سماسرة الاثار والمتاحف نبلاء اوروبا

علوم الآثار.

نبلاء أوروبا وسماسرة المتاحف

“بزيارة واحدة لمتحف اللوفر بباريس أو المتحف البريطاني بلندن يمكنك أن تقف على حجم سرقة الآثار المصرية بصورة غير متوقعة”. بهذه الكلمات علّق الدكتور عبد الرازق النجار، أستاذ ترميم الآثار بجامعة الفيوم، والمنسق المصري للمشروع المصري – الإيطالي المعني ببحث استخدام الأجهزة الإلكترونية والكيميائية المعملية الحديثة لدراسة المواد الأثرية المصرية القديم، على تصدر الأجانب لدراسة علم المصريات.
النجار أضاف أن أكبر الأجنحة في المتاحف العالمية هي المخصصة للآثار المصرية، وتدر الجزء الأكبر من دخول تلك المتاحف، لافتاً إلى أن نبلاء أوروبا القدماء كانوا شغوفين جداً بالآثار المصرية لما تمثله من قيمة مادية عالية، فكانوا يحرصون على التنقيب عن الآثار بمشاركة بعض البعثات الأجنبية للحصول على الآثار بأي ثمن، ثم بيعها لكبرى متاحف العالم مقابل أموال طائلة.
وأشار إلى أن معرفة أثرياء أوروبا وعلمائها بقيمة الآثار المصرية في مقابل جهل المصريين بمكانة حضارتهم وتاريخ بلادهم كان وراء شغف علماء العالم بدراسة التاريخ المصري والتفوق فيه، مؤكداً أن النبوغ الأوروبي لم يكن في مجال الحفريات والآثار المصرية فحسب، بل كان في دراسة المصريات بكل فروعها، من ديانة ولغة وترميم وتاريخ، فيما اكتفى دور المصريين بالنقل عن الأجانب.
دعم ضئيل ومنظومة علمية فاشلة

الدكتورة علا العجيزي، أستاذة علم المصريات وعميدة كلية الآثار في جامعة القاهرة سابقاً، أكدت أن العصر الذهبي للاكتشافات الأثرية في مصر كان خلال فترة 1798-1801، حين نجح علماء الحملة الفرنسية والمقدر عددهم بـ150 عالماً في اكتشاف مئات المعالم الأثرية التي وثقت في كتاب “وصف مصر” والذي تضمن 11 مجلداً، فضلاً عن فك رموز حجر رشيد عن طريق العالم “فرانسوا شامبليون” عام 1828 والذي يعد اللبنة الأولى لدراسة اللغة الهيروغليفية القديمة.

العجيزي أشارت إلى أن أسبقية العلماء الأجانب في دراسة علم المصريات جاءت نتيجة الاكتشافات التي خرجت بها الحملة الفرنسية، إذ توالت البعثات الأجنبية بعدها للتنقيب والحفر عن الآثار، في الوقت الذي تراجع فيه اهتمام المصريين بهذا العلم في ظل تدني المستوى الاقتصادي لمصر حينها، فضلاً عن خضوعها لحقبة طويلة من الاستعمار الذي لم يراع مثل هذه الجوانب الثقافية أو العلمية.


وأشارت عميدة كلية الآثار بجامعة القاهرة سابقاً إلى أن الإنجازات التي حققتها البعثات الأجنبية في الحفريات المصرية كانت دافعاً قوياً للمؤسسات البحثية والعلمية الدولية لتمويل حملات تلك البعثات إلى مصر، ومن ثم توفير كافة الخدمات والموارد وهو ما سهل عملها، وساعد على تحقيق المئات من الاكتشافات. في الوقت الذي تبخل فيه المؤسسات المصرية عن دعم علمائها،

ما فتح الباب أمام العلماء الأجانب لتحقيق النجاح تلو الآخر، واكتفى المصريون بدور المساعد أو الناقل لهذا الاكتشاف فحسب.
وأضافت أن عيوب نظام التعليم ومنظومة البحث العلمي في مصر من الأسباب الكامنة وراء تصدر العلماء الأجانب لعلم المصريات حتى الوقت الراهن، فبعيداً عن مسألة الدعم التي تشكل العصب الأساسي لتصدر الأجانب، إلا أن الآليات المعمول بها إدارياً وفنياً أحد أبرز الأسباب.


وتساءلت: كيف يمكن أن تستقبل كليات الآثار بمختلف جامعات مصر آلاف الطلبة في الوقت الذي لم يكن هناك أساتذة يكفون لهذا الكم الهائل غير المبرر؟ لافتةً إلى لجوء بعض الكليات إلى عقد اتفاقيات تعاون وتوأمة مع بعض الكليات الأجنبية بما يسمح بسفر العشرات من الباحثين إلى الخارج لتلقي علوم المصريات المختلفة على أيدي علماء أجانب، وهو ما بات ظاهرة في الآونة الأخيرة.

التعليقات مغلقة.