عبد الحميد الثاني وأتاتورك 2

💥 عبد الحميد الثاني وأتاتورك 2

نواصل عرض هذه الدراسة عن الفترة من ١٨٧٧م إلى ١٩٢٩م
و تداعيات سقوط العثمانية و أحداث الحرب العالمية الأولى و الثورة العربية و فترة حكم أتاتورك ؛ و نترك الحديث في كل فقرة لكاتب أو أكثر من مختلف الإتجاهات بما فيهم كتاب الغرب و المستشرقين والعلمانيين و القوميين*¹ .. وهدفنا من ذلك التوصل للحقائق .. وابراز المثالب والعيوب و نقاط الضعف و أسباب الفشل و أيضا المزايا لأطراف الصراع

وسترى في كل فقرة رأيا مختلفا عن سابقه فلنتابع .

يقول الأستاذ محمود شاكر في “كتابه العهد العثماني” ، من سلسلة كتبه “التاريخ الإسلامي ج8 ” و قد لخصناه لكم :

{ كانت أوربا تترنح لتقف على أقدامها عندما جاء العهد العثماني في الوقت الذي كان فيه المسلمون يقفون مكانهم لا يتقدمون ؛ حيث كان قد ظهر الإهمال لدينهم الذي هو سبب مجدهم ومجال قوتهم ؛ وكان السعي للأخذ بالأسباب قد بدأ يفتر لديهم ..

ثم جاء الوقت الذي تعادلت فيه الكفتان، وبعدها أخذت ترجح كفة أوربا على كفة المسلمين …

وإذ بقي شعور لدى المسلمين بأنهم هم الأعلون فإن هذا الشعور لم يواكبه عمل إيجابي، من السعي والبحث والتجربة لإستنتاج جديد ومن ثم التطور ؛ بينما نهضت أوربا وتقدمت في مختلف الميادين، وثبت المسلمون، بل غدت حالتهم تتأخر مع الإهمال و ترك الميدان لغيرهم،..

فلما اتسعت الفجوة أصيب المسلمون بالصغار، وأصابهم الوهن فبدأوا ينقلون و يقلدون أوربا بغير و عي فقلدوا ما ساء من سلوكهم ، وما خبث من تصرفهم ، وتركوا ما حسن بحجة الصعوبة وعدم القدرة في الوقت الراهن .

وبدأت أوربا تكتب وتدون ويأخذ بعضنا كل شيء منها وهم الذين خضعوا لأوربا فكريا وثقافيا وعلميا وتغنوا بحضارتها، وانبهروا بعلومها ..

وعندما ضعف أمر العثمانيين، وبدأ الأوربيون يتدخلون في شؤونهم کشر النصارى في الدولة العثمانية عن أنيابهم فكانوا يعدون أنفسهم رعایا لدول أوربية، كل طائفة منهم حسب ما تنتسب فالأورثوذكس كانوا يحسبون أنفسهم على أنهم رعایا لروسيا، والكاثوليك رعايا لفرنسا، والبروتستانت رعایا
لإنكلترا ..

وبدأ (*المسيحيون)أيضا يدعون إلى التنظيمات السرية باسم القومية التي بدأت تدخل إلى المنطقة، مع الأسف، والنصارى ليس لهم دعوة سواها إذ لو دعوا إلى عقيدتهم کرابطة لكانوا وحيدين في الساحة، ولحلت بهم النكبات، وعدوا محاربين يجب قتالهم حسب الشريعة الإسلامية المعمول بها في الدولة ولو إسميا ..

لقد ظهرت القومية في أوربا بعد صراعات بين دولها المتعددة ، وكانت كلها قد طرحت دیانتها من الحساب، ولم تعد العقيدة هي الرابط الذي يجمع بين دول القارة، وإن لم تتخل واحدة منها عن الروح الصليبية التي بقيت تملأ النفوس ، وتشحنها الكنيسة ضد المسلمين مع أن الكنيسة سقطت في المعركة التي قامت بينها وبين العلم .

وتمسكت أوربا بالفكرة القومية مدة من الزمن لأنها اتخذتها سلاحا سياسيا مهما ربما كان أقوى من أي سلاح فتاك آخر؛ إذ تمکنت به من تحطيم أعداءها السياسيين، وكانت أقواهم يومذاك الدولة العثمانية التي تتألف من عدة شعوب،

فعندما انتشرت فكرة القومية وغذتها دول أوربا ودعمتها، وحملها المستغربون من المسلمين والنصارى من رعايا الدولة العثمانية، أخذت هذه الشعوب ينفصل بعضها عن بعض وهي التي كانت تشكل أمة واحدة، وإذ بهذه الأمة مجموعة متفككة تهوي أمام أوربا التي تركت دينها، وإذا بالنصارى واتباع الفرق الضالة كلها، والملحدين يعيشون في الدولة العثمانية كلهم قوميون ضد الدولة لأن شعارها الإسلام .

وفي الوقت الذي أخذت فيه الفكرة القومية تنتشر بين المسلمين، كانوا على درجة من الضعف بحيث لا يمكنهم أن يردوا کيدا ، أو يقفوا في وجه فكر، بل لا يعرفون الأفكار، وإنما همهم هو عملهم اليومي، وقد يدفعون إلى القتال دفعا دون أن يدركوا من يقاتلون؟ ولم يقاتلون؟

وربما يستغلهم بعضهم فيشجعهم ضد آخرین باسم الإسلام، ولم يعرفوا إن كان عدوهم الذي يحاربونه كافرا أم لا ! لهذا كان انتشار الفكرة القومية بين فئة قليلة هي التي بيدها الأمر أو تستطيع أن تتحرك على الساحة، فكان الأمر بيدها سرا دون معرفة رأس الدولة العثمانية …

أمثال مدحت باشا من الترك وقد لعب دورا مهما وخاصة في البلدان العربية بصفته تولى عدة مناصب إدارية فيها في مناطق مختلفة فكان يسكت عن حملة الفكرة القومية مع معاداتها إلى جنسه، أو إلى من يمثله وهي الدولة العثمانية بل كان يدعمها ويشجعها، ويأخذ بأيدي من يحملها وينادي بها ويرفعها شعارا له، …

وأمثال الشريف حسين بن علي شريف مكة بصفته شريفة، ويتسلم أمور الأماكن أكثر المناطق أهمية بنظر المسلمين، وبصفته من العرب ثالثا وهم الذين يدعون أن الخلافة يجب أن تكون منحصرة فيهم ، لذا كانت صلاته واسعة، وقد تتحرك هذه الفئة على الساحة إذ تتلقى دعما من بعض دول أوربا التي أصبح لها نفوذ في المنطقة مثل فرنسا وانكلترا، وكانت هذه الفئة إما من النصارى الحاقدين، أو المسلمين المغررین .

كانت الدولة العثمانية تتألف من عدة شعوب، لكن أهمها شعبان هما الترك والعرب، فالترك الذين منهم الخليفة، وتكاد تشيع لغتهم بصفتها لغة الخليفة والأسرة الحاكمة وكبار الدولة، وكان أغلب الجيش النظامي منهم، ولأن مدينتهم حاضرة الدولة كلها، ويلتقي فيها مجلس المبعوثان .

وتبنى فكرة القومية أيضا العرب ؛ الذين يشكلون جزءا كبيرا من الدولة العثمانية، وتشغل أراضيهم مساحة واسعة ولغتهم رئيسية أيضا بصفتها لغة القرآن الكريم كتاب المسلمين جميعا، وتلاوته لا تكون إلا بالعربية، كما أن حديث رسول الله ﷺ بتلك اللغة، والقرآن الكريم والحديث الشريف هما أساس التشريع الذي عليه تقوم الدولة ولو بصورة إسمية …

هذا بالإضافة إلى عدد من الشعوب الأخرى لكنها أقل أهمية لقلة عدد أفرادها، وقلة أهمية لغتها .

وأخذ عدد من الترك بالفكرة القومية وبدؤوا يبثونها سرا في أوساط المجتمع ولعل هؤلاء الأفراد كان معظمهم ممن لهم مصالح؛ منها ما يعود إلى تحطيم الدولة العثمانية بالذات التي وقفت أمام مصالح اليهود في فلسطين أو أمام تطلعاتهم القائمة على إقامة دولة لهم في فلسطين ؛ وكان أكثر أفراد هذه المجموعة من الذين يعودون إلى أصل يهودي ..

إذ أن الدولةالعثمانية فتحت أبوابها لليهود الذين خرجوا من الأندلس نتيجة الاضطهادات النصرانية التي لحقتهم، تخطيطا ومكرة، ورغم احتضان الدولة العثمانية لهم فإنهم لم يحفظوا هذا الإحسان وإنما قابلوه بمنتهى الإساءة وأظهر عدد منهم
الإسلام، وبقوا في الواقع على دينهم الأصلي وهو اليهودية، وهم عرفوا باسم يهود الدونمة ويعودون في الأصل إلى أنهم أتباع ساباتاي زفي .
………..
*ولد ساباتاي في أزمير عام ۱۰۳۰، وادعى أنه المسيح المنتظر، وهو ابن اثنتين وعشرين سنة، وزار مصر عام ۱۰۷3، واستفاد من دعم الصيرفي رافائيل جوزيف (یوسف جلبي)، كما زار فلسطين عام (۱۰۷٤م)، وعاد إلى أزمير عام (۱۰۷۹م) فجاءته وفود يهودية ، وقسم العالم إلى ۳۸ جزءا، وعين لكل جزء ملكا، وتصور أن يكون الجميع يتبعون له وهو يقيم دولته في القدس .

وادعى آخر أنه المسيح المنتظر، ويدعی کوهین، ووقع الخلاف، فاشتكى الآخر إلى الدولة مدعيا أن ساباتاي يعمل لقيام تمرد ضد الدولة، ويدعو إلى إقامة دولة يهودية في فلسطين، فقبضت الدولة على ساباتاي، وتشكلت له محكمة من كبار العلماء وقضت عليه بالإعدام فخاف من الموت وأعلن إسلامه وصار يدعى محمد البواب لأن السلطان منحه راتب رئيس البوابين ، غير أنه في الباطن بقي يهوديا وطلب من السلطات العثمانية أن تسمح له بدعوة اليهود إلى الإسلام فأذنت له وبدأ يبث سمومه، ويطلب من أتباعه أن يظهروا الإسلام ويبطنوا اليهودية ليهدموا من الداخل فيصومون أحيانا ويحجون أحيانا، ويدخلون المساجد وهم من اليهود. والدونمة ثلاثة فرق هي: اليعاقبة، والقراقاشية، والقبانجية واستطاعت الفرقة الأخيرة القابانجية من التغلغل في أوساط حزب الاتحاد والترقي، وأصبح لهم دور فيه، وأداروا الجزء الأكبر من الانقلاب ضد السلطان عبد الحميد،…

و ليهود الدونمة لغتان، التركية للتفاهم مع مجتمعهم التركي، والإسبانية للتعامل فيما بينهم ولهم دور كبير في الإعلام، إذ يملكون أهم الصحف مؤسسة حريت» التي قامت عام ۱۳۹۷، وجريدة اكون ابدین وتعني صباح الخير، وجريدة امليت، وتتبع هذه الجريدة مجلة اصنعت وتعني الفن، وجريدة الجمهوريته وجريدة اترجمان، وهذه أكبر الصحف التركية.

ويدعو الدونمة للاختلاط والسفور، وإلى الماسونية، وإقامة مسابقات ملكات الجمال، والتعاون مع إسرائيل، ومحاربة العرب، ومنهم الذين يتجهون نحو الغرب، ومنهم الذين
يتجهون نحو الشرق ليكون لهم في كل مجال میدان .
…………

ومن هؤلاء الذين تبنوا فكرة القومية أيضا الترك الذين تربوا في الغرب، وتأثروا بأفكاره، ومنهم الذين الذين يطمعون بمناصب سياسية عالية أو الذين أهواهم الجنس، ولم يجدوا سبيلا له إلا بالهجوم على الإسلام ومبادئه ، والدعوة إلى ترك الباب مفتوحا على مصراعيه للحرية الجنسية .

وأخذ عدد من العرب الفكرة القومية لأسباب تكاد تكون نفسها التي من أجلها أخذ بعض أفراد الترك الفكرة فبعض هؤلاء العرب كان يطمع بإقامة خلافة عربية يكون هو على رأسها نتيجة شرافته ومركزه ، أو يكون عدد من الخلفاء، خلفاء من العرب، وآخرون من الترك، ومن الفرس، ومن الهنود، ومن السودان وغيرهم …

ومنهم من كان يطمع بمناصب عالية سواء في الجيش أو الحياة السياسية وكلها حسب الإغراءات التي كانت تقدمها دول أوروبية ذات صلات في المنطقة .

هذا بالإضافة إلى الذين يسيرون وراء شهواتهم، ويرون في الإسلام سذة في وجههم، وقد يوجد من يعادي العقيدة أصلا لسبب من الأسباب.

وربما كان بين هؤلاء وأولئك من يسير باندفاع ذاتي فيرى المساوئ التي عمت دوائر الدولة فيجب إصلاحها وينادي بذلك، وقد يقع بشرك أولئك باسم الإصلاح، وقد لا يقع، وإنما يسير جنبا إلى جنب معهم فيكون بجانبهم يستغلونه وإن لم يحمل أفكارهم ..

وقد يكون بين هؤلاء وأولئك من اقتنع بالفكرة نتيجة بعض المرئيات التي حصلت لديه ؛ وقد عرف بينهم أيضا من يرى أن الخلافة يجب أن تحصر في العرب ..

فكانت فكرة القومية هي السلاح الفعال الذي استخدمته أوربا وروسيا ضد الرجل المريض أو الدولة العثمانية فتفككت أوصالها و سقطت بالنهاية و انقسمت أقاليمها إلى دويلات بات من السهل احتلالها و الهيمنة عليها و نهب ثرواتها } (*2)


ولنترك محمود شاكر و نرجع برهة إلى الوراء لنتعرف على خلفية الصراع الذي امتد من القرن الرابع عشر إلى هذه الفترة التي يجري الحديث عنها في موضوعنا و هي أواخر القرن ١٩ و أوائل القرن ٢٠ .

و لنمر بسرعة الضوء لنقرأ قصة التاريخ العثمانى منذ القرن الثالث عشر إلى القرن التاسع عشر قبيل تولى السلطان عبد الحميد الثانى مباشرة وذلك في ثلاث فقرات فقط كمقدمة لموضوعنا و لنمر بمراحلالنمو و الصعود والقوة والتوقف ثم الضعف ثم بداية محاولات الإصلاح ماقبل السقوط .

والحديث للكاتب أورخان محمد علي من كتابه : ” السلطان عبد الحميد حياته و أحداث عصره ” يقول :

🔸تأسست الدولة العثمانية على يد اﻷتراك العثمانيين بعد تفكك اﻹمبراطورية السلجوقية، و كما هو معلوم فإن سلاجقة الروم أسسوا فى اﻷناضول دولة قوية في القرن الحادي عشر للميلاد،

و لكن دولة السلاجقة بدأت بالضعف و اﻹنحلال في منتصف القرن الثالث عشر للميلاد حيث دخلت في حماية اﻹيلخانيين ،

(* الدولة الإيلخانية نشأت تحت حكم سلالة مغولية منذ غزو التتار اعتنقت الإسلام فيما بعد ، حكمت في بلاد فارس و العراق، وامتدت لغيرها سنوات 1335/1252- م مقرها:تبريز: ثم سلطانية . وإيلخان هى مصغر خان فى لغتهم وخان يعنى الخاقان الأعظم زعيم المغول والتصغير للدلالة على تبعيته لدولة الزعيم الأكبر)*جواهر/ الويكيبيديا

🔸يعد مسعود الثاني آخر حاكم سلجوقي، و عندما توفي سنة 1308 م أصبح اﻹيلخانيون هم الحاكمين الشرعيين الوحيدين في اﻷناضول؛ إذ أصبح ملوكهم يحملون لقب: سلطان الأناضول .

و في اﻷناضول كانت هناك عدة إمارات تتنافس فيما بينها على السيطرة عليها و على حمل لقب سلطان اﻷناضول و لكن كلا منها كانت أضعف من الوصول إلى هذه الغاية.

و استمر هذا الوضع إلى أن بدأ نجم إحدى هذه اﻹمارات بالبزوغ و الظهور، و كانت هذه إمارة العثمانيين في الشمال الغربي من اﻷناضول، و قد اتسعت هذه اﻹمارة بفضل أميرهم عثمان و من جاءوا بعده حيث أسسوا بعد فتر ة غير طويلة إمبراطورية من أعظم الإمبراطوريات فى التاريخ .

مؤسس الدولة العثمانية هو عثمان اﻷول الملقب ب الغازي، و هو ابن أرطغرل الغازي وقد صادف حكمه فترة ضعف السﻻجقة مما ساعده على إعلان استقﻻله عنهم .

كان سلطان قونية علاء الدين( الأول) قيبقاد قد أقطع أرطغرل بن سليمان شاه زعيم التركمان جزءا من مملكته متاخما لحدود الدولة البيزنطية أقصي شمال غرب الأناضول نظير مساعدة أرطغرل ورجاله له فى إحدي معاركه مع الإيلخانيين المغول حوالى عام 1229م و قال له أي أرض تفتحها من أرض البيزنطيين فهي لك )جواهر

🔸 عندما بدأ عثمان بن أرطغرل حكمه كانت مساحة اﻷراضي التي يحكمها تبلغ 3 آلاف كم2،

و لكنه بدأ بالتوسع نحو بحر مرمرة و عندما توفي عام 1324م كانت مساحة دولته قد بلغت 8 آلاف كم2 .

و أكثر المؤرخين يعدون سنة 1299م تاريخا لنشوء الدولة العثمانية، ﻷن الحاكم السلجوقي عﻻء الدين الثالث غلب و قتل على يد اﻹيلخانيين في هذه السنة، و في هذا التاريخ أصبح العثمانيون مستقلين .

🔸تولى السلطة بعد أرطغرل ابنه أورخان الذي استمر على سياسة التوسع نفسها نحو بحر مرمرة و عندما فتح بورصة بعد سنتين من توليه الحكم نقل العاصمة إليها ، و ضرب النقود ﻷول مرة باسمه.

كان البيزنطيون يراقبون توسع هذه الدولة الناشئة بقلق عظيم، و عندما استولى األتراك سنة 1329م على بلدة إزنيك المقدسة لدى المسيحيين سار اﻹمبراطور البيزنطي لقتالهم، فالتقى الجيشان في مكان يدعى بلكانون .

و كانت النتيحة انتصارا ساحقا للأتراك، إذ طاردوا الجيش البيزنطي المهزوم حتى أسكدار ، و استمر أورخان في التوسع فاستولى على جناق قلعة (*شناك كاليه بالتركى..تقع على مضيق الدردنيل ) و بالق كسر.

🔸في سنة 1354م عبر العثمانيون إلى قارة أوروبا عن طريق مضيق جناق قلعةو أخذوا بالتوسع باتجاه تراقيا.

و هم بجانب هذا لم يهملوا التوسع في اﻷناضول أيضا، إذ استولوا على بولو و على أنقرة .

و عندما توفي أورخان سنة 1362م بعد حكم دام 38 سنة كانت مساحة مملكته تزيد على 100 ألف كم 2.

🔸ثم جاء إلى الحكم ابنه مراد اﻷول، فتوسعت الدولة العثمانية في عهده توسعا كبيرا و أصبحت إمبراطورية، لذلك فإن مراد اﻷول يعد أول إمبراطور في تاريخ الدولة العثمانية ، إذ استولى على أدرنه و فتح جنوب بلغاريا و استولى على فيليبا .

في سنة 1365م نظم اﻷوربيون الحملة الصليبية اﻷولى ضد اﻷتراك العثمانيين، لدفعهم عن قارة أوروبا و إرجاعهم إلى اﻷناضول، و كانت الحملة تحت قيادة ملك المجر و بجيش قوامه مائة ألف مقاتل، أما الجيش العثماني فقد كان قوامه عشرة آﻻف مقاتل و تحت قيادة القائد العثماني حاجي إلبه بيك و كانت النتيجة هزيمة ساحقة للصليبيين.

و لكن العالم المسيحي هيأ نفسه لمعركة صليبية أخرى سنة 1374م، و كانت نتيجة هذه المعركة المسماة معركة جيرمن هزيمة أخرى للصليبيين،

و هكذا فتح طريق البلقان أمام العثمانيين إذ وصلوا إلى البحر اﻷدرياتيكي و استولوا على صوفيا و أجكودار و البوسنة كما استمروافي التوسع في اﻷناضول أيضا

🔸كان هذا التوسع السريع للمسلمين، ﻻ سيما توسعهم في أوروبا مصدر فزع للعالم المسيحي الذي قرر أن يجمع كل قواه في حملة صليبية ثالثة،

و كانت هذه الحملة أكبر من سابقتها ﻷن عزم العالم المسيحي كان منعقدا على وجوب طرد المسلمين من أوروبا.

التقى الجيشان في 20 مارس 1389م في صحراء قوصوه (* كوسوفو )

و بعد معركة عنيفة استطاع مراد اﻷول تشتيت الصليبيين، و إلحاق الهزيمة بجيوشهم، و لكنه اغتيل بينما كان يتجول في ساحة المعركة.

🔸عندما اغتيل مراد اﻷول كانت اﻹمبراطورية العثمانية تبسط سلطانها على 400 ألف كم2 .

ثم جاء السلطان بايزيد ( *الملقب بالصاعقة) الذي استمر في التوسع في أوروبا و في اﻷناضول ، و كانت نتيجة هذا التوسع أن تداعت دول أوروبا بتحريض من البابا بونيفاجيوس الرابع إلى حرب صليبية رابعة اشتركت
فيها 13 دولة أوربية كانت من بينها إنكلترة و فرنسا و المجر .

🔸 في 25 سبتمبر 1396م التقت الجيوش الصليبية مع جيش المسلمين في معركة نيغبولي الشهيرة و كانت النتيجة نصرا كبيرا للعثمانيين بقيادة السلطان بايزيد.

و لكن نهاية هذا السلطان المقدام كانت نهاية حزينة، إذ كان من قدره أن يتقابل مع فاتح رهيب بدأ نجمه بالصعود آنذاك هو تيمور لنك .

و في المعركة التي دارت بين هذين العملاقين قرب أنقرة سنة 1402م قاتل بايزيد ببطولة و شجاعة، و لولا انضمام قسم من جنوده و أمرائه في أثناء المعركة إلى الجهة الأخرى ، لكان النصر نصيبه ، و لكن المعركة انتهت بانتصار عدوه تيمور لنك و بوقوعه في اﻷسر .

(* هذا رأي المؤلف التركى ولكن على حد علمى أن بايزيد لم يقدر قوة عدوه جيدا و غرته إنتصاراته فى أوربا فلم يحسن الإستعداد ولا إدارة المعركة وكان هجوم تيمورلنك عليه بترتيب واتفاق مع البيزنطيين وأوربا لتخفيف الضغط عنهم ؛ وكان بايزيد فى ذلك الوقت يحاصر القسطنطينية للمرة الثالثة وقد أوشكت أن تسقط فى يده ؛ فانظر أي جريمة ارتكبها تيمورلنك فى حق المسلمين وهكذا دوما يفعل الشيعة بنا على طول الخط و سيمر علينا ما يفعلونه من خيانات وجرائم كلما قرأنا التاريخ )*جواهر

🔸و قد مات هذا السلطان في اﻷسر بعد سنة واحدة كمدا و حزنا.

استولى تيمور لنك على اﻷناضول، فعمد إلى إحياء اﻹمارات القديمة من أجل تفتيت و تقسيم الدولة العثمانية، و هكذا رجعت اﻹمارات إلى سابق عهدها.

و هنا نرى أن فترة من الظلام تسود أرجاء البلاد ، فاﻷناضول ممزقة إلى إمارات و الخﻻف مستمر بين أبناء بايزيد كل منهم يريد أن يأخذ مكان والده،

🔸و قد دامت هذه الفترة المظلمة إحدى عشرة سنة إلى أن استطاع أحد أبناء بايزيد و هو محمد اﻷول أن يقبض على زمام اﻷمور ، و أن يجمع السلطة في يده و أن يلم شتات الدولة العثمانية و يقضي على اﻹمارات و يوحد الدولة و يؤسسها من جديد .

🔸عندما تسلم محمد اﻷول الحكم كانت مساحة الدولة العثمانية قد نقصت من 920 ألف كم 2 إلى 420 ألف كم2،

و عندما توفي و هو في سن 32 عاما و بعد حكم دام 8 سنوات كانت مساحة مملكته 550 ألف كم2 .

🔸جاء بعده ابنه مراد الثاني الذي استطاع في فترة حكمه الرجوع بالإمبراطورية العثمانية إلى سابق قوتها و وسع مساحة الدولة العثمانية إلى 900 ألف كم2، حتى دخلت جيوشه إلى المجر مما أدى إلى تنظيم حملة صليبية أخرى ضد الإمبراطورية العثمانية،

و لكنه استطاع إلحاق الهزيمة بهذه الجيوش و ردها على أعقابها، ثم تنازل عن عرشه ﻹبنه محمد الثاني (* محمد الفاتح ) البالغ من العمر اثنتي عشرة سنة، و انزوى هو في مانيا للعبادة .

🔸أثار نبأ انتقال السلطة في اﻹمبراطورية العثمانية إلى غلام ناشئ ( *صغير) موجة من الفرح في أوروبا، و انتعشت اﻷمال من جديد، لذا سارعت أوروبا إلى إعداد العدة لحملة صليبية ضخمة، اشتركت فيها عدة دول كان منها المجر و تشيكو سلوفاكيا و إيطاليا و ألمانيا و بولونيا(بولندا).

أمام هذا الموقف الحرج أرسل محمد الثاني يدعو والده لتولي قيادة الجيش، و قد رفض والده هذه الدعوة في بادئ اﻷمر، إﻻ أن ابنه بعث إليه رسالة أخرى يقول فيها قولته التاريخية المشهورة: إن كنت أنا السلطان فإني آمرك بقيادة الجيش، و إن كنت أنت السلطان فدافع عن مملكتك .

عند ذلك رجع مراد الثاني ليقود جيشه البالغ 40 ألف رجل ضد جيش الصليبيين الذي كان قوامه 100 ألف رجل، و كانت معركة من أضخم المعارك في التاريخ انتصر فيها العثمانيون انتصارا ساحقا على الصليبيين، إذ قتلوا منهم 80 ألف رجل و أسروا الباقين .

🔸بعد هذه المعركة و بناء على إصرار كبار رجال الدولة فقد بقي مراد الثاني على العرش حتى وفاته سنة 1451م.

تولى الحكم بعد ابنه محمد الثاني و عمره يناهز تسع عشرة سنة ، و كان أول عمل باهر قام به هو فتح القسطنطينية سنة 1453م لذا لقب بـالفاتح .

استمر محمد الفاتح في الفتوحات في أوروبا و في آسيا فأتم فتح اليونان و فتح ألبانيا و استولى على البوسنه و الهرسك و طرابزون و وحد اﻷناضول حتى حدود جبال طوروس.

و عندما توفي بعد ثلاثين سنة من الحكم كانت مساحة اإلمبراطورية العثمانية قد بلغت 2 مليون كم2.

(*تذكر الروايات أنه مات مسموما من قبل طبيبه الخاص اليهودي و هو يتهيأ ﻹحدى غزواته. و الأغلب أنه كان متوجها لفتح روما .(المؤلف )

🔸ثم جاء بعده ابنه السلطان بايزيد الثاني و في عهده لم تتم فتوحات كبيرة، بل بدأت موجة الفتوحات الكبيرة في عهد ابنه السلطان ياووز سليم(* سليم الأول ) الذي فتح سورية و فلسطين و مصر و الحجاز، و أخذ الخلافة سنة 1517م، من المتوكل آخر خلفاء العباسيين ، كما استولى على مرعش و أرضروم و أذربيجان .

( الخليفة العباسي كان يقيم في القاهرة تحت سلطة ورعاية المماليك حتى عهد قنصوه الغوري و طومان باي ؛ قتل الأول في معركة مرج دابق بينه وبين سليم الأول بسبب تعاونه مع الشاه اسماعيل الصفوى ضد العثمانية والأخير أعدمه سليم بالقاهرة ..وقد استقدم سليم الأول الخليفة العباسي إلى اسطنبول وهناك أرغمه على التنازل له عن الخلافة فكان هو أول من تلقب بلقب خليفة عثمانى ودامت الخلافة مع العثمانيين منذ ذلك التاريخ 405 سنوات )جواهر

🔸و جاء بعد سليم الأول إلى الحكم ابنه سليمان الملقب بالقانوني حيث وصلت اﻹمبراطورية العثمانية إلى أوج عظمتها و عاشت دورها الذهبي، و قد حكم
48 سنة قضى معظمها في أسفار الفتوحات،

إذ بلغ عدد الحملات التي قادها بنفسه ثلاث عشرة حملة ففتح بلغراد و جزيرة رودس و المجر ؛ و وصل إلى أبواب فيينا و (ضم) بغداد و ودان ؛ و كذلك كورومو؛ و بوغدان و أجزاء من إيران، كما (ضم) شمالي إفريقيا.

و لمعرفة مدى اتساع هذه الفتوحات نقول: إنه تسلم إمبراطورية مساحتها 7.5مليون كم2، و لكن هذه المساحة بلغت عند وفاته 13 مليون كم2 .

و استمرت الفتوحات في عهد ابنه سليم الثاني ، و لكن اﻹمبراطورية العثمانية بلغت أوج اتساعها في عهد مراد الثالث إذ بلغت مساحتها 20 مليون كم2. (*3)

هذه الفقرة :
*¹انظر الاتهامات الموجهة للسلطان عبد الحميد اسكاي نيوز عربية 4/6/2020 و.ف باحث تاريخ عنوان: الخليفة الذي مهد للإحتلال البريطاني لمصر .

(2)محمود شاكر العهد العثماني ص ١٢ – ٢١ (3) أورخان محمد علي السلطان… ص ٧ – ١١

  • ويحيل كل إشاراته في هذا الجزء إلى كتاب :

Hayat Kucuk Ansiklopedisi, Tifdruk Matbaacilik Sanaya A.S. Basim evi, Istanbul-1968,

📚 أهم مصادر الدراسة ككل :
السلطان عبد الحميد – أورخان علي
آخر السلاطين الكبار – محمد حرب
مذكرات السلطان عبد الحميد
الرجل الصنم – ضابط تركي
تاريخ الدولة العثمانية- خليل إينالجيك – يلماز أوزتونا
تاريخ العثمانيين- محمد سهيل
الدولة العثمانية للصلابي
المعارضة في المشرق العربي سعد الغامدي
الدولة العثمانية في الحرب العظمى
الطريق إلى سايكس بيكو
تاريخ العرب الحديث أحمد زكريا الشلق
الحرب العالمية الأولى نيل هايمان / سايمون آدمز /هشام البطل
مائة عام على قيام الحرب العالمية .مقاربات عربية
تاريخ العرب الحديث أحمد زكريا الشلق
الذئب الأغبر هس .أرمسترونج .
الصنم الذي سقط .. منصور عبد الحكيم

أخرى يتم ذكرها في مكانها

التالي :فترة التوقف ثم الركود وصولا إلى ماقبل السلطان عبد العزيز عم عبد الحميد الثانى .

التعليقات مغلقة.