لو لسه مسمعتش عن اللي حصل النهارده الفجر في الأراضي المحتلة، فخليني أقولك إن في 6 أسرى ومساجين فلسطينيين قدروا إنهم يهربوا من سجن إسرائيلي شديد الحراسة، بطريقة أقل حاجة تتقال عنها هي إنها مبهرة ومتتعملش إلا في أفلام هوليوود!!
اللي حصل، هو إن الساعة 4 الفجر النهارده، جم الضباط الإسرائيليين بتوع سجن جلبوع الإسرائيلي شديد الحراسة، وكانوا بيعملوا حصر للمساجين الموجودين في الزنازين بتاعتهم جوه السجن.. عملية روتينية بتتعمل كل يوم عشان يتمموا عليهم ويتأكدوا إن محدش حاول يهرب أو يعمل أي حاجة.. بس المفاجأة المرة دي كانت إنهم لما بصوا جوه الزنزانة ملقوش حد خالص!!
الهروب الهوليودي من سجن إسرائيلي 6 أسرى بينهم قائد بارز
في الساعات الأولى من صباح اليوم الاثنين، كان جيش الاحتلال الإسرائيلي على موعد مع صفعة لم يتوقعها في سجن جلبوع –أحد أشد السجون حراسة في إسرائيل- بعد هروب 6 أسر فلسطينيين بطريقة أفلام هوليوود.
وبحسب وسائل الإعلام إسرائيلية التي ضجت بالحديث عن تفاصيل عملية الهروب، فإن الأسرى الست حفروا نفقًا من داخل سجن جلبوع إلى خارجه في منطقة بيسان، شمالي إسرائيل.
وبحسب القناة 12 العبرية، وصف مسؤول كبير في الشرطة حادثة هروب الأسرى من سجن جلبوع بأنه “أحد أخطر الحوادث الأمنية التي شهدتها إسرائيل”.
وبحسب مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان الفلسطينية، فإن سجن جلبوع “أُنشأ بإشراف خبراء إيرلنديين وافتتح عام 2004، ويوصف بأنه السجن الأشد حراسة في إسرائيل، ويحتجز فيه فلسطينيون تعتقد إسرائيل أنهم نفذوا عمليات داخل أراضي عام 1948.
تفاصيل الهروب
قال موقع والا العبري، إن حادث هروب الأسرى الفلسطينيين بدأ حوالي الساعة 3:25 صباحًا. وأضاف: “بعد حوالي نصف ساعة انكشف الأمر وبدأت المروحيات والطائرات المسيرة في إجراء عمليات التمشيط حول الموقع”.
وأشار إلى أنه في الوقت نفسه طُلب من المستوطنين المساعدة في عمليات البحث داخل المستوطنات.
ووفقا لصحيفة “جيروزاليم بوست” فإن الشرطة تحقق في إمكانية أن يكون الفارون قد تمكنوا من الهرب إلى جنين أو الأردن.
وذكرت الصحيفة أن الفارين الستة “كانوا يتشاركون نفس الزنزانة، وأنهم استخدموا ملعقة صدئة أخفوها خلف ملصق وحفروا نفقًا تحت حمام الزنزانة”.
كما قال موقع “قناة 12 العبرية” أن حفر النفق استغرق عدة سنوات، وأنه كانت تنتظر الأسرى 6 سيارات للهروب، لنقلهم مباشرةً إلى الضفة الغربية.
وأنه “تم حفر النفق أسفل المرحاض، وتمكنوا من الخروج عبر بئر الصرف الصحي للسجن”.
وأشار الموقع إلى أن أول من اكتشف عملية الهروب هم مزارعون يعملون في المنطقة، وظنوا أنهم لصوص قبل أن يهربوا.
من جهته، قال وزير الأمن الداخلي الاسرائيلي عومر بارليف إن عملية الهروب كانت مخططة بشكل دقيق للغاية وبالتالي كان من المحتمل أن تكون هناك مساعدة خارجية “.
وأضاف وفقا للمواقع العبرية: ” نحن نحقق في الوقت الحالي”.
طب أومال المساجين راحوا فين؟!
المساجين يا سيدي عملوا خطة نفذوها على مدار سنين حرفيًا مش مبالغة.. كانوا بيحفروا نفق طويل جدًا ف الأرض تحت الحوض اللي ف الزنزانة بتاعتهم، باستعمال إيديهم وضوافرهم مش أكتر.. والنفق ده فضلوا يحفروا فيه فترة طويلة، لحد ما وصل طوله لعشرات الأمتار، ممتدة تحت أرض السجن لحد بره حدود الأسوار.. هتلاقي صورة النفق تحت هنا
شفت فيلم The Shawshank Redemption كده؟!.. لما كانوا بيحفروا النفق ف الحيطة بتاعت السجن على مدار عقود من الزمن، عشان يهربوا؟!.. أهو ده نفس اللي حصل، بس المرة دي مكانش فيلم.. لأ دي حقيقة واقعة..
طب مين الأسرى اللي هربوا دول؟!
أول واحد فيهم هو (زكريا الزبيدي)، القيادي في كتائب شهداء الأقصى، اللي هي الجناح العسكري في حركة فتح الفلسطينية المناهضة للإحتلال.. عنده 46 سنة، ومسجون من سنة 2019 من غير أي حكم عليه لحد دلوقتي..
ومعاه خمسة كمان كلهم من مدينة جنين.. أربعة منهم واخدين حكم بالسجن مدى الحياة، وهما محمود عارضة (46 سنة) معتقل من سنة 1996، ومحمد عارضة (39 سنة) معتقل من 2002، ويعقوب قادري (49 سنة) ومعتقل من 2003، وأيهم كمامجي (35 سنة)، معتقل من سنة 2006.. والخامس والأخير بتاعهم هو مناضل نفيعات (32 سنة).. بس ده لسه مخدش حكم، ومعتقل من سنة 2019 بردو مع الزبيدي..
تخيل إن كل دول كان محكوم عليهم بالسجن مدى الحياة، أو مستنيين ياخدوا أحكام مدى الحياة!!.. معظمهم دخلوا السجن ف عز شبابهم، والنهارده هربانين منه وهما على وشك يبقوا شيوخ!!.. هتلاقي صورهم تحت
طبعًا سلطات الإحتلال هناك اتجننوا بعد اللي حصل ده.. إزاي شوية مساجين ضعفاء يعملوا معانا كده، ويدونا قلم على وشنا قدام العالم كله؟!.. لازم يتربوا.. وعشان كده طلعوا وراهم طيارات هليكوبتر وطيارات مسيرة Drones، وده غير الجنود المشاة التابعين لشرطة الإحتلال الإسرائيلي، وغير الكلاب البوليسية اللي انتشرت معاهم ف محيط المنطقة عشان بحاولوا يتعقبوهم، وغير الكماين اللي نصبوها في كل شبر مربع من الطرق تقريبًا.. بس محدش لسه عرف يلاقيلهم أي أثر.. وغالبًا هما دلوقتي خلاص وصلوا لمدينة جنين التابعة لحدود الضفة الغربية!!
وبسبب ده، فالدنيا دلوقتي هناك مقلوبة حرفيًا.. رئيس الوزراء الجديد بتاعهم (نافتالي بينيت) دلوقتي مجتمع مع وزير الأمن الداخلي بيبحثوا الكارثة دي، ووسائل الإعلام الإسرائيلية المحتلة بتوصف اللي حصل ده بإنه فضيحة أمنية.. وعندك اللواء المتقاعد (رامي عفوديا) في جيش الإحتلال، اللي كان ماسك منصب كبير في مصلحة السجون، قال في مقابلة مع الإذاعة العبرية الرسمية نصًا كده إن تمكن الأسرى الستة دول من الفرار، أشبه بفشل الجيش الإسرائيلي في حرب 73
وطبعًا الفلسطينيين الأبطال في جميع أنحاء الشارع الفلسطيني هايصين دلوقتي وبيحتفلوا.. والناطق بإسم حركة حماس (فوزي برهوم) طلع وقال في بيان صحفي إن تمكن الأسرى دول من “انتزاع حريتهم رغم كل الإجراءات والتعقيدات الأمنية هو عمل بطولي شجاع وانتصار لإرادة وعزيمة الفلسطينيين”.
وطبعًا معاهم حق.. عشان السجن اللي هما هربوا منه ده، اللي هو إسمه (جلبوع)، يعتبر واحد من أكبر وأهم السجون الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، وأشدها حراسة على الإطلاق.. وهو اتبنى بإشراف خبراء إيرلنديين وافتتح سنة 2004.. وكل الأسرى اللي جواه هما فلسطينيين بيقول عليهم الصهاينة إنهم نفذوا عمليات على أراضي 1948..
الحقيقة أنا مش عارف أنت حسيت بأيه وأنت بتقرأ الخبر ده، بس أنا حاسس بإلهام كبير، وأنا بشوف أعمار الأسرى دول لما اتسجنوا.. تخيل إنهم دخلوا السجن في عز شبابهم حرفيًا.. اللي كان عنده 19 سنة، واللي كان عنده 20 ولا 21.. وقضوا أجمل سنين حياتهم، وزهرة أعمارهم حرفيًا ما بين جدران السجن، ف عز معمعة الإضطهاد والتعذيب.. وفضلوا عايشين حياتهم جوه الكابوس ده ما يقترب من ربع قرن كامل!!
بس برغم كل الوقت اللي قضوه جوه ده، واللي كان كفيل إنه يقضي على قوة وعزيمة أي شخص تاني، ف هما ما استسلموش.. ربع قرن كامل مقدرش إنه يوقف عزيمتهم ولا إصرارهم على المقاومة، اللي خلاهم يحفروا نفق طويل ف قلب الأرض حرفيًا، بصوابعهم وضوافرهم، عشان يقدروا يخرجوا من السجن مرة تانية وهما شيوخ وكهول، ويكملوا حربهم ومقاومتهم لكل ما هو صهيوني وإسرائيلي..
بص أنت على القصة دي، وقولي أيه تاني ممكن يخليك تحس بالفخر؟!.. دي حاجة لو حصلت بره في أمريكا ولا أوروبا، كان اتعمل عنها أفلام ووثائقيات تحكي قصتها، وتخلدها قدام العالم كله.. بس للأسف الأبطال دول أتحكم عليهم إنهم يعيشوا في الظلال، عشان يحاربوا الظلم والقهر والطغيان من قلب الظلمات وورا الستار، وهما عارفين إن قصتهم مش هتظهر للنور أبدًا..
لسه أبطال فلسطين وحوش زي ما هما.. مقدرش الإحتلال ولا السجن ولا الزمن نفسه إنه يقهر صبرهم وعزيمتهم.. وعشان كده مهما طال الزمن، ربنا هينصرهم
في النهاية، أتمنى تساهم في نشر قصة الأبطال دول لكل اللي عندك، وأحكيلهم عن اللي حصل وعن البطولات اللي قدروا يعملوها، قصاد سنين من السجن والظلم والإستعباد.. وإدعيلهم ربنا يحميهم من عيون الإحتلال
انت عارف يعني إيه تحفر لتحت وبعدين تحفر لفوق مسافة كيلو متر بدون أي أدوات لقياس المسافة والارتفاع ولا أدوات اختبار ولا حتى أدوات حفر؟!
حتى في هوليود لما عملوا أفكار مشابهة كان الحفر مسافة قريبة والهروب إما عن طريق مواسير الصرف أو فتحات التهوية!!
انت متخيل العبقرية وصلت لفين؟ جسمي قشعر!
حراسة مشددة، كلاب مدربة، أجهزة تجسس، أجهزة استشعار، أنظمة لا أنا ولا أنت سمعنا عنها في حياتنا، كل ده في سجن كبير فيه أسلاك شائكة وأسوار عالية وحتى أرضية صلبة مصممة بعناية شديدة ودقة عالية، وفي النهاية كل ده يهزم بإرادة وعزيمة تهد جبال وتحفر أتفاق!
مش مصدق حتى الآن، حاسس إني بشوف فيلم هوليود من وحي خياال المؤلف والمخرج والممثل!! وحاسس بفخر لأن دي قصة أبطال حقيقيين قدروا يعملوها بعبقرية تفوق الخيال!
التعليقات مغلقة.