حاتم الاصم

روى_الذهبي

” أن حاتم الأصم وهو من كبار الصالحين، حنّ قلبه للحج في سنة من السنوات ولا يمتلك نفقة الحج ، ولايجوز سفره بل لايجب الحج دون أن يضع نفقة الأبناء دون أن يرضوا.

  • فلما أقبل الموعد رأته ابنته حزينا باكيا وكان في البنت صلاح..
    فقالت له: ما يبكيك ياأبتاه؟
    قال: الحج أقبل.
    قالت: ومالك لاتحج؟
    فقال: النفقة.
    قالت: يرزقك الله.
    قال: ونفقتكم؟
    قالت: يرزقنا الله.
    قال: لكن الأمر إلى أمك.
    ذهبت البنت لتذكر أمها..
    وفي النهاية قالت له الأم والأبناء:اذهب إلى الحج وسيرزقنا الله.
    فترك لهم نفقة 3 أيام،وذهب هو إلى الحج وليس معه مايكفيه من المال،فكان يمشي خلف القافلة ،
    وفي أول الطريق لسعت عقرب رئيس القافلة، فسألوا من يقرأ عليه ويداويه،فوجدوا حاتم، فقرأ عليه فعافاه الله من ساعته.
    فقال رئيس القافلة:نفقة الذهاب والإياب عليّ.
    فقال:اللهم هذا تدبيرك لي فأرني تدبيرك لأهل بيتي.
    مرت الأيام الثلاثة،وانتهت النفقة عند الأبناء،وبدأ الجوع يقرص عليهم،فبدؤوا بلوم البنت،والبنت تضحك!
    فقالوا:مايضحكك والجوع يوشك أن يقضي علينا؟!
    فقالت:أبونا هذا رزاق أم آكل رزق؟
    فقالوا:آكل رزق؛وإنما الرزاق هو الله.
    فقالت:ذهب آكل الرزق وبقي الرزاق،،
    وهي تكلمهم وإذا بالباب يقرع،
    فقالوا:من بالباب؟
    فقال الطارق:إن أمير المؤمنين يستسقيكم.
    فملأت القربة بالماء،وشرب الخليفة فوجد حلاوة بالماء لم يعهدها!
    فقال:من أين أتيتم بالماء؟
    قالوا:من بيت حاتم.
    فقال:نادوه لأجازيه
    فقالوا:هو في الحج.
    فخلع أمير المؤمنين منطقه-وهي حزام من القماش الفاخر المرصع بالجواهر- ، وقال:هذه لهم.
    ثم قال:من كان له عليّ يد -بمعنى«من يحبني»-
    فخلع كل الوزراء والتجار منطقهم لهم ،
    فتكومت المناطق فاشتراها أحد التجار بمال ملأ البيت ذهباً يكفيهم حتى الموت، وأعاد المناطق إليهم .
    فاشتروا الطعام وهم يضحكون فبكت البنت!
    فقالت لها الأم:أمرك عجيب يا ابنتي؛كنا نبكي من الجوع وأنت تضحكين، أما وقد فرج الله علينا فمالك تبكين؟!
    قالت البنت:هذا المخلوق الذي لايملك لنفسه ضرا ولا نفعا «الخليفة» نظر إلينا نظرة عطف أغنتنا إلى الموت،فكيف بمالك الملك!! “.

[#سير أعلام النبلاء (11/487)]

التعليقات مغلقة.