في عهد محمد علي باشا يدعي برناردينو دروفيتي وعرف أن هناك شخصا من أعيان السودان والتي كانت قطر من أقطار الدولة المصرية اسمه موكر بيه أرسل لمحمد علي باشا زرافتين صغيرتين

في العام 1826 كان لفرنسا في مصر قنصل عام متميز في عهد محمد علي باشا يدعي برناردينو دروفيتي، وعرف أن هناك شخصا من أعيان السودان والتي كانت قطر من أقطار الدولة المصرية اسمه موكر بيه، أرسل لمحمد علي باشا زرافتين صغيرتين،

فاقترح القنصل الفرنسي على الباشا أنه يبعث بزرافة منهم هدية لملك فرنسا شارل العاشر لأن فرنسا لا يوجد بها،

فأصبحت الزرافة المصرية هي أول زرافة رأتها باريس وذلك لتلطيف الأجواء بعد بعض الخلافات بين مصر وفرنسا في نفس الوقت طلب قنصل بريطانيا نفس الطلب.


سفر الزرافتين إحداهما إلى إنجلترا والأخرى إلى فرنسا.


والحكاية أن الزرافة التي حصلت على الجنسية الفرنسية لم تكن قد ولدت حينما أصدر محمد علي مرسومه بأسرها لإهدائها لملك فرنسا،

وعند اصطيادها كانت ابنة شهرين. “قصيرة القامة!!” تم ترويضها على تناول اللبن، وباعتبارها من ممتلكات الوالي، كانت حياتها تساوي حياة رعاتها “حسن وعطير” وكانت تتناول خمسة وعشرين جالونا من اللبن يوميا.


وقد تم نقلها من الخرطوم حتى وصلت الإسكندرية مع حاشية مكونة من ثلاث أبقار حلائب وراعيها حسن وعطير، وفي الإسكندرية أعد برنادينو دروفيتي القنصل العام لفرنسا رحلتها على متن سفينة شراعية من سردينيا تحمل اسم الشقيقان بقيادة القبطان الإيطالي ستيفانو منارا الذي قام بعمل فتحة في سطح السفينة تسمح للزرافة

بالوقوف أسفلها لمد رقبتها وقام بتبطين الفتحة بالقش لحمايتها من أي إصابة عند اضطراب البحر وغطيت بغطاء أشبه بالكانفاه لحمايتها من الشمس والمطر, وبدأت السفينة رحلتها 29 سبتمبر 1826 مع الكثير من عبارات الوداع والمراسم العسكرية.


ووصلت الهدية الثمينة ميناء مرسيليا بفرنسا يوم 31 أكتوبر عام 1826، حيث كان الحاكم في انتظارها والذي وصفها بأنها المصرية الجميلة،

الأنثي بمعني الكلمة، والكنز الثمين، والطريف أن رحلة الزرافة ومرافقوها البحرية تكلفت 4500 فرنك فرنسي أي ما يقرب من 750 دولارا أمريكيا

ــ مبلغ ضخم بمقاييس ذاك الزمان- دفعتها الحكومة الفرنسية عن طيب خاطر من أجل عيون الزرافة وهو ما رصدته الجريدة الفرنسيةillustration بنشرها صورة للزرافة مرسومة باليد وهي علي متن السفينة الشراعية.


ومع تحسن الطقس بدأت رحلتها إلى باريس، للقاء الملك شارل العاشر فتم تفصيل معطف واق من المطر من المشمع المطرز بشريط أسود على كل الأطراف، وأحذية طويلة خوفا من تآكل حوافرها خلال الرحلة التي تبلغ خمسمائة وخمسين ميلا، واستدعيت تعزيزات أمنية لحراسة القافلة وطلب منهم الاستعداد ببقرات حلوب وتوفير اسطبلات بأسقف يصل ارتفاعها إلى 13 قدما في القرى التي يحتمل أن تتوقف فيها الزرافة.


الغريب في الأمر هو ما ذكره «غابرييل داردو» في كتابه «زرافة للملك»، الصادر في 1985، وروى: «أن أكثر من ثلاثين صاحب فندق صغير ومكتب بريد ومخزن اختاروا الزرافة شعارًا لهم في ذلك الحين، ولا يزال هذا الشعار موجودًا حتى اليوم في أماكن متعددة من فرنسا».


ومع دخول الزرافة حديقة النباتات في 1827، زارها 600 ألف شخص، وهو ما ساهم في تحقيق عائد اقتصادي ضخم، وأطلق عليها الملك شارل: «المصرية الجميلة».


وفي عام 1845، شاخت «المصرية الجميلة» وماتت عن 21 عامًا، وتم تحنيطها واحتلت مكانًا مرموقًا في قسم الطبيعيات من متحف الحديقة، وبين الحربين العالميتين نجح محافظ المتحف الطبيعي بـ«لاروشيل»، بغرب فرنسا، في الاستئثار بها لمتحفه.

التعليقات مغلقة.