كيف تكون غني النفس والقلب؟

• يقول شيخ ٱلإسلام -رحمه ٱللّٰه- :
[ أما ٱلغنى ٱلعالي ؛ فهو علىٰ ثلاثِ درجات : ٱلأولىٰ : غنى ٱلقلب ، وهو سلامته مِن ٱلسبب ، ومسالمته للحكم ، وخلاصه مِن ٱلخصومة .

وٱلدرجة ٱلثانية : غنى ٱلنفس ، وهو استقامتها على ٱلمرغوب ، وسلامتها مِن ٱلحظوظ ، وبراءَتها مِن ٱلمراءاة .

وٱلدرجة ٱلثالثة : ٱلغنى ٱلحق وهو مراتب ؛ ٱلأولىٰ : شهود ذكره إياك ، وٱلثانية : دوام مطالعة أَوليته ، وٱلثالثة : ٱلفوز بوجودِه ] .

• فاستعذتُ بٱللّٰه مِن قلبٍ لا يخشع ، ونفسٍ لا تقنع ولا تسمع ، وروحٍ لا تلين .

• ولمّا كانَ ٱلفقرُ إلى ٱللّٰه هو عين ٱلغنى به ، فأفقرُ ٱلناسِ إلى ٱللّٰهِ أغناهم به ، وأذلهم له أعزهم ، وأضعفهم بين يديه أقواهم ، وأجهلهم عند نفسِه أعلمهم بٱللّٰه وأَمقتهم لنفسِه أقربُهم إلىٰ مرضاةِ ٱللّٰه .

• فٱلغنى على ٱلحقيقة لا يكون إلا للّٰه ٱلغني بذاتِه عن كلِّ ما سواه .

• وٱلغنىٰ إما أن يكون ؛؛

  • غنىً سافل ؛ وهو ٱلغنى بٱلعواري ٱلمستردة كٱلنساء وٱلبنين وٱلقناطير ٱلمقنطرة مِن ٱلذهب وٱلفضة ، فهو غنىً بظلٍ زائل .
  • وٱلغني بمثلِ ذلك ؛ أحمق ، لأنّ ذلك كلّه لا بقاءَ فيه .
  • وإما أنْ يكون مِن أهلِ [ ٱلغنى ٱلعالي ] ؛
  • وهؤلاء ٱلذين جاءَ ذكرهم في ٱلمقال

• وأمّا غنى ٱلقلب ؛ فيتحقق بسلامتِه مِن ٱلسبب ، أي ٱلاستغناء عن ٱلأسباب بٱلمسبب ، وذلك بعد ٱلوقوف علىٰ رحمتِه وحكمته وحسن تدبيره وتصرفه ﷻ ، فيكون صاحب هذا ٱلقلب غنياً بتدبير ٱللّٰه ، وهنا يأتي ٱلشطر ٱلثاني وهو [ ٱلمسالمة للحكم ] ، وهو ٱلانقياد لأحكام ٱللّٰه كاملةً ، لأنّ منازعة ٱللّٰه في أحكامه ، كأن تكره حكمه فيك ، وترجو حكماً آخر هو مِن رعونة ٱلاختيار ، وهو يدل على فقر ٱلعبد لشيءٍ مخلوق هو بيدِ ٱلخالق وحده ، فيكون صاحبُ ٱلاختيار هنا فقيراً إلىٰ ذلك ٱلشيء ٱلمختار .

• ومَتى وصلَ إلىٰ هذه ٱلدرجة ؛ سلمَ ٱلعبدُ مِن مخاصمةِ ٱلخلق أيضاً ، فلا حاجةَ له فيما بين أيديهم ، فهو لا يسخط شيئاً مِن أحكامِ ٱللّٰه ، ولا يخاصم عباده إلا في حقوقِ ٱللّٰه ، فتكون مخاصمته للّه وبٱللّٰه ، ومحاكمته إلى ٱللّٰه ﷻ .

• وهذا ما جاءَ عن سيدنا رسول ٱللّٰه ﷺ ، فقد كان يقول : [ ٱللهم لكَ أسلمتُ ، وبكَ آمنتُ ، وعليكَ توكلتُ ، وإليكَ أنبتُ ، وبكَ خاصمتُ ، وإليكَ حاكمتُ ] .

• وأمّا ٱلنفس ؛ فيكون غناها باستقامتها على ٱلمرغوب ؛ أي استقامتها على أمرِ ربها ، فهذا ما يحبُه ويرضاه ، فهي تقبل وترضى ما يأمر به ، وتجتنب ما يسخط ويبغض خالقُها ، وهذا كله تعظيماً لأمرِ ٱللّٰه وليس طلباً لتعظيمِ ٱلمخلوقين ، يكون ذلك إيماناً بٱللّٰه ، واحتساباً لثوابه ، وخشيةً من عقابِه ، وليس فراراً من ذم ٱلمخلوقين ، وهنا يشعرُ ٱلعبد بأنّ ٱلعبودية للّه راحة وطمأنينة وسكينة ، وليست تكليف ، ودليل ذلك ما جاءَ عن سيدنا رسول ٱللّٰه ﷺ : [ جُعلت قرة عيني في ٱلصلاة ] .

التعليقات مغلقة.