تاريخ العصر المملوكي الجزء الخامس

تاريخ العصر المملوكي الجزء الخامس

توقفنا في الفقرة السابقة عند مقتل توران شاه إبن الملك الصالح نجم الدين أيوب على يد المماليك بدافع ذاتي منهم ؛ و بإيعاز من شجر الدر أرملة أبيه ؛ في صباح يوم 27 من المحرم سنة( 648هـ /2 مايو 1250م) و كان ذلك بعد معركة المنصورة و هزيمة حملة لويس التاسع و أسره ..

كان السلطان توران شاه يتناول طعام الإفطار في خيمته السلطانية فهجم عليه مجموعة من المماليك بعد شكوكهم بنواياه تجاههم، ومنهم بيبرس البندقداري وقلاوون الصالحي وأقطاي الجمدار وضربوه بالسيوف فهرب منهم لكشك خشبي فأحرقوه عليه فهرب منه ورمى نفسه بالنيل، فضربوه بالسهام والنبال فلم يفلح الرمي فنزل إليه بيبرس و أجهز عليه بسيفه في المياه .. فقتل جريحًا غريقًا حريقًا .

وبمقتل توران شاه بن الملك الصالح نجم الدين الأيوبي رحمه الله انتهى حكم الأيوبيين تماماً من مصر، وبذلك أغلقت صفحة مهمة من صفحات التاريخ الإسلامي.

🔹️ تفاصيل معارك دمياط و المنصورة و فارسكور

كان لويس يعدد للحملة منذ العام 1245م وفي 24 جمادى الأولى 646 هـ/25 أغسطس 1248م أبحر لويس التاسع من مرفأ إيجو-مورت (Aigues-Mortes) وفي صحبته زوجته “مرجريت دو بروفنس” (Marguerite de Provence)، وأخويه شارل أنجو و”روبرت دي أرتوا” (Robert d’Artois)، ونبلاء من أقاربه ممن شاركوا في حملات صليبية سابقة،

وتبعته سفن أخرى من نفس المرفأ ومن مرسيليا. كان الأسطول الصليبي ضخماُ ويتكون من نحو 1800 سفينة محملة بنحو 80 ألف مقاتل بعتادهم وسلاحهم وخيولهم .

قامت الحملة بوقفة تعبوية في جزيرة قبرص لتجميع كل السفن والمقاتلين قبل التوجه إلى مصر بناء على نصيحة مستشاري لويس ، حيث انضم إليه عدد كبير من بارونات سوريا وقوات من فرسان المعبد (الداوية) والاسبتارية قدمت من عكا تحت قيادة مقدميها .

وفي قبرص استقبل لويس وفداً من المغول يحمل رسالة ودية من خانهم يعرض فيها مساعدته على لويس.

في مايو عام 1249م ابحر لويس نحو مصر على متن سفينته الملكية “لو مونتجوي” ، وتبعته سفن الحملة من ميناء ليماسول القبرصي.

وبسبب شدة الرياح جنحت إلى عكا وسواحل الشام نحو 700 سفينة تحمل حوالي 2100 فارس صليبي، فتوقف لويس في جزيرة المورة اليونانية حيث انضم إليه قريبه “هيو دو بورجوندي” (Hugh de Burgundy)الذي شارك من قبل في حملات صليية آخرى ثم أبحرت السفن إلى مصر .

وأرسل لويس رسالة إلى السلطان الصالح أيوب يطالبه فيها بالاستسلام فرد عليه الصالح برسالة يحذره فيها من مغبة مهاجمته لمصر وينبئه بأن بغيه سيصرعه.

وفي فجر السبت 22 صفر 647 هـ/5 يونيو 1249 نزل جنود وفرسان الحملة على بر دمياط .

وفي 24 أكتوبر، وصل إلى دمياط من فرنسا “ألفونس دى بواتي” (Alphonse de Poitiers) الشقيق الثالث للملك لويس ومعه إمدادات وقوات إضافية،

فتشجع الصليبيون وقرروا التحرك إلى الأسكندرية أو القاهرة. واختار لويس القاهرة بنصيحة من أخيه “روبرت دو ارتوا” الذي قال له : “إذا أردت قتل الأفعى فاضربها على رأسها” أى توجه إلى القاهرة !!

في 20 نوفمبر 1249م، بعد نحو ستة أشهر من احتلال دمياط ، خرج الصليبيون من دمياط ومعهم سفنهم توازيهم في النيل،

وبعد بضعة معارك مع المسلمين وصلوا في 21 ديسمبر إلى ضفة بحر أشموم (يعرف اليوم بالبحر الصغير)، فأصبحت مياه بحر أشموم تفصل بينهم وبين المسلمين فأقاموا معسكرهم وأحاطوه بالأسوار والخنادق ونصبوا المجانيق، ووقفت سفنهم بإزائهم في بحر النيل،

ووقفت شواني(سفن) المسلمين بإزاء المنصورة. حاول الصليبيون بناء جسر ليعبروا عليه إلى ضفة المسلمين، ولكن المسلمون أمطروهم بالقذائف النارية وافسدوا خطتهم بكافة الوسائل .

في تلك الأثناء توفى السلطان الصالح أيوب في 15 شعبان 647 هـ/23 نوفمبر 1249م فأصبحت مصر بلا سلطان، فأخفت أرملته شجر الدر خبر وفاته وأرسلت مقدم المماليك البحرية فارس الدين أقطاي الجمدار إلى حصن كيفا بتركيا لاستدعاء ابنه توران شاه لقيادة البلاد .

بطريقة أو بآخرى علم الصليبيون أن السلطان الصالح أيوب قد توفى فتشجعوا. وفي 8 فبراير 1250م دل بعض نصارى مصر الصليبيين على مخائض في بحر أشموم

فتمكنت فرقة يقودها أخو الملك “روبرت دى أرتوا ” سوياٌ مع فرسان المعبد (الداوية)، وفرقة إنجليزية يقودها “وليم أوف ساليزبري” (William of Salisbury) من العبور بخيولهم وأسلحتهم إلى ضفة المسلمين .

فوجئ المسلمون بهجوم صليبي كاسح على معسكرهم في “جديلة” على نحو ثلاثة كيلومترات من مدينة المنصورة.

في هذا الهجوم المباغت قتل فخر الدين يوسف أتابك الجيش المصري وتشتت أجناد المسلمين وتقهقروا مذعورين إلى المنصورة .

وبعد أن احتل الصليبيون معسكر جديلة تقدموا خلف “روبرت دو أرتوا” نحو المنصورة على أمل القضاء على الجيش المصري برمته .

☆ معركة المنصورة

أمسك المماليك بزمام الأمور بقيادة فارس الدين أقطاي الجمدار، الذي أصبح القائد العام للجيش المصري وتمكن المماليك من تنظيم القوات المنسحبة، ووافقت شجرة الدر -الحاكم الفعلي للبلاد- على خطة الأمير بيبرس البندقداري باستدراج القوات الصليبية ومحاصرتها في كمين محكم داخل مدينة المنصورة.

وأمر بيبرس بتأهب الجنود والعوام داخل المدينة مع الالتزام بالسكون التام. وأقتحمت القوات الصليبية المنصورة بعد أن ظن فرسانها أنها خاوية من الجنود والسكان، واندفعوا نحو قصر السلطان للاستيلاء عليه، فخرج عليهم بغتة المماليك البحرية والجمدارية وهم يصيحون كالرعد القاصف .

وأخذوهم بالسيوف من كل جانب ومعهم العربان والعوام والفلاحين يرمونهم بالرماح والمقاليع والحجارة، وقد وضع العوام على رؤوسهم طاسات نحاس بيض عوضاً عن خوذ الأجناد وسد المسلمون طرق العودة بالخشب والمتاريس فصعب على الصليبيين الفرار، وراح بعضهم يلقون بأنفسهم في النيل للنجاة فابتلعتهم المياه.

قتل عدد كبير من القوات الصليبيية المهاجمة من فرسان المعبد وفرسان الإسباتريه لم ينج سوى ثلاثة مقاتلين، وفنيت الفرقة الإنجليزية تقريباً عن أخرها واضطر أخو الملك لويس “روبرت دي أرتوا” إلى الاختباء في أحد الدور ثم قتل هو و”وليم أوف ساليزبري” قائد الفرقة الإنجليزية .

أثناء المعركة حاول الفرنج على الضفة المقابلة لبحر أشموم بناء جسر يمكنهم من العبور لمساعدة فرسانهم، ولكن لما وردتهم أنباء سحق الفرسان، عن طريق ” بيتر أوف بريتني ” الذي فر إليهم بوجه مشجوج من ضربة سيف، وشاهدوا بقايا فرسانهم مدبرين والمسلمين في أعقابهم، أخذوا يلقون بأنفسهم في مياه النيل بغية العودة إلى معسكراتهم وكاد لويس ذاته أن يسقط في الماء .

استمر هجوم المسلمين على الصليبيين طوال اليوم، وظن فارس الدين أقطاي أن لويس قد قتل في المعركة فأمر بشن هجوم كبير على معسكر الصليبيين في فجر اليوم التالي ألحق بهم خسائر فادحة. وأرسل الحمام ببشائر النصر إلى القاهرة ففرح الناس فرحة عارمة وأقيمت الزينات .

تحصن الصليبيون داخل معسكرهم ثمانية أسابيع آملين في انهيار القيادة المصرية لكن بدلاً من ذلك وصل السلطان الجديد توران شاه إلى المنصورة في 28 فبراير 1250 لقيادة الجيش . وتنفست شجر الدر الصعداء بعد أن تحملت عبء الدفاع عن البلاد، وأعلنت رسمياً نبأ وفاة زوجها الصالح أيوب .

نقل المصريون الشواني( السفن) مفككة على ظهور الجمال وبعد أن ركبوها وضعوها في مياه النيل خلف القوات الصليبية (كما فعل الملك الكامل حجد توران شاه أثناء الحملة الصليبية الخامسة) وبذلك حوصر الصليبيون في مصيدة وهم جوعى ومرضى ويعانون شدة الخوف.

وعرض لويس على المسلمين تسليم مدينة دمياط في في مقابل تسليمه بيت المقدس وأجزاء من ساحل الشام ، ولكن المسلمون رفضوا العرض .و لم يعد أمام لويس التاسع إلا أن يحاول الفرار إلى دمياط لإنقاذ نفسه وجنوده .

في 5 أبريل 1250، في ظلام الليل، بدأت القوات الصليبية رحلة الهروب إلى دمياط لكن المسلمون عبروا فوق جسر من الصنوبر كان الصليبيون قد أقاموه فوق قناة أشموم ولكنهم من عجلتهم وارتباكهم نسوا أن يدمروه وهم ينسحبون،

وطاردوهم وهم يعملون فيهم السيوف والرماح من كل جانب حتى وصلوا إلى فارسكور، وهناك تم سحقهم بالكامل، ووقع الملك لويس وأمراؤه ونبلاؤه في الأسر في 6 أبريل 1250 .

وهكذا تحققت نبؤة الصالح أيوب بأن بغي لويس التاسع سيصرعه وإلى البلاء سيقلبه. استناداً إلى المصادر الإسلامية قتل في حملة لويس التاسع ما بين 10 آلاف و30 آلف من الجنود الصليبيين .

أسر لويس التاسع في “منية عبد الله” (ميت الخولي عبد الله الآن) ، بعد أن استسلم مع نبلائه للطواشي ” جمال الدين محسن الصالحي ” ، وأودع مغللاً في بيت القاضي إبراهيم بن لقمان، كاتب الإنشاء، تحت حراسة طواشي يدعى صبيح المعظمي .

كما أسر أخواه “شارل دانجو” و”ألفونس دو بويتي” وعدد كبير من أمرائه ونبلائه وقد سجن معظمهم معه في دار ابن لقمان. أما الجنود العاديون الذين أسروا فقد أقيم لهم معتقل خاص خارج المدينة.

سُمح للويس التاسع بمغادرة مصر مقابل تسليم دمياط للمصريين، والتعهد بعدم العودة إلى مصر مرة أخرى، بالإضافة إلى دفعه دية قدرها 400 ألف دينار تعويضاً عن الأضرار التي ألحقها بمصر.

(دفع نصف المبلغ بعد أن جمعته زوجته في دمياط، ووعد بدفع الباقي بعد وصوله إلى عكا، وهو مالم يفعله بعد أن تهرب من الدفع فيما بعد) .

ويصف المؤرخ الصليبي “ماثيو باريس” (Matthew Paris) (توفي 1258م) مدى الألم الذي شعر به الصليبيون بعد هزيمتهم في مصر بقوله :

“كل الجيش المسيحي تمزق إرباً في مصر، وا أسفاه، كان يتكون من نبلاء فرنسا، وفرسان الداوية والاسبتارية وتيوتون القديسة ماري وفرسان القديس لازاروس”.

🔹 ️قيام دولة المماليك البحرية (648 ه/ 1250م)
أ- الفترة الانتقالية لشجرة الدر

أضحى المماليك، بعد مقتل تورانشاه، أصحاب الحل والعقد. وكان من.الطبيعي أن يطمع كل أمير منهم في تبوء عرش السلطنة الشاغر ….

كما وجد على الساحة السياسية الملوك الأيوبيون خارج مصر والراجح أنهم استاءوا من إقدام المماليك على قتل أحد ملوكهم واستئثارهم بالسلطة، ومن الطبيعي أن يرى كل
منهم في نفسه الشرعية لأن يلي السلطنة بعد تورانشاه .

وأخيرا قرر المماليك حل المشكلة الناجمة عن شغور العرش، فاختاروا شجرة الدر، أم خلیل بن الصالح أيوب، لتولي السلطنة .

ويبدو أن عدة عوامل فرضت نفسها على الساحة السياسية في مصر، حتى تم هذا الاختيار لعل أهمها :

١▪︎ تنافس أمراء المماليك على الزعامة .
۲▪︎ تطلع الملوك الأيوبيين في بلاد الشام إلى حكم مصر .
۳▪︎ رجاحة عقل شجرة الدر ، واطلاعها على الأمور الهامة في الدولة، حيث كانت تشارك زوجها الراحل في إدارة أمور السلطنة .

كانت شجرة الدر جارية من أصل أرمني أو تركي، اشتراها الصالح أيوب، وحظيت عنده، فأعتقها وتزوجها. لذلك فهي من ناحية الأصل والنشأة أقرب إلى المماليك، واعتبرها المقريزي أولی سلاطین دولة المماليك الأولى (*2)

والواقع أنه توجد ثلاثة آراء تتعلق بنهاية الدولة الأيوبية في مصر وبداية دولة المماليك البحرية :

▪︎الأول : يرى أصحاب هذا الرأي أن المعظم تورانشاه هو آخر الملوك الأيوبيين في مصر، وأن السلطانة شجرة الدر هي أولى السلاطين المماليك. (*3)

▪︎الثاني: أن هناك فئة من المؤرخين ترى أن شجرة الدر هي آخر السلاطين الأيوبيين في مصر باعتبارها زوجة الصالح أيوب، وقد زالت الدولة الأيوبية في البلد المذكور عندما تنازلت للمعز أيبك الذي أضحى أول من ملك من الأتراك في
الديار المصرية (*4)

▪︎الثالث: يرى فريق ثالث من المؤرخين أن الملك “الأشرف موسى” (5) الذي نصبه المعز أيبك سلطانا، هو آخر الملوك الأيوبيين في مصر وكان في العاشرة من عمره ثم حجبه الملك المعز واستقل بالملك فانقرضت الدولة الأيوبية من الديار المصرية (6) .

ويبدو أن الصلة السياسية التي ربطت شجرة الدر بالصالح أيوب قد انتهت بموت هذا الأخير وتولية ابنه تورانشاه من بعده، وأنها أصبحت حاكمة لمصر باعتبارها من فئة المماليك، وليس كفرد من أفراد البيت الأيوبي بدليل أن الملوك الأيوبيين في بلاد الشام أبدوا معارضة قوية لحكمها وأنه لا عبرة بولاية الأشرف موسی، أثناء حكم المعز أيبك، باعتباره كان صبية، وأداة طيعة في يد هذا الأخير ، وفي يد غيره من زعماء المماليك”. (*7)

لكن الواقع أن الفترة التي حكمت خلالها شجرة الدر مصر ، تعتبر فترة انتقالية مهدت لقيام دولة المماليك البحرية .

ومهما يكن من أمر، فقد بویعت السلطانة الجديدة في الثاني من شهر صفر عام 648ه/ السادس من شهر أيار عام 1250م)(*8)

وحلفت لها العساكر باعتبارها سلطانة، كما عهد المماليك إلى عزالدين أيبك، وهو أحد الأمراء الصالحية، بأتابكية العسكر ، فكان لها بمثابة الشريك.(*9)
————————
🔹️ أهم الأحداث السياسية في عهد شجرة الدر

☆1 – تصفية الموقف مع الصليبيين

قبضت شجرة الدر على زمام الأمور في مصر بقوة، واشتهرت بحسن السياسة . فلما استقرت في الحكم أنعمت على الأمراء بالوظائف السنية، وأقطعت المماليك البحرية الإقطاعات الكبيرة، وأغدقت الأموال على الجند، حتى أرضت الكبير والصغير منهم .(*10)

كانت فاتحة أعمال السلطانة الجديدة ، إنهاء المفاوضات التي
بدأت مع الصليبيين على عهد تورانشاه، الذين ما زالوا يحتلون دمياط، والإشراف على رحيلهم ..

حقيقة، إن الملك الفرنسي لويس التاسع كان أسيرا في يد المسلمين في المنصورة، لكن دمياط ظلت قاعدة بحرية في قبضة الصليبيين الفرنسيين مما يشكل تهدیدا مباشرا لمصر والمماليك معا خاصة إذا ما تحرك الغرب الأوروبي وأرسل
حملة صليبية أخرى إليها .

لذلك أخذت تسعى لحل هذه المعضلة، بعد أن استقرت الأمور لها في الداخل .

وهكذا استؤنفت المفاوضات بين الجانبين، وكان يمثل السلطانة والأمراء البحرية، الأمير حسام الدين محمد بن علي الهذباني، وقد اختاروه نظرا لرجاحة عقله، وحسن تقديره للأمور، واعتماد مولاهم الملك الصالح عليه من قبل .(*11)

في حين انتدب لويس التاسع، وليم أمير الأراضي الواطئة، وجان كونت سواسون، و بلدوين دبلين و أخيه جاي دبلين. (*12)

وبعد مفاوضات مضنية، حيث كان الصليبيون في وضع حرج لا يسمح لهم بالمناورة، فرض المماليك شروطهم التي اتسمت بالقسوة البالغة وتم الإتفاق على أن :

1▪︎ يعيد الملك الفرنسي لويس التاسع مدينة دمياط إلى المصريين .
2▪︎ يطلق سراح الأسرى المسلمين لديه.
3▪︎لا يهاجم السواحل الإسلامية مرة أخرى .

4▪︎ يدفع مبلغ خمسمائة ألف دينار مقابل إخلاء سبيله وسبيل الأسرى المسيحيين منذ عهد الملك العادل الأيوبي من جهة، وتعويضة عما أحدثه الصليبيون في دمياط من النهب خلال إقامتهم بها من جهة أخرى.

5▪︎ يدفع الملك الفرنسي نصف المبلغ المتفق عليه فورا وقبل إطلاق.سراحه، ويدفع النصف الآخر بعد مغادرته مصر ووصوله إلى عكا.

6▪︎ يتعهد المسلمون، من جانبهم، برعاية مرضى الصليبيين في دمياط، والمحافظة على معدات الصليبيين إلى أن تحين الفرصة لأخذها .

7▪︎ تحدد مدة المعاهدة بعشر سنوات . (*13)

وبعد أن تم الإتفاق بين الجانبين على البنود الواردة أعلاه، قامت ملكة فرنسا مارجريت دي بروفانس، التي كانت ترافق زوجها، بجمع نصف الفدية المتفق عليها ثم أبحرت إلى عكا.

وفي صباح (3 صفر عام 648 ه/ 7 أيار عام 1250م) أرسل لويس التاسع جوفروا دي ساجين إلى دمياط لتسليمها إلى المسلمين. وفعلا دخلت العساكر الإسلامية إلى المدينة .

ويبدو أن بعض الجنود قاموا بأعمال السلب والنهب في المعسكر الصليبي ، مما حمل لويس التاسع على الاحتجاج، وأرسل، لهذه الغاية ، رسولا إلى الأمير أقطاي الذي نصحه بألا يبدي أي تذمر، ما دام الملك في أيدي المسلمين .

والراجح أنه حدثت خلافات داخلية بين المماليك بشأن الإفراج عن الملك الفرنسي أو الاحتفاظ به ؛ إذ بعد أن وضع المسلمون يدهم على دمياط، أخذوا يتداولون في مسألة الإبقاء عليه وعلى الأسرى الصليبيين …

وقد انقسموا إلى فريقين :
▪︎ فريق رأي تنفيذ بنود الاتفاقية المعقودة مع الصليبيين، وعدم نكث العهود، و كان على رأسه السلطانة شجرة الدر والأتابك عزالدين أيبك، وساندهما بعض المماليك الصالحية.

▪︎وفريق رأي ، منذ البداية، أن من مصلحة المسلمين الاحتفاظ بالملك الفرنسي، وعدم إطلاق سراحه، نظرا :
لاطلاعه على عورات المسلمين حيث شاهد أمراءهم يقتلون سلطانهم ؛ ولمركزه الديني الكبير في أوروبا ؛ ولأن دمياط أضحت فعلا في أيدي المسلمين …

وقد ترأس هذا الفريق الأمير أقطاي والأمير حسام الدين محمد بن علي الهذياني ..

ويبدو أن وجهة نظر الفريق الأول انتصرت في النهاية، وتمكنت شجرة الدر والأمير أيبك من إقناع الأمراء المعارضين بوجهة نظرهم.

وهكذا أخلي سبيل الملك الفرنسي لويس التاسع وأمرائه وعدد كبير من بارونات الصليبيين، وكبار فرسانهم ، بعد دفع نصف الفدية . أما بقية الأسرى فقد ظلوا في الأسر حتى يتم دفع كامل المبلغ المتفق عليه ..(*14)

ثم حدث أن أبحر الملك لويس التاسع وأتباعه إلى عكا في الرابع من شهر صفر عام 648ه/ الثامن من شهر أيار عام 1250م)، وبذلك انتهت الحملة الصليبية السابعة التي رافقت أحداثها نهاية الدولة الأيوبية والفترة الممهدة لقيام دولة المماليك البحرية.

ونجحت شجرة الدر في رد ذلك الخطر الذي تعرضت له مصر
في أواخر أيام زوجها الصالح نجم الدين أيوب ؛ وضربت البشائر، وأقيمت الأفراح في كافة أرجاء مصر، وفي كل إقليم
إسلامي، ابتهاجا بهذا النصر الذي أحرزه الجيش المملوكي على الصليبيين ؛ وعادت العساكر المملوكية إلى القاهرة يوم (۹ صفر عام 648 ه / 13 أيار عام 1250 م) (*15).

————–‐—————————————————–
الهامش لم يستكمل بعد و تصحيح أخطاء النسخ و الأرقام فنرجو من الناسخين اللاصقين عدم النسخ و تعريض صفحاتهم للسخرية أو البلاغات من طرفنا #جواهرالأدبوالتاريخ
————–‐—————————————————–
(*1) انظر التتار…للصلابي ؛ و قصة التتار للسرجاني ؛ و انظر الحملة الصليبية السابعة بقيادة لويس التاسع الويكيبيديا .
Joinville’s Chronicle ; Runciman ومجموعة مؤلفين
(☆1) د. محمد سهيل طقوش : تاريخ المماليك في مصر

وبلاد الشام ط 1 دار النفائس 1997م ص 35 – 39

(2) المقريزي: السلوك، ج۱، ص (3) المقريزي: ج۱، ص۳٦١. يرى النويري أن الملك المعظم تورانشاه هو آخر الملوك الأيوبيين المستقلين في مصر. نهاية الأرب: ج۲۹، ص۳٦٢.
(4) المنصوري: التحفة الملوكية في الدولة التركية، ص۲۷. العيني: ج۱، ص۳۹. ابن تغري بردي : ج۷، ص ۳. ابن إياس: جا قسم ۱ ص۲۸۹ – ۲۸۸. (5) الأشرف موسی بن يوسف بن مسعود بن الكامل. عاش والده في كنف الصالح أيوب، حتى توفي عن هذا الطفل الصغير موسی. راجع المقريزي، ج، ص۳٦٩.
(6) القرماني، أحمد: أخبار الدول وآثار الأول، ص65. (7) نسیم، جوزيف: العدوان الصليبي على مصر. هزيمة لويس التاسع في المنصورة وفارسكور، هامش رقم 4، ص۲۲۸ – ۰۲۲۹
(8) ابن إياس : ج١ ، قسم ۱، ص۲٦٨ (9) المنصوري : ۲۹.
(10) ابن إياس: ج ١، قسم ۱، ص۲۸۹. (11) المقريزي : السلوك، مصدر سابق، ص ۱۳۹۲
(12) تاريخ سانت لويس، من ناتالي دي أ بوك. السير دي Joyville . ص194 (12) المقريزي: ج۱، ص۳۶۳، ابن تغري بردي : النجوم الزاهرة، مصدر سابق: ج۱، ص۳۹۸
(13)رنسیمان، ستيفن : تاريخ الحروب الصليبية ، ج3، ص467 . الذي يذكر أن المبلغ الذي كان لزاما على الملك أن يؤديه قدره خمسمائة ألف ليرة تورنادية ، أي ما يقابل مليون بیزنتة. (14) ابن تغري بردي: ج۱، ص۳۹۸-۳۹۹
(*15) العيني : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان. عصر سلاطين المماليك : ج۱، ص۳۱.

التعليقات مغلقة.