ماهو حلف الناتو؟ ولماذا لا يستطيع الناتو مساعدة أوكرانيا مباشرة؟ وهل لروسيا غطاء قانوني في غزوها لأوكرانيا؟ ولماذا لجأ الرئيس الأمريكي إلى العقوبات الاقتصادية بدلاً من التدخل العسكري؟

‏ماهو حلف (الناتو)؟ ولماذا لا يستطيع (الناتو) مساعدة أوكرانيا مباشرة؟ وهل لروسيا غطاء قانوني في غزوها لأوكرانيا؟ ولماذا لجأ الرئيس الأمريكي إلى العقوبات الاقتصادية بدلاً من التدخل العسكري؟


حرب ‎روسيا_اوكرانيا قانونية أم سياسية بحتة؟
سلسلة معلومات في المقال ، أتمنى لكم فيها قراءة ممتعة

‏في 4 مارس 1947 ، تم التوقيع على معاهدة دونكيرك من قبل فرنسا وبريطانيا، وكان هدف المعاهدة وجود مظلة قانونية للمساعدة المتبادلة في حالة أي هجوم محتمل من قبل ألمانيا أو الاتحاد السوفيتي في أعقاب الحرب العالمية الثانية.


وفي عام 1948 تم توسيع نطاق المعاهدة ليشمل دولاً إضافية، وعرف ‏بعد ذلك بمنظمة معاهدة بروكسل.


تطور هذا التحالف ليكون تحالفاً عسكرياً جديداً أدى إلى توقيع معاهدة شمال الأطلسي 1949 (أو ما يسمى بالناتو) North Atlantic Treaty Organization‏من قبل الدول الأعضاء في بروكسل بالإضافة إلى الولايات المتحدة وكندا والبرتغال وإيطاليا والنرويج والدنمارك و أيسلندا.
و تهدف معاهدة (الناتو) إلى مساعدة أعضائه في حالة وقوع هجوم مسلح ضد أي دولة عضو، وكان أحد أهم أهداف حلف (الناتو) مواجهة تهديد التوسع الروسي بعد الحرب في أوروبا.

‏أعتبرت روسيا حلف (الناتو) تهديداً لها من الجانب الاستراتيجي، واستعراض القوى الهجومية والعسكرية، لذلك ردت على هذا الحلف في عام ١٩٥٥ بإنشاء تحالفها العسكري الخاص بها من دول أوروبا الشرقية الشيوعية، والذي أطلق عليه حلف (وارسو)، ولكن هذا الحلف لم يدم طويلاً، حيث أن عدداً من أعضائه ‏طلب الإنضمام إلى حلف الناتو بعد انهيار الإتحاد السوفيتي.

بالنسبة لأوكرانيا فهي جمهورية سوفيتية سابقة محاذية لروسيا، وليست عضوا في (الناتو) ، لكنها “دولة شريكة”، هذا يعني أن هناك تفاهمًا على أنه قد يُسمح لأوكرانيا بالانضمام إلى التحالف في وقت ما في المستقبل، ولكن روسيا ترغب ‏في تأكيدات من القوى الغربية بأن هذا لن يحدث أبدًا.


في مقابل هذا، ترى الولايات المتحدة وحلفاؤها بأن أوكرانيا دولة ذات سيادة يجب أن تكون حرة في اتخاذ قرار بشأن تحالفاتها الأمنية.


دائماً ما يزعم الرئيس بوتين أن القوى الغربية تستخدم (الناتو) للتعدي على روسيا، من خلال نشر الصواريخ ‏البالستية، ويريد من (الناتو) أن يوقف أنشطته العسكرية في أوروبا الشرقية، ودائماً ما يدعي بأن الولايات المتحدة خرقت الضمان الذي قدمته 1990 بأن (الناتو) لن يتوسع شرق أوروبا، في المقابل يرفض (الناتو) مزاعم روسيا ويقول إن عددًا قليلاً فقط من الدول الأعضاء لديه حدود مشتركة مع روسيا، ‏

وأنه تحالف دفاعي فقط.
تاريخياً ما الذي فعله (الناتو) في الماضي بشأن روسيا وأوكرانيا؟
عندما عزل الأوكرانيون رئيسهم الموالي لروسيا في أوائل 2014 ، ضمت روسيا شبه جزيرة القرم الجنوبية في أوكرانيا. كما دعمت الإنفصاليين الموالين لروسيا الذين استولوا على مساحات شاسعة من شرق أوكرانيا. ‏لم يتدخل (الناتو) حينها، لكنه رد بنشر قوات الحلفاء في العديد من دول أوروبا الشرقية لأول مرة.

وقد تم تصميم هذه القوات لتكون بمثابة “سلك تعثر” في حالة قيام روسيا بغزو أراضي (الناتو)
منذ ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، وضع (الناتو) مجموعات قتالية في شرق أوروبا: إستونيا ولاتفيا وليتوانيا ‏وبولندا ، ولواء متعدد الجنسيات في رومانيا. كما وسع الناتو نطاق عمله الجوي في دول البلطيق وأوروبا الشرقية لاعتراض أي طائرة روسية تخترق حدود الدول الأعضاء.، في حين أن روسيا تطالب بخروج هذه القوات؛ لأن ذلك يعد تهديداً لأمنها وسيادتها.


من ناحية قانونية، تعتبر المادة (الخامسة) ‏من معاهدة (الناتو) هي السند القانوني في مشروعية التدخل العسكري حال وقوع أي هجمة على دولة عضو في المعاهدة، وقد تم استخدام تلك المادة تقريباً مرة واحدة، في أعقاب هجمات ١١ سبتمبر.


في مقابل هذا، ترى روسيا بأن تدخلها أو(غزوها) أوكرانيا يندرج تحت(الفصل السابع) ‏من وثيقة الأمم المتحدة، والمعنون: فيما يتخذ من الأعمال في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان؛ حيث ترى بأن تدخلها كان نتيجة تهديد للسلم الروسي، وحماية للأقليات الروسية ،

والإنفصاليين الموجودين في أوكرانيا. وبالتالي ترى بأن هناك مسوغاً قانونياً يمنحها شرعية ذلك التدخل. ‏الإجراء الذي سيتخذ،هو اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي لاستصدار قرار يدين هجوم روسيا على أوكرانيا استناداً إلى المادة (الثانية) من ميثاق الأمم المتحدة المتضمنة حظر التهديد باستعمال القوة وتدعو جميع الدول الأعضاء إلى احترام سلامة أراضي الدول الأخرى.


‏بطبيعة الحال، مشروع قرار الإدانة سيكون مصيره الفشل؛ نظراً إلى أن روسيا- عضو مجلس الأمن- ستستخدم حق الفيتو، كما يتوقع أن تمتنع الصين عن التصويت.


من خلال ماتمت الإشارة إليه، يتضح أن الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا وإن كانت تدفعها عوامل سياسية، إلا أن الطابع القانوني يطغى عليها، ‏وذلك من خلال سعي طرفي النزاع في إيجاد مظلة قانونية تشرع الأعمال التي قام بها! كما أن الرئيس الأمريكي وبقية الحلفاء لجأوا إلى العقوبات الاقتصادية التي لا يترتب عليها مساءلة قانونية، بعكس التدخل العسري الذي يفتقد للشرعية، وقد يفاقم الوضع سوءاً!


‏ومن هنا يتضح أحد أسباب ضعف القانون الدولي العام، بغياب الجهاز الذي يملك السلطة الكاملة في فرض قواعده وأنظمته القانونية على أعضاء المجتمع الدولي.

التعليقات مغلقة.