تاريخ التتار الأول 8

تاريخ التتار الأول 8

إمبراطورية جنكيز خان

🔸 في ذي القعدة سنة 617هـ/1220م إستولي المغول على حصون جورجيا وخربوها، كما توغلوا في أراضيها حتى وصلوا إلى حاضرتها ” تفليس ” ؛

ثم عادوا ثانية إلى إقليم أذربيجان الذي انتفض عليهم، وما كادوا يصلون إلى ” تبريز ” حاضرة هذا الاقليم حتى أعلن أهلها الاستسلام، وتعهدوا بدفع جزية كبيرة،

ثم اتجهت قوات المغول صوب مدينة مراغة وما لبثت أن سقطت في أيديهم رابع صفر سنة 618هـ/1221م، يقول ابن الأثير : ” ووضعوا السيف في أهلها، فقتل منهم ما يخرج عن الحد والإحصاء، ونهبوا كل ما صلح لهم وما لا يصلح لهم أحرقوه “

لقد تعرض شرق الدولة الإسلامية لهذا الغزو المغولي، على هذه الصورة المروعة، ومع ذلك فإن خليفة بغداد الناصر لدين الله لم تبد منه أية محاولة لصده، كما لم يستمع إلى الرسل الذين قدموا إليه محذرين ❗

و لم يشعر الخليفة الناصر للأسف بخطر الزحف المغولي إلا عندما رحل المغول عن مدينة مراغة، وقصدوا مدينة إربل، القريبة من الموصل

🔹 عبر ابن الأثير عما انتاب أهل الموصل من الخوف حين شرع المغول في الزحف على مدينة أربل بقوله :

{ ووصل الخبر إلينا بذلك في الموصل، فخفنا حتى إن بعض الناس هم بالجلاء خوفاً من السيف ،}

وانزعج الخليفة الناصر حين علم بزحف المغول على مدينة إربل، وكان يلي إمارتها حينئذ مظفر الدين كوكبري من قبل خليفة بغداد،

فقد خشي الخليفة الناصر أن يتجه قواد المغول إلى العراق العربي عن طريق دقوقا بدلاً من إربل، بعد أن يكتشفوا وعورة مسالكها، وصعوبة الوصول إليها،

لذا بعث برسل تحمل أوامره إلى كل من مظفر الدين كوكبري صاحب إربل، وبدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل، والملك الأشرف موسى صاحب بلاد الجزيرة،

يأمرهم بالتوجه إلى مدينة دقوقا في عسكرهم ليصدوا المغول إن هم عدلوا عن إربل إليها، توطئة لاقتحام العراق العربي،

فسير بدر الدين بعض فرق جيشه إلى دقوقا، وغادر مظفر الدين إربل في صفر سنة 618هـ1221م مع عساكره وتبعهم جمع كثير من العساكر المتطوعة .

🔹أما الملك الأشرف فاعتذر عن الحضور بنفسه في عسكره إلى دقوقا بوصول الملك المعظم عيسى بن الملك العادل من دمشق، يستنجده على الفرنج الذين كانوا وقتذاك قد استولوا على دمياط ،

ووصلت قوات أمراء إربل والموصل والجزيرة إلى دقوقا حيث سير الخليفة الناصر إليهم جيشاً قوامه ثمانمائة فارس ، بقيادة مملوكه قشتمر،

وأسند الخليفة إلى الأمير مظفر الدين كوكبري قيادة القوات الإسلامية ووعده بمده بالعسكر ؛

غير أن حكام المسلمين عجزوا عن إعداد القوة اللازمة لمواجهة المغول، ولم يكد يصل إلى المغول نبأ تجمع القوى الإسلامية للقائهم حتى رجعوا القهقرى وهم يحسبون أن عسكر المسلمين يتبعهم، فرحلوا إلى العراق العجمي،

أما العسكر الإسلامي فأقام عند دقوقاً فترة تبين له أثناءها أن العدو قد انصرف عنهم، كما أن المدد الموعود به لم يصل إليهم، لذلك تفرقوا، وعاد الجميع إلى بلادهم سنة 618هـ/1221م ،

🔹 وقضى المغول الفترة التالية متنقلين بين المدن الإسلامية المختلفة في العراق العجمي وأذربيجان وأران وجورجيا مدمرين مخربين ما بقي من مدنها، حاملين ما يستطيعون حمله من خيراتها،

ثم عبر القائدان المغوليان المنطقة الواقعة بين بحر قزوين والبحر الأسود إلى بلاد القفجاق ( القوقاز) وروسيا، وسار المغول بقيادة هذين القائدين إلى بلغاريا وأوصلوا الرعب إلى أقصى حدود أوروبا .

💥 3 ـ استيلاء المغول على خوارزم :

كان إقليم خوارزم من الأقاليم التي تسيطر عليها تركان خاتون أم السلطان علاء الدين محمد بن خوارزمشاه ؛

فقد كان نفوذها في هذا الإقليم يفوق نفوذ السلطان نفسه، وذلك بفضل أتباعها المخلصين من قبيلة كانكالي التي تسكن السهول الواقعة شمال خوارزم وشمال شرقي بحر قزوين،

وبرغم هذا الشقاق الذي قام بين علاء الدين وأمه، فإنه لما رأى الخطر ماثلاً أمام عينيه، أرسل إليها في خوارزم يطلب منها أن تتقهقر هي وحاشتها إلى إقليم مازندران، جنوب بحر قزوين، حرصاً على حياتها،

كما نرى جنكيز خان يرسل إليها عندما سمع بذلك الشقاق الذي قام بين علاء الدين وأمه، يستميلها إلى جانبه، ووعدها بأن يترك لها ما بيدها من أملاك بعد أن يتم فتوحاته، على أن السلطانة لم تهتم بما جاء في هذه الرسالة ،

🔹ولما علمت تركان خاتون بتقهقر السلطان علاء الدين محمد، عزمت في أواخر سنة 616هـ/1219م على مغادرة إقليم خوارزم مع وصيفاتها، ومع أبناء علاء الدين، وحملت معها كل ما يمكن حمله من كنوز،

وقبل أن ترحل ارتكبت عملاً بربرياً فاحشاً ذلك أنها أمرت بقتل أولئك الأمراء الذين كان علاء الدين قد استولى على أملاكهم، والذين كانوا في سجون خوارزم،

فقتلت أبناء طغرلبك آخر سلاطين السلاجقة في العراق وأمراء بلخ وترمذ وباميان وابني آخر ملوك الدولو الغورية، وكثيرين من الأمراء الآخرين .

🔹رحلت تركان خاتون من إقليم خوارزم بغية الالتجاء إلى العراق العجمي، ثم اعتصمت وهي في الطريق بإحدى قلاع مازندران الحصينة ، وقد استولى القائد المغولي ((سوبوتاي)) في أثناء مطاردته علاء الدين خوارزمشاه على هذه القلعة، التي سلمت بعد ثلاثة أشهر حين نفذ ما أدخره المحاصرون من مياه للشرب،

ووقعت تركان خاتون أسيرة في أيدي المغول الذين قادوها هي وحاشيتها وأبناء علاء الدين إلى معسكر جنكيز خان، وقد ظلت تركان خاتون أسيرة في أيدي المغول حتى رحلوا إلى بلادهم وصحبوها معهم إلى هناك، حيث ماتت سنة 630هـ/1233م،

🔹وأما أبناء علاء الدين الصغار فقد قتلهم جنكيز خان رغم حداثة سنهم، كما أعطى أبنه جغطاي اثنتين من بنات علاء الدين، فتزوج واحدة وأعطى الثانية لأحد رجاله المقربين، كما أعطى جنكيز خان ابنة ثالثة من بنات علاء الدين لحاجبه دانشمند ،

وهكذا خلا إقليم خوارزم من الحكام الخوارزميين وبات ينتظر مصيره المحتوم على أيدي المغول .

1 🔸انتقال جلال الدين منكبرتي من خوارزم :

بعد وفاة علاء الدين في الجزيرة المنعزلة في بحر قزوين على نحو ما رأينا ؛ عبر أولاده الثلاثة جلال الدين منكبرتي، وأزلاغ شاه، وأق شاه، عبروا البحر إلى إقليم خوارزم حيث استقبلوا بمظاهر الفرح والسرور ؛

و كانت حاضرة هذا الإقليم في فوضى مستمرة منذ غادرتها تركان خاتون التي انشغلت بنفسها، وفاتها أن تعين حاكماً على هذا الإقليم،

وقد وصف النسوي وصول جلال الدين منكبرتي وأخويه إلى إقليم خوارزم في عبارة نوردها هنا :

{ لما اندرج السلطان إلى رحمة الله ودفن بالجزيرة، ركب جلال الدين البحر إلى خوارزم بأخويه المذكورين (أزلاغ شاه وأق شاه)…

وتباشر الناس بقدومهم تباشر من أعضل داؤه، فظفر بدوائه، واجتمعت عندهم من العساكر السلطانية زهاء سبعة آلاف فارس .}

🔹 وعلى الرغم من أن جلال الدين منكبرتي وأخويه استطاعوا أن يجمعوا جيشاً كبيراً لمواجهة المغول، فقد كان من سوء حظ الخوارزميين أن هذا الجيش كان يتكون من تلك القبائل التركية التي تنتمي إليها تركان خاتون والتي لم ترض عن تولي جلال الدين منكبرتي الحكم بعد أبيه،

وقد أراد جلال الدين أن يخضع هذه الجيوش الثائرة بالقوة فتآمروا على قتله،

ولم يجد جلال الدين مخرجاً إلا الفرار والنجاة بنفسه من الهلاك، ففر إلى خراسان بصحبة ثلاثمائة فارس تحت إمرة (تيمور ملك) حاكم مدينة خنجده،

وكان قد فر إلى إقليم خوارزم بعد غزو المغول مدينته خجنده كما رأينا،

وقد عبر جلال الدين هذه الصحراء التي تفصل إقليم خوارزم عن خراسان في ستة عشر يوماً، وصل بعدها إلى الأراضي القريبة من مدينة نسا .

وأما الجند المتآمرون فقد بقوا في خوارزم بعد رحيل جلال الدين عنها، ولكنهم ما لبثوا أن رحلوا أيضاً إلى خراسان بعد أن سار إليهم المغول،

👌 وبرحيل جلال الدين منكبرتي عن إقليم خوارزم ضاع آخر أمل في إنقاذ هذا الاقليم إذ لم يعد هناك من قوة تستطيع أن تقف في وجه التيار المغولي،

🔹وكان في قدوم أولاد علاء الدين خوارزمشاه مدينة خوارزم وجمعهم الجيوش الكثيرة فيها، ما استلفت نظر جنكيز خان، فسير إلى هذه المدينة جيشاً تحت قيادة أبنائه جوجي وجغتاي وأغطاي الذين كانوا قد أتموا فتح بلاد ما وراء النهر بالاشتراك مع جيوش جنكيز خان،

ولكي يحاصر جنكيز خان أبناء علاء الدين من كل جهة أمر جيوشه في خراسان بأن تقف على الحدود الجنوبية للصحراء التي تفصل خوارزم عن خراسان،

وقد عسكر سبعمائة فارس بالقرب من مدينة نسا، ولما أرادا الاشتباك معهم حلت بهما الهزيمة، ثم وقعا في الأسر، وقد قطع المغول رأسيهما ورشقوهما في سهمين، ثم طافوا بهما في أنحاء هذه المقاطعة إمعاناً في السخرية من الخوارزميين، وإرهاباً للأهالي المتمردين،

وفي هذه الأثناء في ذو القعدة سنة 617هـ / مايو سنة 1220م كان الجيش المغولي يتقدم نحو مدينة خوارزم، حاضرة الإقليم المسمى بهذا الاسم،

وهي تقع على مقربة من مصب نهر جيحون في إقليم صحراوي، إذ لا نجد فيما عدا هذه المدينة وما يحيط بها من مدن صغيرة وقرى متناثرة إلا أراضٍ صحراوية .

2 🔸حصار مدينة خوارزم :

كانت الجيوش المغولية تحت قيادة جوجي وأغتاي من أبناء جنكيز خان، كما ذكرنا، ولكن القيادة العليا كانت في يد جوجي أكبر ابنائه،

وهكذا كان المغول أقوياء بروحهم المعنوية وبرجالهم وبمؤازرة جنكيز خان لهم، أما الجيوش الخوارزمية، فكانت لا ضابط لها، وخاصة بعد أن فر جلال الدين منكبرتي وأخواه،

كما كانت أكثرية هذه الجيوش من قبيلة كانكالي التركية وهي من الجيوش المرتزقة التي لا يهمها في كثير أو قليل أن تدافع عن الأراضي الخوارزمية،

وصل القواد المغول الثلاثة إلى المدينة وطلبوا من أهلها التسليم ووعدوهم حسن المعاملة وأعلن لهم جوجي أن أباه جنكيز قد أعطاه إقليم خوارزم ليحكمه وأنه حريص على أن يقي حاضرة هذا الإقليم من التخريب، كما أخبرهم أنه حذر جنوده إلا يمسوا هذا الإقليم بأذى .

هذا إلى أن السلطان المتوفى علاء الدين خوارزمشاه كان قد أرسل إلى أهالى هذه المدينة على إثر تقهقره وفراره ينصحهم بالتسليم وعدم المقاومة، صوناً لأرواحهم،

وقد جاء في رسالة علاء الدين لهم ما يأتي :

{ ♦ إن لأهل خوارزم علينا وعلى سلفنا من الحقوق المتلاحقة والسوالف الحاضرة والسابقة ما يجب علينا النصح لهم، والإشفاق عليهم ، ..

وهذا العدو عدو غالب، فعليكم بالمسالمة والطريق الأرفق ودفع الشر بالوجه الأوفق .}

ورغم تحذير جوجي ونصح السلطان الخوارزمي لهم فقد انقسم السكان إلى معسكرين :

🔼 فريق منهما يؤمن بضرورة التسليم
🔼 وفريق آخر يرى ضرورة المقاومة والدفاع عن وطنهم

وقد انتصر أنصار الرأي الثاني ووقفت المدينة موقف الدفاع، واستعد السكان للمقاومة،

ولما أدرك المغول عزم الخوارزميين على المقاومة استعدوا بدورهم للقتال فنصبوا حول المدينة آلات الحرب من مجانيق ومتاريس وغيرها،

ولما كانت الأراضي المحيطة بالمدينة فقيرة من الأحجار التي يحتاج إليها المغول في أعمال الحصار التي يقذفونها على المدن المحاصرة بواسطة المجانيق ؛

فقد اقتلعوا عدداً كبيراً من أشجار التوت وقطعوا سيقانها قطعاً مستديرة تركوها فترة من الزمن في الماء حتى ازدادت قوة، واستطاعوا بعد ذلك أن يستعملوها في مجانيقهم لتحطيم أسوار المدينة ، ❗

وبينما كانت استعدادات المغول قائمة على قدم وساق، وصل كثير من أسرى البلاد الخاضعة للمغول ؛ فاستغلهم المغول في حفر الخنادق حول المدينة الذين أنجزوا هذا العمل في غضون عشرة أيام .

3🔸هجوم المغول على المدينة واحتلالها :

لما اطمأن المغول إلى استعداداتهم الحربية قام ثلاثة آلاف منهم بهجوم كان النصر فيه حليف الخوارزميين فظنوا أن انتصارهم أصبح من الأمور المحققة ، وساعد ذلك على تقوية روحهم المعنوية،

على أن هزيمة المغول في هذه المرة ترجع إلى تلك الفوضى التي حلت بالجيوش المغولية، نتيجة لخلاف نشأ بين جوجي وجغتاي ابني جنكيز خان،

ورغم هذا النزاع، استمر حصار هذه المدينة ستة أشهر أرسل قوات المغول في خلالها إلى جنكيز خان وكان إذ ذاك أمام مدينة الطالقان في أعالي نهر جيحون ـ يطلبون منه مدداً يعوض ما خسروه أمام مدينة خوارزم،

كما نقلوا إليه أنباء الخلاف الذي نشأ بين ابنيه، وما أدى إليه من شقاق وفساد وفوضى في صفوف الجيش المغولي،

🔹 وقد استاء جنكيز خان عندما سمع هذه الأنباء، فأرسل المدد وبعث أوامره بإسناد قيادة الجيش إلى ابنه الثالث أجتاي، وأمره أن يصلح من أمر أخويه،

ولما أعاد القائد الجديد تنظيم جيشه وقضى على تلك الفوضى التي انتشرت في صفوف الجيش أمر جنده بالهجوم على المدينة، واستطاع المغول في النهاية أن يخترقوا أسوارها وأن يرفعوا أعلام النصر على هذه الأسوار،

ثم أشعل المغول النار في منازل المدينة ومبانيها، وعلى الرغم من نجاح المغول في اختراق حصون المدينة صمم الخوارزميون على الاستماتة في الدفاع عن أنفسهم وعن مدينتهم، وقد ساهم النساء والأطفال في هذا الجهاد ،

واستمرت مقاومة الخوارزميين على هذا النحو سبعة أيام، وأخيراً وجد السكان أنفسهم قد تجمعوا في أحياء ثلاثة، وبعد أن أعيتهم الحيلة وضاقت بهم السبل عرضوا على المغول التسليم، فأرسل الفقيه ((عالي الدين))، محتسب خوارزم إلى قائد الجيش المغولي الذي أولاه احترامه وأمر بأن تفرد له خيمة خاصة،

ولما آن الوقت الذي مثل فيه الرسول الخوارزمي في حضرة القائد المغولي قال له : إننا شاهدنا من هيبة الخان، وقد آن أن نشاهد من مرحمته،

فغضب القائد المغولي وقال: ماذا رأوه من هيبتي، وقد أفنوا الرجال وطاولوا القتال؟ فأنا الذي شاهدت هيبتهم وها أنا أريهم هيبتي .

وقد أمر القائد المغولي الأهالي بالخروج من المدينة، وقد صدقت نبوءة الخوارزميين عن رحيل أصحاب المهن والحرف إلى بلاد المغول ، و أعمل المغول السيف في رقاب باقي السكان،

وكان على كل جندي من المغول أن يقتل أربعة وعشرين رجلاً خوارزمياً، فإذا علمنا أن الجيش المغولي كان يتكون من مائة ألف رجل أدركنا ذلك العدد الغفير من السكان الذين كان نصيبهم الهلاك .

وأخيراً لم يبق من السكان في المدينة إلا الفتيات الصغيرات والأطفال الذين استرقهم المغول .

5🔸 وصف ابن الأثير لما حدث لخوارزم :

ولكي يجهز المغول على المدينة ويجعلوها أثراً بعد عين، فتحوا سدود نهر جيحون فغرقت المدينة وتهدمت أبنيتها وأصبحت كأن لم تغن بالأمس،

وقد صور ابن الأثير ما اصاب هذه المدينة تصويراً دقيقاً في هذه العبارة:

{ ♦ ثم أنهم فتحوا السد الذي يمنع ماء جيحون عن البلد فدخله الماء، فغرق البلد جميعه، وتهدمت الأبنية، وبقي موضعه ماء ولم يسلم من أهله أحد البتة ؛

فإن غيره من البلاد قد كان يسلم بعض أهله منهم من يخافي ومنهم من يهرب، ومنهم من يخرج ثم يسلم، ومنهم من يلقي نفسه بين القتلى فينجو،

وأما أهل خوارزم، فمن اختفى من التتار أغرقه الماء وقتله الهدم، فأصبحت خراباً يباباً .}

🔸 وفي نفس الوقت الذي سيطر فيه المغول على إقليم خوارزم نرى جنكيز خان يتم إخضاع المدن الواقعة في أعالي نهر جيحون، ومن أشهرها ترمذ وبلخ ..

ومن الطريف المؤلم أن جنكيز خان لما استولى على مدينة ترمذ، امر بإخراج جميع السكان من المدينة وأمر جنده بقتلهم جميعاً، وقد حدث أن هم أحد المغول بقتل امرأة عجوز فأرادت هذه المرأة أن تفتدي نفسها بجوهرة ثمينة كانت تمتلكها، فلما طالبها المغول بهذه الجوهرة ذكرت أنها ابتلعتها في جوفها، فشق المغولي بطن المرأة وأخرج الجوهرة من جوفها، ❗

وقد انتشر الخبر سريعاً بين المغول فظنوا أن السكان جميعاً قد خبأوا الجواهر في بطونهم، لذلك أمر جنكيز خان بشق جميع بطون الموتى للبحث عما عسى أن يكون فيها جواهر ،

وبعد استيلاء المغول على إقليمي ما وراء النهر وخوارزم، استطاعوا أن يحيطوا تماماً بإقليم خراسان حيث وجهوا ضربتهم التالية، فاستولوا على مدن هذا الإقليم المدينة تلو الأخرى، ولم يقف في طريقهم عائق أو يمنعهم مانع .❗

🚩 التاريخ التتري .. إمبراطورية جنكيز خان
💥اجتياح خراسان الفقرة القادمة إن شاء الله .

التعليقات مغلقة.