كلنا سمعنا عن عقود مع الشيطان شخص باع نفسه للشيطان بس دايمًا كنا نسمع عن الشخص دا إنه كافر أو مشرك بالله
كلنا سمعنا عن عقود مع الشيطان شخص باع نفسه للشيطان بس دايمًا كنا نسمع عن الشخص دا إنه كافر أو مشرك بالله، أو إنه لا يفهم شيء في الدين، وبيبيع دينه علشان الدنيا!
ولكن الكارثة لما يكون الشخص دا شخص مؤمن من قلبه بجد، شخص تعبد عمره كله ووهب نفسه لله، راهب، معتكف، مبيعملش حاجة غير إنه بيصلي ويصوم ويذكر الله.
شخص زي دا إيه يخليه يقع في شباك الشيطان، ويوصل الأمر إنه يكفر بكل المسلمات الدينية، ويرتكب كل الكبائر لحد ما يوصل لأعظم ذنب، رغم إن الشيطان نفسه ضعيف، ولكن حيلُه قوية، يقدر من خلالها يغوي عبد صالح وطاهر زي دا.
من زمن طويل، طويل جدًا، زمن بني إسرائيل، كان فيه راهب وهب حياته كلها للدين، معتكف في مكان بعيد عن أهل المدينة، يُقال إنه تعبد لمدة 70 سنة، ويُقال 40 سنة، في المدة دي كان بيصلي ويصوم ويؤدي كل الطاعات على أكمل وجه، ومرتكبش ذنب واحد، لدرجة إن الناس أطلقت عليه اسم “العابد” من كثرة تعبده، الشخص دا كان اسمه (برصيصا).
الشيطان حاول بكل الطرق يغوي (برصيصا)، ولكنه كان دايمًا بيفشل، مش لاقي طريق يدخل بيه على الشخص دا، ويخليه يرتكب ذنب، ودا كان سبب كافي لـ(إبليس) إنه يجمع الشياطين والمردة، وياخد بمشورتهم، وبعد ما جمعهم قال لهم:
- من منكم قادرٌ على إغواءِ هذا العابد؟!
أصابهم الإحباط لأنهم بقالهم سنين طويلة مش قادرين عليه، وهنا خرج شيطان بدرجة عالية، متخصص في إغواء البشر عنده من المكر ما يمكنه، فرد وقال:
- أنا أتكفل به.
الشيطان كان عنده حيلة قوية جدًا، وهي إنه لازم يمثل إنه شخص صالح زي (برصيصا) علشان يكسب ثقته، فتنكر في صورة راهب، وتوجه لـ(برصيصا) ودخل عليه في الصومعة بتاعته ونادى عليه، (برصيصا) مردش ودا لأنه كان متعود يصلي 10 أيام ويصوم عن الكلام وميكلمش حد وبعد الـ10 أيام ياخد يوم راحة.
ففكر الشيطان وقرر إنه يصلي جنبه، الشيطان كان عنده صبر كبير جدًا، وكان بيفكر في كل خطوة بياخدها، وبالفعل فضل يصلي جنبه الـ10 أيام ولما انتهوا نظر له (برصيصا) وقال:
- ماذا تريد؟!
رد عليه الشيطان:
- جئت كي أتعلم منك، أتعبد مثلك، وأصلي مثلك، وأقتدي بك.
واخد بالك من بداية كلامه، بيحسسه إنه قدوة.
(برصيصا) مردش عليه وكمل صلاته، وزود المرة دي أيامه لـ40 يوم بيصلي ويصوم ويفطر يوم واحد، والشيطان فضل ثابت على مبدأه بيصلي ويصوم معاه، ودا كان اختبار من (برصيصا) إذا كان الشخص دا هيصبر ولا مش هيكمل، وبالفعل استمر الوضع سنة كاملة.
وبعد ما انتهت السنة بدأ الشيطان يتلاعب بـ(برصيصا) وقال له إن الناس أخبرته إنه بيعبد الله أكتر من كدا، وخاب أمله فيه، وإن عبادته ضعيفه، وهو افتكره شخص بيعبد الله خيرًا من هذا، فكان (برصيصا) مصدوم من كلماته، فكمل الشيطان كلامه وقال:
- سأبحث عن غيرك يعبد الله أكثر منك، وسوف أتركك، ولكنني قبل أن أذهب سأعلمك كلمات احفظها ورددها فيرفعك الله بها، كلمات لو قلتها على مريض يشفيه الله وإذا قلتها على مبتلي عافاه الله.
سأل (برصيصا) عن الكلمات، فقالها له الشيطان، فحفظها (برصيصا) وانصرف الشيطان.
الشيطان اتحرك وراح لراجل وسط الناس، تلاعب بعقله فأُصيب الراجل بالجنون، وبدأت الناس تدور له عن طبيب، فالشيطان تمثل في هيئة طبيب ولما كشف عليه قال لهم إنه أصابه جنون وإن مفيش غير شخص واحد يقدر يعالجه، ولما سألوه عن الشخص دا قال لهم عن (برصيصا).
وبالفعل راحوا لـ(برصيصا) وطلبوا منه يعالجه فقرأ عليه الكلمات اللي حفظها له الشيطان فتعافى المجنون!
في اللحظة دي بدأ الشيطان يلف في القرية ويمارس ألاعيبه على الناس ويصيبهم بالجنون والصرع، وكل شخص يُصاب بالجنون يروح لـ(برصيصا) ويعالجه بكلمات الشيطان، وبدأت الناس تعرف (برصيصا) أكتر وشايفينه عبد صالح وربنا أعطى له هبة.
الخطوة اللي بعد كدا من الشيطان إنه صرع سيدة، وفيه اختلاف هنا حولها، فيه اللي قال إنها كانت جارية عند ملك، وفيه اللي قال إنها كانت أخت لـ3 إخوات رجال عايشين في القرية ودا الراجح.
فلما أصابها الجنون الـ3 رجال خدوها وراحوا لـ(برصيصا)، فرفض يقرأ عليها لأنه مبيقرأش على النساء، فقال لهم الشيطان يسيبوها في غار جنبه فلما يجيلها الصرع ممكن يجي ويقرأ عليها.
وهنا جيه دور الشيطان تاني إنه بدأ يقول له دي ضعيفة، اقرأ عليها علشان تروح لأهلها، وقاعدة في غار لوحدها، ممكن حد يتهجم عليها، اقرأ عليها لتذهب.
وناخد بالنا هنا من وسوسة الشيطان!
ولما أصابها الصرع دخل (برصيصا) وقرأ عليها، ويُقال إن ردائها اتشال من على جسمها في الوقت دا وخرج (برصيصا) بسرعة، ويُقال إن محصلش كدا بل إن (برصيصا) كان بيجيب لها أكل ويقدمه ليها فكان في البداية مبيبصش عليها، غواه الشيطان فبدأ يشوفها، وبعدين غواه الشيطان فبدأ يكلمها، وبعدين غواه الشيطان فبدأ يقعد معاها.
المهم إن الشيطان بدأ يصور له صورتها قدامه ويغويه في الليل علشان يزني معاها، ودا شخص متعبد طول عمره ومشافش جسد سيدة.
غواه مرة، والتانية، والتالتة، وفضل وراه لحد ما بالفعل (برصيصا) زنا مع البنت.
البنت حملت، فانتقل الشيطان للخطوة التانية، وهي إن لو أهلها شافوها هيقتلوك، وهتتفضح في وسط الناس، لازم تقتلها وتتخلص منها وبعدها تتوب إلى الله.
فقتلها (برصيصا) فقال له الشيطان ادفنها ولو حد من أهلها سأل عليها قول إنها هربت، وفعلًا دفنها.
ولما أهلها سألوه فعلًا رد عليهم وقال لهم هربت.
وبكدا يكون ارتكب 3 أخطاء، زنا، قتل، كذب.
الـ3 الإخوات بدأوا يبحثوا عن البنت مش لاقينها، فظهر لهم الشيطان في المنام كلهم بنفس الحلم، وقال لهم عن كل اللي حصل، ولما فاقوا من النوم وقالوا الحلم لبعض اكتشفوا إنهم حلموا نفس الحلم، ولما راحوا لـ(برصيصا) رد عليهم وقال لهم إنه شخص عابد بيصلي وبيتقي الله ومستحيل يعمل كدا، فصدقوه.
ولكن الشيطان ظهر لهم في الحلم تاني وقال لهم عن مكان دفنها، فراحوا وعرفوا مكانها وطلعوا جثتها، وقالوا لملك المدينة عن اللي ارتكبه (برصيصا) فهدموا صومعته، وحكم الملك عليه بالصلب والقتل قدام الناس كلهم.
هنا ظهر له الشيطان علشان يرتكب آخر ذنب وأكبر ذنب، فقال له:
-هل عرفتني؟!
رد عليه (برصيصا):
-لا والله ما عرفتك.
فقال له:
-أنا الشيطان.
صُدم (برصيصا) ولكنه كان كل تركيزه على الكارثة اللي واقع فيها، فقال له الشيطان:
-إن أردت أن تتخلص مما أُقحمت فيه اسجد لي سجدة واحدة وسأخلصك.
فكر (برصيصا) فبدأ الشيطان يغويه ويقول له إنه هيتفضح ونهايته هتكون سيئة، وفي النهاية سجد (برصيصا) للشيطان، هنا قال له الشيطان:
-إني بريءٌ منك، إني أخاف الله رب العالمين.
بعد ما أغواه، وخلاه أشرك بالله، وارتكب كل المعاصي والكبائر، وسجد له، تخلى عنه وقال له أنا برئ منك وبخاف ربنا.
فقتله الملك على كفره بالله، ونزلت الآية، (كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ) سورة الحشر.
تخيل الشخص دا كان إيه، وفي البداية كان إيه، والأمر تطور معاه ووصل لإيه!!
ودا بالظبط اللي بيحصل مع ابن آدم، بيدخل الشيطان من أماكن مستحيل تتوقعها، بتكون فاكر إنك بتعمل خير، ولكن في باطنه شر.
–
وآخرًا كلها اجتهادات من العلماء في تفسير كتاب الله، والله أعلى وأعلم بصحتها.
المصادر:
القرآن الكريم.
حديث ابن جرير.
حديث ابن مسعود.
البداية والنهاية لابن كثير.
التعليقات مغلقة.