فيلم دستة أشرار بطولة الممثل لي مارفن يحكي قصة 12 مجرم أخرجهم أحد قادة الجيوش الأوربية من السجن للقيام بعملية في صفوف الجيش الألماني مقابل العفو عنهم أو الموت بشرف ، فخلد الفيلم قصتهم حتى أن الجماهير العربية كانت تخرج تبكي من السينما لموت أبطال الفيلم مع أنهم مجرد حفنة من المجرمين الأشرار قاموا بعملية إستخباراتية محدودة قياساً بأبطالنا الستة الذين قاموا بزرع لبنة دولة كبيرة أمتدت من السنغال جنوباً إلى الأندلس و حدود فرنسا شمالاً و بدلاً من تعلقنا كمسلمين بقصة دستة أشرار علينا أن نتعلق بنصف دستة أطهار ….. و إلى القصة :
نزل الشيخ “عبد الله بن ياسين” الفقيه المالكي عند مصب نهر السنغال وحده و كانت المياه تتعرض لظاهرة الجزر فأدى ذلك إلى إنحسارها عن جزء من اليابسة أشبه بالجزيرة المحاطة بالماء من كل جانب إلا أنه – كان ضحلاً حتى يمكن الخوض فيه سيراً على الأقدام ، و كأنما أدركت فراسة الداعية أن تلك الجزيرة المحاطة بالماء الذي سيفيض عما قليل وفقاً لظاهرة المد فيتركه وحيداً بداخلها هي خير ملاذ للإختلاء بالنفس و التزود بوقود التنسك و الزهد اللازم للحركة الدعوية فأسرع بإجتياز الماء الضحل دالفاً إلى الجزيرة الصغيرة يحوطها ماء عذب لسقياه و لصيد البحر .
ثم عاش الشيخ وحيداً في الجزيرة و صنع لنفسه ملجأ يقيه الحر نهاراً و البرد ليلاً و صنع من ملجأه رباطاً في سبيل الله يكون مستقراً لدعوته و جـ..ـهاده .
كيف و هو وحده على جزيرة مهجورة وليس معه احد إلا الله حتى تلاميذه هجروه و رفضوا الجـ..ـهاد العملي .
وفي ليلة ما والشيخ وحده فأطال القيام والذكر فلما أن حان وقت السحر جلس يستغفر ربه ثم تساءل : أمن شمال النهر أم من جنوبه أبدأ ؟
هاك يارب الداعي فأين المجيبون ؟
ثم تمثل نبي الله إبراهيم صلى الله عليه و سلم وحيداً في واد غير ذي زرع إذ أمره ربه أن يؤذن في الناس بالحج فقال :
يارب كيف أبلغ الناس و صوتي لا ينفذهم ؟
فأوحى الله له ناد و علينا البلاغ .
تردد رجيع صوت الشيخ في الجزيرة الصامتة مؤذناً لصلاة الفجر : الله أكبر …. الله أكبر ، و في الأفق لاحت خمسة أشباح غائمة تحث السير في إتجاهه .
كان الرجال الخمسة قد خرجوا من ديار لمتونة متعقبين آثار “عبد الله بن ياسين” عاقدين العزم على الا يعودوا إلا بصحبته او فليذهبوا معه حيث شاء ، كانوا شباباً قوياً صالحاً من جماعة أهل الحق ، صمدوا مع إمامهم حتى تفرقوا عنه بعد أن بلغ الظلم مداه فلما أخرج القوم الشيخ طريداً شعروا بالندم لتخليهم عنه و هو الذي أوقف حياته ليخرجهم و قومهم من الظلمات إلى النور لذا فقد تعاهدوا فيما بينهم على إقتفاء أثره و نصرته و لو فقدوا ارواحه في سبيل ذلك .
و إذا بهم يسمعون صوتا من بعيد صوته عذب شفيف حبيب يؤذن لصلاة الفجر .
تبادلوا النظرات غير مصدقين لكن صوت الإمام أنطلق في سكون الجزيرة ينادي : حي على الفلاح …. حي على الفلاح .
فما عاد لديهم شك ان الله هداهم بغيتهم فحثوا السير نحوه وقد لاح لهم على البعد شبحاً غائما قائماً وحيداً في الخلاء … لك الله يا ابن ياسين ، أترفع الاذان في الخلاء حيث لا مخلوق يسمعك ؟
لكنك يا إمامنا قد أسمعت سميعاً عليماً قادراً فبلغ نداءك إلينا نحن الخمسة الخارجين في سبيل الله .
و كم كانت فرحة اللقاء ندية فتعانقوا في فرح و إستبشار و قد لاحت تباشير النصر بتلك المحبة و ذلك الولاء الذي كان هو اللبنة الاولى لدولة المرابطين الجديدة التي جاهـ..ـدت و نشرت الإسلام من من المحيط الأطلسي غرباً و بلاد شنقيط و حوض نهر السنغال جنوباً ، إلى بلاد موريتانيا و المغرب مرورا بالبحر المتوسط شمالاً إلى الأندلس ثم المرابط “يوسف بن تاشفين” و الزلاقة و إحياء الله دولة الأندلس الموحدة بعد إن كادت تختفي في فتنة “المعتمد بن عباد” و “ألفونسو”.
كل هذا المجد و الفخر و الشرف أصله الشيخ و خمسة رجاااااااال في جزيرة نائية في السنغال .
نصف دستة أطهار …… !!! .
و للحديث تتمة لا غنى عنها ……………..
المصدر : كتاب أيام الامازيج – تأليف دكتور نهى الزيني – الطبعة الأولى – دار الشروق .. 2011م .
التعليقات مغلقة.