أساطيرمنالتاريخ .
-15-
قف…هذه إمبراطورية الموت.
باريس …
- مدينة الحب والنور والجمال …
- المدينة التي تراود زيارتها خيال كل سياح العالم …
- مدينة اللوفر وإيفل والشانزليزيه ونوتردام والكوميدي فرانسيز ومهرجان كان والسوربون و…و…
هذا هو ما نعرف عن باريس الظاهرة .
هل كنت تعلم يا صديقي أن أسفل تلك المدينة توجد مدينة أخري من …
- جثث وهياكل وجماجم الموتى …
الملايين من الجثث دفن تحت المدينة ،وليس في مقابر ولكن في سراديب وأنفاق تمتد تحت المدينة كلها بطولها وعرضها ،ولكي نعرف القصة كاملة تعالو نبدأ من أزمنة قديمة … - بداية فإن المدينة أقدم كثيراً مما قد يتصور أي منا فقد وجدت فيها آثار تعود إلي نحو 6000 عام قبل الميلاد.
- أسفل المدينة توجد أكبر شبكة معقدة من الأنفاق والسراديب والدهاليز والممرات المظلمة التي تشكلت خلال قرون طويلة من الحفر والتنقيب أسفل المدينة لاستخراج الحجر الجيري المستخدم في البناء .
والقصة منذ البداية هي كالآتي …
*أولاً فإن إسم باريس مستمد من سكانها الأوائل، وهم إحدى قبائل الغال ويعرفون بـباريسي. سميت المدينة (لوتيشيا) إبان العصر الروماني في الفترة ما بين القرن الأول والقرن الرابع بعد الميلاد. إلا أنها سميت باريس مرة أخرى في عهد يوليان المرتد (360-363) .
*أثناء حكم الرومان للمدينة كانت الصخور الجيرية تستخرج من مناجم مفتوحة علي سطح الأرض من أجل إنشاء المسارح والحمامات ومنشآت رومانية أخري.
و بعد رحيل الرومان سكنت قبائل الفرنج باريس واتخذ الملك كلوفيس المدينة عاصمة له وبدأت المدينة تزدهر وتتوسع حتي ضمت مقالع الحجارة حولها وأصبح من المستحيل العمل في تلك المقالع فانتقل العمال للحفر اسفل المدينة .
- في العام 1180 توج فيليب الثاني ملكاً لفرنسا وكان للرجل أولوية كبيرة هي حماية المدينة من غزوات الأعداء لذا عمل علي تشييد سور كبير حولها وبالتالي زادت بشدة وتيرة العمل أسفل المدينة لإستخراج وقطع الصخور اللازمة وكانت تلك هي بداية ظهور أول شبكة من الأنفاق أسفل المدينة والتي ظلت تمتد وتتوسع حتي شملت معظم المدينة حتي وصلنا للقرن الثامن عشر .
- أصبحت تلك الأنفاق خطراً حقيقياً علي سكان المدينة ،فلم يكن أحد يعرف حدودها ولا عمقها ولا بدايتها من نهايتها ،وقد انهارت عشرات البيوت وأحياناً أحياء سكنية كاملة بسبب تلك الأنفاق فأصبحت تمثل هاجساً ورعبا لسكان المدينة . ولذلك فإنه في العام 1777 صدر أمر ملكي بإيقاف العمل في تلك الأنفاق وهدم وردم أجزاء كبيرة منها .
* لم تكن الأنفاق فقط هي مشكلة المدينة في تلك السنوات ولكن الاضطرابات السياسية التي أدت لقيام الثورة الفرنسية عام 1789 وكذلك كان هناك مشكلة كبري بدأت تظهر في المدينة وهي مشكلة ….
جثث وهياكل الموتي ..
لمئات السنوات كان أهل باريس يدفنون جثث موتاهم في مقابر متفرقة حول المدينة حتي تكدست تلك المقابر وأصبحت تمثل مشكلة ،فتم انشاء مقبرة ضخمة باسم ( مقبرة القديسين الأبرياء ) في القرن الثاني عشر الميلادي ،ولكن ومع مرور الزمن أصبحت تلك المقبرة نفسها مشكلة كبري في باريس فمع تكدس الجثث وطريقة الدفن التي يقوم بها الكثير منهم بالقاء الجثث فوق بعضها حتي ضجت المقبرة بالجثث والرفات وانبعثت منها روائح كريهة لا تطاق وصلت لسوق المدينة المركزي الذي كان قريب من المقبرة ،ثم جاءت الطامة حينما انهار سور المقبرة بسبب تكدس الجثث فقذفت الجثث إلي الشوارع وسقطت في مياه الشرب مما أدي لتفشي الأمراض والأوبئة .
- لم يكن أمام السلطات أي حل إلا نقل الجثث ورفات الموتي إلي الإنفاق أسفل المدينة وبالفعل تم ذلك في عام 1785 .
لم تكن المهمة سهلة أبداً فنحن نتحدث عن جثامين ملايين الموتي علي مدار مئات السنوات ،استغرق النقل سنوات .
وفي العام 1810قام مهندس فرنسي بتنظيم الهياكل والجماجم إلي الشكل الذي يراه السياح الآن هناك .
علي مدخل السرداب الذي يدخل منه السياح توجد لافتة كتب عليها:
قف..هذه إمبراطورية الموت !
وفي الداخل يوجد علي الجانبين ملايين العظام والهياكل والجماجم للموتي ،تشعر أن المكان بالفعل إمبراطورية للموت ، ولقد صنف المكان ضمن اشهر أماكن مسكونة في العالم .
- لا ننسي أن نذكر أن تلك الإنفاق قد لعبت دوراً وطنيا هاما إبان الحرب العالمية الثانية حيث كانت المقاومة الفرنسية تتخذها ملاذاً ومنها كانوا يقتنصون ويشتبكون ويقتلون ويخطفون الجنود النازيين .
- لا يمكن أن توجد مقبرة مثل تلك دون أن يحوم حولها الجانب الميتافيزيقي وسوف أكتفي بأن اخبرك عن تجارب بعض السياح في المكان..
فمنهم من شعر بلفحة هواء باردة تلسعه بشكل غريب …
ومن شعر بكيانات غير مرئية تتبعه وهو يتجول في السراديب …
ومن سمع أصوات غامضة خفية تهمس في أذنيه وغير ذلك الكثير .
وفي النهاية لا أنصحك بزيارة إمبراطورية الموت.
تحياتي .
التعليقات مغلقة.