لكن ما هو هذا المن ؟

وفقا للديانات الإبراهيمية الثلاثة فإن المن هو مادة صالحة للأكل قدمها الله لشعب بني إسرائيل بعد خروجهم من مصر تائهين في الصحراء مدة 40 عاما، باحثين عن طريقهم لأرض كنعان. لكن ما هو هذا المن ؟


تقول الأسطورة اليهودية، أن الشعب اليهودي كان عبدا في مصر و ظلوا كذلك لأكثر من 4 قرون.

كانت في رأيهم أوقاتًا عصيبة. هكذا يقولون.
بعد هذه السنوات الطويلة المرهقة، أشفق عليهم الله و قرر أن ينقذهم و يحررهم من العبودية عبر إرساله رجلا منهم يدعى ” موسى – moses “، ليذهب بهم إلى الأرض التي وعد بها الرب أجدادهم سابقا


عندما رفض الملك الذي يدعى – فرعون – و الذي لا أحد يعرف إسمه الحقيقي، تحرير اليهود بعد طلب من موسى، أرسل عليه الله و على أرضه، عشر ضربات، الواحدة تلو الأخرى… و تستمر القصة المعروفة لدى الكثيرين،

حتى يجمع موسى قومه و يغادر مصر.


لم يكن هناك وقت لبني إسرائيل لحمل كل أغراضهم و طعام كاف، لذا أسرعوا الخطى حتى عبروا البحر الأحمر.


بعد بضعة أيام من السفر في البرية، نفد كل ما بقي لهم من الطعام، و بدأوا يشعرون بالجوع. و يذكر سفر الخروج أن بني إسرائيل جاءوا إلى موسى و بدأوا يتذمرون،

فسألوا موسى: ” لماذا أخرجتنا من مصر ؟. هل جئت بنا إلى البرية لنموت من الجوع ؟. هل سنهلك نحن و أولادنا في هذه البرية من الجوع ؟ ألم يكن العيش في العبودية أفضل من الموت جوعا ؟ “.


لقد عاد لهم الحنين لزمن العبودية، متذكرين الوجبات اللذيذة التي كانوا يتناولونها في مصر أثناء وجودهم في قصر الملك مجهول الإسم و التاريخ.
حمل موسى هذه الشكاوى إلى الرب، و رد عليه الله أنه سيمطر السماء بشيء يتغذى عليه الناس و يبقون على قيد الحياة حتى يصلوا لوجهتهم.
في ذلك المساء، كانت المنطقة التي خيم فيها الإسرائيليون مليئة بطيور السمان، التي جمعها الناس.


ذبحوا الطيور. أكلوا حتى امتلأت بطونهم. في اليوم التالي، فوجئ برؤية الأرض حولهم مغطاة بمادة بيضاء، أطلقوا عليها اسم ” المن “.
في الكتاب المقدس، تمت الإشارة إلى المن في عدة أسفار مثل: ” الخروج. التثنية. يشوع. المزامير ” و أخرى. لكن ماذا يكون هذا المن.

حسنًا، وفقًا للكتاب المقدس، المن هو مادة تشبه الخبز، بيضاء اللون و مذاقها مثل العسل. الكلمة نفسها و الشرح لا يساعدان على الفهم.


يُعتقد أن المن مشتق من السؤال العبري: “man hu ” و الذي يعني ” ما هو ؟ ” لذلك يبدو أن الإسرائيليين القدماء، أو من كتب الأسفار، ربما لم يعرفوا ماهية المادة التي أبقت اليهود على قيد الحياة طوال 40 عاما في البرية.


المن في سفر الأعداد، مثل مادة بيضاء يتم جمعها و طحنها و تحويلها إلى خبز و حلوة و يصبح مذاقها مثل العسل، فهل يمكن أن يكون قمحا ؟
في النصوص التوراتية المن يحمل إسم ” خبز الملائكة “. و كثيرا ما يشار إليه على كونه خبزا و ليس شيئا آخر، مع أنه لم يذكر كخبز بل باسمه المن.


وفقًا لكتاب الخروج، قام شعب إسرائيل بجمع المن يوميًا. و في حالة قيام شخص ما بجمع القليل أو الكثير منه، فإنهم سيعانون من العواقب، و السؤال لماذا يعاقب الله كل القوم إذا أراد رجل ما جمع بعض المن و ليس الكثير، و حتى إذا جمع أكثر من المسموح به، فيجب على الأقل أن يخاطبه موسى بعدم فعل ذلك مجددا، و ليس أن يقوم الله بإنزال غضبه على الجميع ؟.


كان كل فرد من أفراد الأسرة الواحدة مسموح له بجمع 3 لترات فقط من المن، و هذا كاف لإطعام العائلة في يوم واحد إذا كان عدد أفرادها 4 أو 5 و حتى أكثر حسب الأسطورة الدينية.


الكثير من العائلات كانت كل يوم تجمع المن حتى لو بقي لها شيء من الأمس، على مدى 6 أيام سوى السبت الذي يرتاحون فيه، و فيه يصبح المن دودا.
الغريب هنا، أن بعض الأشخاص كانوا كسالى جدًا و لا يغادرون خيامهم أبدًا لجمع مؤونتهم اليومية من هذا الأكل المجهول، فماذا كانوا يفعلون، كانوا بكل بساطة يمدون أيديهم نحو السماء التي تتكرم عليهم بالمن الذي يسقط على أصابعهم.


عندما دخل اليهود لأرض كنعان، قام موسى بحفظ بعض المن في جرة و وضعها داخل تابوت العهد مع وصايا الرب حتى تعرف كل الأجيال أن الرب اهتم بشعبه مدة 4 عقود.


هذا الغموض بخصوص المن لم يوقف الباحثين و المهتمين بالتاريخ الديني لمعرفة ما هو ؟، حيث حاولوا تحديد ما يمكن أن يكون المن في العالم الطبيعي. يعتقد البعض أنه يمكن أن يكون صمغ الراتينج، و هو إفراز عضوي يحوي موادا

هيدروكربونية توجد في الأشجار الصنوبرية.
خلال القرن العشرين ، اعتاد التجار المصريون الذين يعيشون في شبه جزيرة سيناء على بيع مادة صمغ شجرة الاثل أو التماريسك، و أطلقوا عليها اسم ” رجل السماء man es-simma ” و الذي يعني ” المن السماوي “. و كان يُعتقد أن هناك عددًا من أشجار التماريسك في منطقة جنوب سيناء و عندما تغرب الشمس كانت تذوب و يكون مذاقها مثل العسل كما جاء ذكره أعلاه، و لكن هنا يصعب تحويل الراتينج إلى كعك.


بعض الباحثين يرون أن المن السماوي المقدم لشعب إسرائيل كان نوعًا من الأشنة، و هي الأشنات الشجرية التي تظهر على سطح التربة أو معلقة على أغصان الأشجار على صورة شجيرة صغيرة يتم استعمالها في صناعة الأدوية و العطور و بعضها كمصدر غذائي.


في الكتاب المقدس، هناك بعض الروايات عن الأشنة، هذا جعل البعض يعتقد أن المن كان بالفعل أشنة، لكن خصائصه لا تشبه خصائص المن السماوي.


لا شيء مما ذكرناه قد يدل على معنى المن. كل ما يمكن قوله هو أن الأشخاص الوحيدين الذين جربوه و ربما يعرفونه، هم بني إسرائيل في العهد القديم.

التعليقات مغلقة.