قصة سيدنا موسى و دفن أخاه هارون وتكذيلها وانكار عذاب القبر

صحح معلوماتك الحديثية
👈🏿قصة سيدنا موسى و دفن أخاه هارون.

❌❌متن القصة المكذوبة
روي أن موسى عليه السلام لما دفن أخاه هآرون عليه آلسلآم ذكر مفآرقته له وظلمة آلقبر فأدركته الشفقة ؛ فبكى ! فأوحَى آلله تعآلى إليه ( يا موسى لو أذنت لأهل آلقبوٌر أن يخبَروك بلطفَي بِهم لأخبروك ! يا موسى لم أنسَهم على ظآهر آلآرض أحيآء مرزوقين أفأنسَآهم في بآطن آلآرض مقبورين يآموسى إذآ مآت آلعبد لم أنَظر إلى كثَرة معآصيه ولكن أنظر إلى قلِة حيلته فقآل موسى عليه آلسلآم : يآرب من أجل ذَلك سمٌيت أرحَم آلرآحمِين آرحمنآ برحمتكَ يا أرحمَ آلرآحمين.

❌❌❌❌❌قصة كذب ، لا أصل لها عن النبي ﷺ، ولا وجود لها في دواوين السنة .

📙والأصل النفي حتى يأتي المُثبت بدليل الثبوت ، وهذه قاعدة عامة في جميع الأمور ، فكل خبر يُروى عن النبي صلى الله عليه وسلم وغيره ، لابد من إسناده يُسنده ، فإذا لم يكن له إسناد ، إذا ليس له وجود ، لأن الإسناد الطريق الموصل للمتن ، فإذا لم يكن ثمة إسناد ، إذاً فليس هنالك متن ، فكيف يُروى عن النبي صلى الله عليه وسلم خبر ، أو عن غيره بدون إسناد يُثبته ، فتنبّه لهذا !

📘فكل من يكذب على النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الزمن ، ويأتي بأخبار لا أصل لها ، ويُروجها بين الناس ، يندرج تحت قوله صلى الله عليه وسلم : (( يكون في آخر الزمان دجالون كذابون ، يأتونكم من الأحاديث بما لم تسمعوا ، أنتم ولا آباؤكم ، فإياكم وإياهم ، لا يضلونكم ولا يفتنونكم )) ، [ أخرجه الإمام مسلم في مقدمة صحيحه – ١/١٢ ] .
📣تنتبه
هناك قاعدة وضعها علماء الحديث في قبول الرواية عن بني إسرائيل وهي :
1- ألا تتعلق بأمور الأحكام الشرعية من الحلال والحرام أو العقيدة وأصول الدين .
2- ألا تصادم نصا من كتاب الله أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم .
3- أن تكون مما يتعلق بفضائل الأعمال والترغيب والترهيب فقط .

🔴نكارة متن القصة
❌❌فقول الرواية : ( يا موسى ، لم أنسهم على ظاهر الأرض أحياء مرزوقين ، أفأنساهم في باطن الأرض مقبورين )
وهذا الكلام يفيد أن الله تعالى يشمل برحمته أهل القبور كافة ، فكما كان يرزقهم جميعا وهم أحياء فهو يرحمهم وهم مقبورون ، وهذا يفيد دخول الكافر والمؤمن في رحمته ولطفه .
❌❌❌وهذا باطل ؛ فإن الله تعالى يعذب الكفار ومن شاء من عصاة المؤمنين في القبر ، وبذلك جاءت الأخبار الصحيحة .


✅✅✅روى البخاري (1338) مسلم (2870) – واللفظ للبخاري – عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( الْعَبْدُ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتُوُلِّيَ وَذَهَبَ أَصْحَابُهُ حَتَّى إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ أَتَاهُ مَلَكَانِ فَأَقْعَدَاهُ فَيَقُولَانِ لَهُ : مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ فَيُقَالُ : انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنْ النَّارِ أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنْ الْجَنَّةِ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا ، وَأَمَّا الْكَافِرُ أَوْ الْمُنَافِقُ فَيَقُولُ : لَا أَدْرِي كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ فَيُقَالُ : لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْتَ ثُمَّ يُضْرَبُ بِمِطْرَقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً بَيْنَ أُذُنَيْهِ فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ ) .

✅وهناك ادلة كثيرة في اثبات عذاب القبر من القرآن

🔴12 دليلًا من القرآن
على إثبات عذاب القبر ونعيمه

☝🏿يجب الإيمان بما يكون بعد الموتِ مما جاء به الوحيُ من عذاب القبر ونعيمه.
🍀وقد وردَتْ بذلك أدلةٌ كثيرة في القرآن الكريم والسُّنة النبوية، وزعم بعضُ أهل البدع أن ذلك غير مذكور في القرآن الكريم، وهذا من جهلهم بكتاب الله وتفسيره، وهذه اثنا عشر دليلًا من القرآن الكريم تُثبِت عذاب القبر ونعيمه:


1) قال الله تعالى عن قوم نوح عليه الصلاة والسلام: ﴿ مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا ﴾ [نوح: 25]؛ أي: فبسببِ خطيئاتهم أغرقهم الله، فأُدخلوا مباشرة نارًا يُعذَّبون فيها في البرزخ، ولم يقل: (ثم أُدخلوا نارًا)، بل قال: ﴿ فَأُدْخِلُوا ﴾ [نوح: 25]، والفاء في اللغة العربية تدل على التعقيب المباشر وليس على التراخي.

2) قال الله سبحانه عن قوم لوط: ﴿ فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ ﴾ [الحجر: 74]، فعندما جعل الله عاليَ قُرى قوم لوط سافلَها، لا شك أن أهلها ماتوا حين خسف الله بهم الأرض، وقد أخبرنا الله أنه أمطر عليهم حجارةً من سجيل زيادةً في عذابهم بعد خسفهم، ولم يكن ذلك المطر من الحجارة ينزل عبثًا على أجساد ميتة تمزَّقت وصارت تحت الأرض بعد الخسف، بل عذَّبهم الله بتلك الحجارة بعد موتهم، وإن كانت أجسامهم ممزقة ومبعثرة، فقد كانت الحجارة ﴿ مُسَوَّمَةً ﴾ [هود: 83]؛ أي: مُعلَّمة تصيبهم أينما كانوا بقدرته، كما قال سبحانه: ﴿ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ ﴾ [هود: 83].

3) قال الله عز وجل عن آل فرعون: ﴿ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ﴾ [غافر: 46]، فأتباع فرعونَ غرِقوا معه في البحر، وقد أخبرنا الله أنهم يُعذَّبون في حياة البرزخ كلَّ يوم أول النهار وآخره، وقد فَنيت أجسامهم، ثم يوم القيامة يبعثهم الله ويُعيدهم كما كانوا بأبدانهم وأرواحهم، فيُدخَلون أشد العذاب في نار جهنم.

4) قال الله تبارك وتعالى عن أصحاب الأخدود: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ ﴾ [البروج: 10]، في هذه الآية أخبر الله تعالى أن أصحاب الأخدود الذين حرَّقوا المؤمنين والمؤمنات، لهم عذابان وليس عذابًا واحدًا، فعذاب جهنم في الآخرة، وعذاب الحريق في قبورهم.

5) قال الله سبحانه عن المنافقين من هذه الأمة: ﴿ وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ ﴾ [التوبة: 101]، قال المفسِّرون: العذاب الأول في الدنيا، والعذاب الثاني في القبور، ثم يُرَدُّون في الآخرة إلى عذاب غليظ، وهو عذاب جهنم.

6) قال تبارك وتعالى عن الكافرين: ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ * ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾ [الأنفال: 50، 51]، ففي هذه الآية يخبرنا الله تعالى أن الملائكة تضرب وجوه الكافرين وأدبارَهم؛ تعذيبًا لهم واحتقارًا لهم عند قبض أرواحهم، وتقول لهم حين تقبض أرواحهم: ذوقوا عذاب الحريق، وهذا في البرزخ قبل الآخرة، ومثل هذه الآية قولُه تعالى عن المنافقين: ﴿ فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ﴾ [محمد: 27].

7) قال الله سبحانه عن الظالمين: ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ ﴾ [الأنعام: 93]، ففي هذه الآية أن الظالِمين في سكرات الموت تَقبِضُ الملائكة أرواحَهم وتضربهم، قال المفسرون: معنى ﴿ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ ﴾ [الأنعام: 93]؛ أي: بالضرب والعذاب، وهذا العذاب في البرزخ وليس في الآخرة، وتقول لهم ملائكة الموت: ﴿ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ ﴾ [الأنعام: 93]، وهذا دليل واضح على إثبات عذاب القبر.

✅ قال الله تعالى: ﴿ فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ * وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ * فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ * تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ * وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ * فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ * وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ ﴾ [الواقعة: 83 – 94]، في هذه الآيات إثباتُ نعيم القبر وعذابه، فالفاء تدل على التعقيب المباشر بعد قبض الروح، فالمؤمن – الذي هو مِن المقرَّبين – يكون له مباشرة بعد قبض روحه راحةٌ وريحانٌ وجنة نعيم، والمكذِّب الضال يكون له مباشرة بعد قبض روحه ضيافةٌ من عذاب الحميم، ويصلى نارًا في البرزخ قبل يوم القيامة.

9) قال الله عز وجل: ﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ ﴾ [البقرة: 154]، هذه الآية تثبت النعيم في البرزخ للشهداء، وأخبرنا اللهُ تعالى أننا لا نشعر بنعيمهم حين نراهم قتلى، وقد تكون أجسادهم ممزَّقة، وقد تأكل أجسادَهم السِّباعُ، وتفنى أبدانُهم في الأرض، ومع ذلك أثبت الله لهم نعيم القبر، وأخبرنا أن لهم حياةً غير حياتهم في الدنيا، وإن كنا لا نشعر بذلك، وكذلك مَن يعذبهم الله تعالى في البرزخ لا نشعر بعذابهم.

10) قال الله تبارك وتعالى: ﴿ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ * سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ * وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ ﴾ [محمد: 4 – 6]، أخبرنا الله أن الشهداء سيُصلِح حالَهم بعد موتهم ويُدخِلهم الجنة، فيُفهَم من هذه الآية أن مِن الناس مَن لا يصلح اللهُ حالهم في البرزخ بعد موتهم، ومَن لم يُصلِح الله حاله بعد موته، فهو في حالٍ سيئةٍ في قبره، والعياذ بالله.

11) قال الله تبارك وتعالى: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 169 – 171]، هذه الآيات تثبت أن الشهداء أحياءٌ عند ربهم يُرزقون وهم في البرزخ، وأنهم فرِحون بما آتاهم الله من فضله، وأن لهم عقولًا يتذكَّرون بها مَن خلفهم، فمن كان يُصدِّق بنعيم القبر فيلزمه أن يُصدِّق بعذاب القبر، فالله الذي يُنعِّم المؤمنين الشهداءَ وهم في قبورهم، قادرٌ على أن يعذِّب الكافرين وهم في قبورهم، والله على كل شيء قدير، ﴿ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾ [فصلت: 46].

12) قال الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ * لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ ﴾ [الحج: 58، 59]، هاتان الآيتان تُثبتانِ أن مَن قُتل في سبيل الله أو مات مِن أهل الإيمان من غيرِ قتلٍ، أن الله يرزقه في البرزخ رزقًا حسنًا، ويُدخله في الآخرة مدخلًا يرضاه ولا يريد سواه، وهو الجنة، فقد ذكر الله في هاتين الآيتين نعيم البرزخ ونعيم الجنة، وذكر أن هذا النعيم لا يكون للشهداء فقط، الذين يُقتلون في سبيل الله، بل يكون هذا النعيم أيضًا لِمَن مات في سبيل الله وإن لم يكن من الشهداء، ﴿ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 152].

وأكتفي بهذه الأدلة من القرآن الكريم التي تثبت عذاب القبر ونعيمه.
فإن قلتَ مستغربًا: لماذا نجدُ بعض أهل البدع ينكرون عذاب القبر ونعيمه، ولا يؤمنون بالعذاب والنعيم إلا في الآخرة؟!

✅فالجواب: إنهم يريدون أن يُشكِّكوا المسلمين في سُنة نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم، ويزعمون أن كلَّ ما لم يُذكر في القرآن من السُّنة فهو باطل، فيُكذِّبون بما ثبت في السُّنة الصحيحة من أحاديث عذاب القبر ونعيمه!

وهذا ضلال مبين؛ فإن السُّنة النبوية مبيِّنة للقرآن الكريم، كما قال الله تعالى: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 44]، فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم بيَّن لنا بسُنَّته ما نزَّل الله تعالى إلينا من كتابه.

فمثلًا أمرنا الله في القرآن بالصلاة، ولكن لم يخبرنا بأنها خمس صلوات في اليوم والليلة، ولم يخبرنا بعدد ركعاتها، ولا بما نقول في قيامها وركوعها وسجودها وجلوسها، ولم يُعدِّد لنا في القرآن جميع شروطها وأركانها وواجباتها وسننها، وكل هذا بيَّنه لنا النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم في سُنته النبوية.

وهكذا الزكاة، أمرنا الله بها في كتابه ولم يخبرنا بتفاصيلها من النِّصاب، واشتراط الحَوْل، وقدر إخراج الزكاة من كل صنف تجب فيه الزكاةُ من الأغنام والأبقار والإبل، والزروع والثمار، والذهب والفِضة، وعروض التجارة، وكل ذلك بيَّنه لنا النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم في سُنته الشريفة التي لا يضرها مَن أنكرها من أهل البدع والضلال، كما لا يضر القرآنَ الكريم من كذَّبه من أهل الكفر والنفاق، ودينُ الله كتابًا وسُنةً محفوظٌ إلى يوم القيامة.

🔴فمِن عقيدة المسلمين ومنهجهم الأخذُ بالسُّنة النبوية وإن لم توجد في القرآن الكريم، فقد قال الله تعالى: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ [الحشر: 7]، وكم من آية في القرآن يأمرنا الله فيها بطاعة رسوله كقوله سبحانه: ﴿ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [النور: 56]، وقال الله عز وجل: ﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ﴾ [النساء: 80]، فكيف نُنكِر سُنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد أخبرنا الله تعالى أن مَن أطاع الرسولَ صلى الله عليه وسلم فقد أطاع اللهَ تعالى؟!

🍀وقرن الله في آياتٍ كثيرة بين طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ كقوله تعالى: ﴿ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴾ [النور: 54]، فمَن أطاع الرسول صلى الله عليه وسلم واتَّبع سُنَّته فقد اهتدى، ومَن لم يُطِعِ الرسول صلى الله عليه وسلم وكذَّب بسُنته، فقد ضل وغوى.

🍀وقال الله جل جلاله: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 71]، قال العلماء: طاعة الله تعالى باتِّباع كتابه، وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم باتباع سنته.

🔴شبهة وجوابها:
يستدل بعض منكري عذاب القبر ونعيمه بقوله تعالى: ﴿ قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا ﴾ [يس: 52]، وهذا من جهلهم وسوء نياتهم، ودليل على اتِّباعهم الآيات المتشابهات لفتنة الناس وإضلالهم، وللعلماء أجوبة عن هذه الشبهة؛ منها:
• أن قبور الموتى مرقدٌ لهم، وإن كانوا يُعذَّبون فيها، فهم مضطجعون فيها إما في نعيم أو في عذاب، ولا يعني ذلك أنهم نائمون لا يُحِسُّون بنعيم ولا عذاب، هذا جواب أول.

• وقال بعض العلماء: هذه استعارة وتشبيه؛ يعني أن قبورهم شُبِّهت بالمضاجع، لكونهم فيها على هيئة الرقاد، وإن لم يكن رقاد في الحقيقة، وهذا جواب ثانٍ.

• وقال بعض العلماء: بعد النفخة الأولى ينقطع النعيم والعذاب في البرزخ، ثم إذا نُفخ في الصور النفخة الثانية رجعت الأرواح إلى الأجساد، وقال الكافرون حينئذٍ بعد نومةٍ ناموها: ﴿ يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا ﴾ [يس: 52]، وهذا جواب ثالث.

• وقال بعض العلماء: إن الكفار إذا عاينوا جهنم وما فيها من أنواع العذاب، صار ما عُذِّبوا به في قبورهم إلى جنب عذابها كالنوم، وهذا جواب رابع.

• وقال بعض العلماء: لا يلزم أن يكون عذاب القبر مستمرًّا إلى يوم القيامة، فاستمرار التعذيب أو انقطاعه في البرزخ عائدٌ إلى الله عز وجل، وهو أحكم الحاكمين، إن شاء عذَّبهم عذابًا مستمرًّا، وإن شاء لم يُدِمْ عليهم العذاب، وهذا جواب خامس.

فاحذروا – أيها المسلمون – ممن يريد أن يُشكِّكم في سُنة نبيكم صلى الله عليه وسلم، ويتتبَّع المتشابهات من الآيات والأحاديث ليضلكم، وإذا رأيتم مَن يفعل ذلك، فاعلموا أنه ممن قال الله فيهم: ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ * رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ * رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾ [آل عمران: 7 – 9].

اللهم إنا نعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال.

التعليقات مغلقة.