الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك

الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك

وصلت جيوشه إلى نصف فرنسا، إنتصر على الأتراك والخزر، باني قصر هشام، جد عبد الرحمن الداخل

نشأته

ولد في دمشق في عام 72هجري الموافق 691م، وأما أبيه فهو الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، وقد تم تسميته بإسم هشام نسبة لجده لأمه هشام حفيد الصحابي هشام بن الوليد الشقيق الأصغر لسيف الله المسلول خالد بن الوليد.

تولي الخلافة

تولي الخلافة في تاريخ 724/02/26م بعد وفاة أخيه الخليفة يزيد بن عبد الملك، وكان هشام وقتها موجودا في الرصافة والتي سميت أيضا رصافة هشام وقد عرفت أنذاك بأنها جنات وبساتين مصغرة، كان عمره عندما تولى الخلافة 33 عاما.

إصلاحاته

اهتم بتطوير الدواوين وتنظيمها، وعمل على إصلاح الزراعة فجفف المستنقعات وزاد مساحة الأراضي المزروعة على ضفاف الأنهار وفي أرجاء الدولة، وقام بتنظيم جهاز الشرطة في كامل أرجاء الدولة الأموية وذلك بهدف زيادة الأمان، وكان هشام مغرم بالخيل اقتنى من جيادها ما لا يوصف.

الحرب مع الخزر

في عام 730م غزا جيش الخزر بقيادة بارجيك المقاطعات الأموية في جبال أذربيجان، وحدثت معركة عظيمة عند مضيق الدربند (باب الأبواب)، وتصدى لهم والي أذربيجان الجراح الحكمي بكل شجاعة على الرغم من أن عدد جيش الخزر عشرة أضعاف جيشه، وقرر الجراح أن يضحي بنفسه وبالقوة القليلة التي معه حتى تستعد العاصمة دمشق لإدراك البلاد قبل ان تخرج من السيطرة، واستخلف اخاه الحجاج ابن عبد الله الحكمي على أذربيجان، واستمر الجراح لأشهر وهو يقاتل الخزر بتكتيك حرب العصابات ونقل المعركة لأكثر من موقع إلى أن استشهد في أردبيل، وقد سمي النهر الذي كانت تلك الوقعة على ضفافه ( نهر الجراح ) ، والجسر الذي كانت الوقعة على مقربة منه ( جسر الجراح ).

وعندما وصل الخبر إلى قصر الخلافة في دمشق، كلف الخليفة هشام القائد سعيد بن عمرو الحرشي، وقصد سعيد بن عمرو تلك البلاد وانتصر على الخزر في عدة معارك، واستمر باللحاق بهم إلى أن وصل لمدينة باجروان، ثم وقعت معركة حاسمة في منطقة برزند، فإنهزم الخزر هزيمة نكراء.

الحرب مع الأتراك

في يوليو عام 731م تقدمت قوات سولوك خاقان إتحاد قبائل التورجش التركية بإتجاه سمرقند وفرض حصارا عليها، فأرسل الأمير سورة بن الحر الدارمي حاكم المدينة طلبًا للإغاثة إلى والي خراسان الجنيد بن عبد الرحمن المري، فأرسل الوالي جيشا عدده 28,000 جندي فتعرض جيشه للهجوم واستمرت المعركة لمدة 3 أيام إستطاع الجيش الأموي أن ينتصر فيها وأن يفك الحصار عن سمرقند، واستبسل الجيش الأموي في الدفاع عن المدينة واستشهد منه 12000 مقاتل وكان من الشهداء حاكم سمرقند الأمير سورة بن الحر الدارمي.

وبعد الإنتصار دخل الجيش الأموي في حرب إستنزاف مع الأتراك، فاضطر الخليفة هشام بن عبد الملك أن يرسل جيشا شاميا، وكان لهذا الجيش تأثير سلبي، حيث دخل في منافسة مع العرب الذين كانوا سابقا في خرسان، وكذلك قسم من الشاميين كان يرغب بالعودة إلى بلاد الشام، وكان هذا التأثير السلبي في صالح الثورة العباسية التي ستنطلق من خرسان، حيث سينضم قسم كبير من العرب والشاميين إليها

معركة بلاط الشهداء

في عام 732م وقعت معركة بلاد الشهداء بين الجيش الأموي بقيادة والي الأندلس عبد الرحمن الغافقي وبين جيش بلاد الغال بقيادة شارل مارتل، حيث تقدم عبد الرحمن الغافقي ووصل لمنطقة بواتييه والتي تقع اليوم في وسط فرنسا ، ووقعت بها المعركة والتي إنتهت بهزيمة كارثية أدت إلى إنسحاب الأمويين وسقوط المناطق التي كانوا يسيطروا عليها في بلاد الغال -فرنسا اليوم-.

وأما أسباب الهزيمة فهي كثيرة وأهمها أن عبد الرحمن الغافقي لم يتبع أسلوب من سبقه من الولاة في أن السيطرة يجب أن تكون بالتدريج لإختلاف طبيعية الحكم وقوته في بلاد الغال عن بلاد القوط، وكذلك لعدم دراسة مناخ بلاد الغال ووعورة مسالكها، ووأيضا نتيجة الإبتعاد عن قواعد تموين الجيش.

قصر هشام

في عام 735م تم بناء قصر هشام في مدينة أريحا في فلسطين ويتكون القصر من مجموعة من البنايات والحمامات والجوامع وقاعات مليئة بالأعمدة الأثرية، وتعتبر الفسيفساء والزخارف والحلي من الأمثلة الرائعة للفن والعمارة، وتعتبر الفسيفساء الموجودة على أرضية الحمامات إلى جانب شجرة الحياة الموجودة في غرفة الضيوف من أهم عناصر الجذب للسياح والزوار، وهذه الفسيفساء تعتبر واحدة من أجمل الأعمال الفنية القديمة في العالم. وكما يوجد في القصر العديد من الزخارف المنقوشة، وحاليا فسم كبير من موجودات القصر تم نقلها إلى متحف روكفلر في القدس.

ثورة زيد بن علي العلوي

في عام 740 م قاد زيد بن علي ثورة في العراق ضد الأمويين، حيث في أثناء تواجده قرب الكوفة، أتى أليه جماعة من الكوفة واستجاروا به طالبين منه أن يقودهم لإنهاء حكم الأمويين، وقالوا له بأنه هنالك 40000 مقاتل مستعدين أن يبايعوه ويقاتلوا معه، وأعطوه العهود والمواثيق أن لا يخذلوه، وفي تلك الأثناء أتى له أبو جعفر المنصور الذي كان متواجد في العراق أنذاك، ونصحه بعدم الثورة، وبأن أهل الكوفة سيخذلوه كما خذلوا جده الحسين (ر)، ولكن زيد بقي مُصر على المضي في الأمر.

وعندما وصل الخبر لوالي العراق يوسف بن عمر الثقفي بعث رجاله إلى شوارع الكوفة، وطلب من الناس أن يجتمعوا في المسجد الأعظم ثم حظر التجول وحمل السلاح، وبث الإشاعات عن الجيش القادم من الشام ولكن زيد تقدم نحو الكوفة واستطاع أن يدخلها.

ولكن عندما وصل الجيش الأموي من الحيرة، إنفض عن زيد أغلب أهل الكوفة وبقي معه قلة قليلة، ومنهم أبو جعفر المنصور ونصر بن خزيمة وقاتلوا معه، وصمدوا، حتى اضطر الجيش الأموي أن يتراجع ويمطر الثائرين بالسهام إلى أن قتل زيد بسهم في جبينه، فلما جيء بجسده وأُلقي امام الوالي الذي أمر بصلب جسد زيد منكوساً.

وأما أبو جعفر المنصور فقد أصيب واستطاع العودة إلى أهله، وواجه غضبا من العباسيين حيث أنهم إعتبروه قد خاطر بما يسعون له حينما خالف تعاليم دعوتهم في عدم إظهار العداء للأمويين، وعدم الإشتراك في الثورات ضدهم، وكان هذا أحد أسباب تقديم أخيه الأصغر أبو العباس السفاح عليه.

أسرته

كان متزوج من السيدة أُم حكيم بنت يحيى، ومن السيدة عبدة بنت عبد الله بن الخليفة الأموي يزيد.

وكان له من الأولاد معاوية · سليمان · سعيد · مَسَلمَة · يزيد · محمّد · يحيى · عبد الله · مروان · يحيى الأصغر · عبد الله الأصغر · عبد الرحمن · عُثمان · قُريش · خَلَف · الوليد · عبيد الله · عبد الملك · أم هشام · أمّ سَلَمَة · عائشة.

أشهر أحفاده


1) عبد الرحمن الداخل: هو عبد الرحمن بن معاوية بن هشام، إستطاع أن يؤسس إمارة قرطبة الأموية في الأندلس عام 756م، وذلك بعد نهاية الدولة الأموية في المشرق على يد بنو العباس.

2) سعيد الراوي: هو سعيد بن مسلمة بن هشام، تبناه الخليفة العباسي أبو العباس السفاح وقام بتربيته ثم أصبح مقرب من الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور، وتم تكليفه بأن يكون ناقل للتاريخ الأموي فكان مصدر مهم للمعلومات حول المعارك العسكرية والفتوحات.

وفاته


توفي الخليفة هشام بن عبد الملك في مدينة دمشق في تاريخ 743/02/06م، وتولى الخلافة من بعده إبن أخيه الخليفة الوليد بن يزيد، وكان عدم قيام هشام بإزاحة الوليد سببا في نهاية الدولة الأموية بعد سنوات قليلة في عام 749م، حيث أن الوليد لم يكون جديرا بالحكم، وكان هنالك أمراء أفضل منه مثل مسلمة بن هشام والعباس بن الوليد وعبد الله بن عمر بن العزيز، ليكون بذلك الخليفة هشام آخر الخلفاء الأمويين الأقوياء.

**** المصادر:

1) تاريخ الخلفاء، السيوطي
2) جمهرة أنساب العرب، ابن حزم الاندلسي
3) سير أعلام النبلاء، الذهبي
4) الكامل في التاريخ، ابن الأثير


التعليقات مغلقة.