مثال للفساد في الاستدلال كسبب من اسباب الطعن بالنقض

مثال للفساد في الاستدلال كسبب من اسباب الطعن بالنقض
====== من واقع مذكرات النقض ======
كان عمدة الحكم الطعين فى قضائه بادانه الطاعن بجريمة التزوير على دعامتين اساسيتين تساند اليهما ضمن ادله ثبوته تمثلت اولهما فى تحريات النقيب / أحمد مصطفي محمود معاون مباحث بادراة مرور سوهاج وكذا تحريات العقيد/ شريف السعيد محمود رئيس مباحث مرور سوهاج والكائنة شهادتهما الواردة بالاوراق حين اعلن اطمئنانه الى شهادته لقضائه بالادانه بما ننقلة عنه بحصر لفظة ” …… فقد شهد النقيب أحمد مصطفي محمود معاون مباحث بادراة مرور سوهاج انه بتاريخ 3/6/2018 واثناء مروره الامني بدائرة قسم سوهاج استوقف المتهم بسيارته تحمل رقم (——) لتشككه في صحه ارقام تلك اللوحات فقدم له المتهم رخصة تسيير السيارة قيادته وتبين انها مدون عليها بيانات باسم شقيقه عبده محمد عبدالرحيم عثمان برقم(ن و 2961) وبفحصها تبين انها غير مطابقه بارقام السيارة المضبوطة وقدم له توثيق خاص بادارة وبيع السيارة صادراً من مكتب توثيق العسيرات سوهاج واضاف انه بالاستعلام عن بيانات السيارة عن طريق الحاسب الالي بادارة العامة للمرور لم يستدل على اى بيانات للسياره كما و انه بفحص السياره فنيا تبين وجود تجليخ شاسيه و موتور السياره المضبوطه واسفرت تحرياته السرية عن قيام المتهم بالاشتراك مع أخر مجهول في تزوير رخصه تسيير السيارة ىوان شقيقة حسن النيه ولا يعلم بتزويرها وان المتهم تحايل علي شقيقة لاستخراج التوكيل خاص بالسيارة المضبوطه دون علمه بان الرخصة مزورة …….”
وكذا ( شهد العقيد /شريف السعيد محمود رئيس مباحث مرور سوهاج بان تحرياته السرية اسفرت عن ان المتهم سئ التية واشترك مع مجهول في تزوير رخصة التسيير التي تحمل رقم ن و 2961 وكذا شهادة الوفاء بالغرمات المضبوطتين وان شقيقه حسن النيه وقد تحايل عليه المتهم واصطحبه بمكتب توثيق …. بسوهاج لاستخراج توثيق بادارة وبيع السيارة دون علم شقيقه بان الرخصة مزورة)

  • واستطرد الحكم الطعين باسبابه الى اعلانه اطمئنانه لجديه التحريات و كفايتها لثبوت جريمة التزوير قبل الطاعن وشهادة مجريها على النحو التالى .
    “وحيث أنه عما اثاره دفاع المتهم ببطلان تحريات المباحث لعدم جديتها فمن المردود عليه بان المحكمة تطمئن كل الاطمئنان الي التحريات التي اجراها شاهد الاثبات الثالث العقيد شريف السعيد محمود ريس مباحث مرور سوهاج من قيام المتهم بالاشتراك مع مجهول ………”
    بيد ان قضاء الحكم المطعون فيه قد اتخذ مما اسفرت عنه التحريات من اجراءات تالية سندا غير سائغ للرد على الدفع ببطلان التحريات فقد دفاع الطاعن بان الواقعه ولما كان الثابت ان ضابط المباحث لم بيبن في الاوراق مصدر تحرياته لمعرفة ما إذا كان من شانها ان تؤدي الي صحة ما انتهي اليه فانها بهذه المثابة لا تعدو ان تكون مجرد راي لصاحبها تخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب الي ان يعرف مصدره ويتحدد كنهه ويتحقق القاضي منه بنفسه حتي يستطيع ان يبسط رقابته علي الدليل ويقدر قيمته من حيث صحته وفساده انتاجه في الدعوي او عدم انتاجه واذ كانت المحكمة قد جعلت اساس اقتناعها راي محرر محضر التحريات فان حكمها يكون قد بني علي عقيدة حصلها الشاهد من تحريه لا علي عقيدة حصلها الشاهد من تحريه الفاسد لا علي عقيدة استقلت المحكمة بتحصيلها بنفسها فان ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يتعين نقضه والاحاله بغير حاجه الي بحث باقي ما يثيره الطاعن في طعنه.
    -وحيث ان تأخذ محكمة الموضوع بالدفع بعدم جدية التحريات وطرحتها بقولها انها قد اقتنعت بجديه التحريات ، بما ئؤكد ان المحكمة لم تعني ببحث عناصر دفاع الطاعن والتي ساقها للنيل من تلك التحريات الامر الذي ينبئ عن عدم المامها بهذا الدفاع وانعدام تفطنها إليه ، فضلاً عن اعتقداها الخاطئ بأنها في مأمن من ان ينال أحد من تقديرها طالما أنها تتمتع بسلطة تقديرية واسعة في تقدير التحريات ووزنها بما لايمكن المساس بتلك السلطة أو النيل منها ولأنها عصيه علي المراقبة والمراجعة وليس لها عاصم يحول دون تجاوز حدودها ، مع أنها سلطة لا يتحدد نطاقها من فراغ ولاتفرض نفسها تحكماً بل تمليها قواعد العدالة و الاغراض التي ينبغي تحقيقها في ضوء المنطق والعقل والتفكير السليم .
    وتراقب محكمة النقض محاكم الموضوع عند استعمالها لسلطتها التقديرية فيما يطرح عليها من دفوع متعلقة بعدم جدية التحريات من خلال اسباب المحكمة التي تسوقها المحكمة رداً علي هذا الدفع وتستلزم بداءة ان تفصح المحكمة عن عناصر التحريات والدلائل التي عززت تلك التحريات ، ولا تكتفي بمجرد القول بأن المحكمة استعملت سلطتها التقديرية في وزن التحريات المعروضة عليها وانها وثقت بها واطمأنت إليها
    لان تلك الاسباب يشوبها التجهيل والتعميم كما ان محكمة الموضوع لم تتعرض لاوجة دفاع الطاعن وما أثارة من منازعات جادة نالت من تلك التحريات و أثرت في كفايتها وجديتها في انها جاءت مكتبية وانها مجهوله المصدر وانه من غير المعقول ان مصادره السريه تكون قد تحرت بدائرة الجيزة عن واقعه التزوير التي تم اكتشافها بسوهاج وانها لاقيمة لها ان لم تعزز دليل قائم بالاوراق حيث جاءت مجرده مما يعززها من الاوراق ، وان التحريات وحدها لاتصل حان تكون دليل ولا تصل الي مرتبه القرينه ، الا ان المحكمة لم ترد علي تلك الاوجة بما يسوغ اطراحه وذلك حتي يمكن القول بان تلك السلطة لم تتمرد عند استعمالها علي قواعد التقدير السديد و دون تعسف او إسراف أو شطط وعلي تقدير تلك الضوابط تقتضيها الأسس اللازمة لتنظيم ممارسة تلك السلطة وتأمين حركتها ومباشرتها.
    وحيث انه من المقرر
  • ان الاحكام الجنائية يجب ان تبني علي الادلة التي يقتنع منها القاضي بادانة المتهم او براءته …ويجب ان تكون تلك الادلة صادرة عن عقيدة المحكمة …….حيث انه لا يصح في القانون ان يدخل القاضي في تكوين عقيدته ( بصحة الواقعة التي اقام عليها قضائه او بعدم صحتها حكما لسواه )
  • كما انه من المقرر ايضا
    وان كان يجوز للمحكمة ان تعول في تكوين عقيدتها علي التحريات بحسبانها قرينة تعزز ما ساقته من ادلة الا انها لا تصلح بمجردها ان تكون دليلا كافيا بذاتها او قرينة مستقلة علي ثبوت الاتهام وهي من بعد لا تعدو ان تكون مجرد راي لصاحبها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب الي ان يعرف مصدرها
    ولما كان ذلك
    وكان الواضح من مطالعة مدونات الحكم الطعين ان المحكمة قد اتخذت من التحريات وشهادة مجريها دليلا اساسيا في ثبوت الاتهام بان قررت في حكمها ان المحكمة قد اقتنعت بجدية التحريات وشهادة مجريها فان الدفع المبدي يكون علي غير سند صحيح مما تقضي معه المحكمة برفضه .
    ( طعن جنائي جلسة 3/11/1988 س 39ق 153 ص 1012 )
    وقد تواترت احكام النقض علي ان ( الاحكام يجب ان تبني علي الادلة التي يقتنع بها القاضي بالادانة او البراءاة والتي تصدر عن عقيدة يحصلها هو مما يجريه من التحقيقات مستقلا في تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ولا يصح في القانون ان يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي اقام قضائه عليها او عدم صحتها حكما لسواه وانه وان كان الاصل ان للمحكمة ان تعول في تكوين عقيدتها علي التحريات باعتبارها معززة بما ساقته من ادلة طالما انها كانت معززة لما ساقته من ادلة كانت مطروحة علي بساط البحث
    الا انها لا تصلح وحدها لان تكون قرينة معينة او دليلا اساسيا علي ثبوت الصحة .
    اذ انها لا تعدو الا ان تكون مجرد راي لصاحبها تخضع للصحة والبطلان والصدق والكذب وبخاصة اذا لم يبين مجري التحريات مصدر تحرياته
    ( وان كانت المحكمة قد حصلت اساس اقتناعها علي راي محرر محضر التحريات فان حكمها يكون قد بني علي عقيدة حصلها الشاهد من تحريه المنعدم والمشكوك في اجرائه لا علي عقيدة استقلت المحكمة بتحصيلها بنفسها فان ذلك يعيب الحكم المطعون فيه مما يتعين معه نقضه والاحالة بغير حاجة الي بحث باقي ما يثيره الطاعن في طعنه )
    ( نقض 17/3/1983 س 34 – 79 – 392 )
    واستقرت قضاء النقض علي أن :
    ” تقدير جدية التحريات ولئن كان راجعاً لسلطة التحقيق تحت اشراف محكمة الموضوع وكتن هذا التقدير من الامور الموضوعية التي هي من اطلاقاتها الا ان شرط ذلك ان تكون الاسباب التي تستند اليها من شأنها ان تؤدي الي ما رتبه الحكم عليها والا كان الحكم معيباً..”
    (نقض 12/3/1973- س23- 80- 349- طعن 75/42ق)
    وهديا بما سبق وكانت الحكم المطعون فيه قد اعلن تمسكه بتلك التحريات الباطلة كأحدى ادلته على ثبوت الجريمة فى حق الطاعن كذلك اقوال مجريها كما رفع لواء التأييد لما ورد بها وكفايته بالتساند الى ما اسفرت عنه على نحو ما اورده بمدوناته متغافلا على ان تلك التحريات لم تحمل مقوماتها الاساسية التى اقرها القانون كما قد اتخذ عمدته فى قضائه بأدانه الطاعن ركونه الى تلك التحريات التى اعتبرها دليلا كاملا وعول عليها فى قضائه بالادانه مع عدم موافقة ذلك لصحيح القانون لان التحريات لا تعدوا كونها رايا لمجريها استمدها من مصادر غير محددة بما لا يمكن المحكمة من بسط رقابتها عليها وتقديرها والتعويل عليها كدليل فى الدعوى يمكن ان يسند به وحده اتهام . .
    يقول الدكتور / محمود مصطفى فى كتابة الاثبات فى المواد الجنائية فى القانون المقارن – ” النظرية العامة – ط 1 سنه 1977 صـ43 وتحت عنوان الاستدلال والدليل يقول باطنه .
    ” من المسلم ان حكم الادانة يجب ان بينى على دليل على الاقل تقتنع به المحكمة بوقوع الجريمة من شخص معين ، فلا يجوز ان تبنى الادانة على مجرد الاستدلال فالاستدلال قديم عم الادلة ولكنه صلح ومدة سندا للادانة .
    وقد عززت محكمة النقض هذا الراة بامكانها المستقر عليها من بانه :
    يجب ان يتوافر لدية دليلا كاملا على الاقل ولا مانع من ان يعززه بالاستدلالات .
    نقض 3/10/1990 مج احكا النقض س 11 رقم 122 صــ652
    وقضى أيضا :
    وان كان اساس الاحكام الجنائية هو حرية قاضى الموضوع فى تقدير الادلة القاعة فى الدعوى الا انه يرد على ذلك يقود منها ان يدلل القاضى اى بالدليل وليس بالاستدلال على صحة عقيدته فى اسباب حكمة بالادلة وليس بمحض قرائن او الاستدلالات تؤدى الى مارتبه عليها لا يشوبها خطا فى الاستدلالال او تناقض او تعادل .
    نقض 2/4/1957 – س 8 – 93 – 352
    الطعن رقم 5333 لسنه 73 ق تاريخ 18/2/2004
    ومن ذلك ايضا ما جرت عليه احكام محكمة النقض من جواز الاستناد الى الاستدلالات ولكن لتعزيز ما ساقته المحكمة من ادلة فقضت بانة للمحكمة ان تقول فى عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة ( ققط ) لما ساقته من الادلة
    نقض 3/10/1960 س 11-122-652
    وغنى عن البيان ان هذه القاعدة ليس مصادرة على حق وسلطة القاضى فى تكوين عقيدته من مصادرها التى يطمئن اليها فله كامل الحرية فى قبول الدليل كدليل او اطراحه وفى الاطمئنان الى القرية كقريته او العزوف عنها ، وفى قبول الاستدلال كاستدلال او رفضة وان قصارى الامر – ولا مصادره فيه – انه يشترط لا قامة الاسناد توافر دليل صحيح على الاقل تقتنع به المحكمة وعنه فارق بين الدليل ، وبين الاستدلال ، ويجب ان يكون الدليل صحيحا متولدا من اجراء صحيح ويفتتا وفى تعريف الشهادة تقول محكمة النقض انه

الشهادة قانونا تقوم على اخبار شفوى يدلى به الشاهد فى مجلس القضاء بعد يمين يؤديها على الوجه الصحيح
.
نقض 6/1/1964 – س 15 رقم 1 ص – 1

وقد استقر قضاء النقض من قديم على انه :
الشاهد الذى تبنى الاحكام الجنائية على اقواله هو من شاهد الواقعة المشهور بها عليها ، اما اراء الناس وتصوراتهم وتاويلاتهم وتعبيراتهم للاحداث فظنون لاتبنى عليها الادانه قط – والشهادة فى الاصل هى تقرير الشخص لما يكون قداره او سمعه بنفسه أو ادركه بحواسه على وجه العموم .
نقض 6/2/1978 – س 29 – 25 – 39

اما عن الدعامه الثانيه التي استند اليها الحكم الطعين وهي تقرير ابحاث التزييف والتزوير ، فان التقارير الفنيه فدورها تفحص الاوراق والمستندات المرسله لها من قبل النيابة العامة في كونها مزوره من عدمه في تثبت حاله من خلال فحصها ،لاسيما وان الطاعن لم يتم استكتابه علي ان من هذه المستندات فلم يثبت انه حرر أي من المستندات المزور فهي بذلك لا تعد سوي قرينه ولا ترقي لمرتبه الدليل ، في دليل حاله علي صحه الاوراق وليس دليل ادانه علي قيام الطاعن بتزوير المستنات او تقليد الاختام الممهور بتلك الاوراق ، وعليه فيكون الحكم الطعين قد شابه الفساد في الاستدلال في استند ادانته للطاعن علي التحريات وهي قرينه تعزز دليل ، ولتقرير ابحاث التزييف والتزوير وهي كذلك لاتعدو كونها قرينه ، وانه لما استقر عليه من احكام محكمة النقض ان القرينة تعزز دليل ، ولا يجوز ان قرينه تعزز قرينه ، وعليه فيكون الحكم قد شابه الفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه والاحالة.

التعليقات مغلقة.