الإقتراح : حفر خندق عميق على طول السهل في بضع أيام حتى لا يمكن للعدو عبوره…!!
كانت الفكرة مبتكرة و لكنها صعبة التنفيذ…!!
تختلف الروايات حول مقاسات الخندق …
و لئن إتفق الجميع على طوله الذي يبلغ 3000 متر و هذه المسافة موجودة جغرافيا إلى اليوم… فانهم اختلفوا حول عمقه والذي قدر بين 3 و 5 أمتار في حين تجاوز عرضه 7 أمتار و هي المسافة التي يستحيل على جواد قطعها قفزاً وهي الغاية من الخندق.
ووصل حسب بعض الروايات إلى حد العشرة أمتار عرضا…!!
النتيجة كانت مذهلة حيث بهت المهاجمون من هذا الإنجاز و نصبوا الخيام خلفه لثلاثة أسابيع قبل أن يدب الخلاف بينهم و تنهار معنوياتهم في ظروف مناخية صعبة و ينسحبوا مهزومين بفضل الله…!!
نجح المشروع حتما و هذا ما يجعلنا نمر إلى الحساب الهندسي معتمدين على أقل السيناريوهات:
لنفترض أن عرض الخندق 7 أمتار و عمقه 3 وطوله 3000 آلاف متر وهو ما يعطينا حوالي 63000 متر مكعب من الحفر
( إذا أخذنا بعين الإعتبار إزدياد حجم التربة الناتجة عن الحفر او ما يعرف ب ” coefficient de foisonnement” فإن هذه الكمية قد تقترب من 90000 متر مكعب من التراب لنقلها أي حوالي 4500 شاحنة ” semi remorque “!! ….
كان عدد العاملين على المشروع في أصح الروايات 1500 رجل …و كانت مدة الإنجاز ستة أيام بلياليها….!!
بحساب بسيط كان على العامل الواحد حفر و نقل حوالي 10 أمتار مكعبة في اليوم الواحد ب أدوات بدائية من رفش و مسحاة و قفة في تربة صعبة الحفر و مليئة بالحجارة!!
إذا إعتمدنا المقاسات القصوى فإن هذا الرقم سيتضاعف إلى 15 مترا مكعبا..!
اليوم الحفر يتم بالمعدات الثقيلة عادة و لا يتجاوز العامل الواحد مترين مكعبين من الحفر اليدوي في يوم واحد على أقصى تقدير ! ولو حفر المترين يدويا لستة أيام لمات تعباً..!
لا شك أنه إنجاز إستثنائي على جميع المستويات و هو إنجاز تم بإشراف خير البشر و تحت ضغط عالي قصد حماية ” شعلة الإسلام” من الإنطفاء مبكراً..
صلى الله على خير الأنام و رضي عن صحابته الكرام..
التعليقات مغلقة.