قصه الرجل الذي تزوج من امرأتين

حكى أن رجلا تزوج من امرأتين ، فأنجبتا له ولدين ، هذان الولدين متشابهان تماما و كأنهما توأمان و كذلك سُميا باسم واحد :علي
توفي والدهما و توفيت بعده احدى زوجتيه فأصبح أحد الولدين يتيما
فربته زوجة أبيه


لكنها كانت تريد الاهتمام بولدها أكثر و بما أن الولدين متشابهين لم يكن بإمكانها التمييز بينهما
فكانت مضطرة للعدل بينهما


و ذات يوم اهتدت لحيلة تبين لها من هو ولدها
حيث تظاهرت بالمرض ، استلقت على فراشها و هيأت أمامها
ابرة مع خيط ،

و بدأت تتظاهر بالهذيان


أما الولدين فقد كانا خارج البيت يرعيان الغنم
و لما دخلا البيت رأى ولدها أمه تهذي فجرى نحوها ليطمئن عليها قائلا : ماذا بك يا أمي؟ هل أنت مريضة ؟


هنا أمسكت به أمه و أدخلت الإبرة مع الخيط في أذنه كأنه حلقو هذه كانت علامة تدلها عليه


بدأت هذه المرأة تُظهر اهتمامها بولدها و إهمالها لربيبها
حيث كانت تعطي لهما خبزا ، الخبز الجيد لولدها و الخبز الرديء لربيبها


و ذات يوم و بينما الولدين يأكلان خبزهما أمام البئر ،طلب علي اليتيم من أخيه أن يلقي كل منهما قطعة من الخبز الذي يأكلانه
ففعلا ،فكان خبز علي ابن تلك المرأة في قاع ماء البئر أما خبز علي اليتيم فقد بقي على سطح الماء بسبب رداءته


فقال علي اليتيم : أرأيت يا أخي ،لقد طلبت منك هذا الأمر لأوضح لك معاملة والدتك لنا ، فأنت في أعماق قلبها كما غاص خبزك داخل الماء ، أما أنا فخبزي طفا على الماء لأني لست مهما بالنسبة لها


إذن يا أخي فانا لا يمكنني البقاء معكم بهذه المعاملة ، سأرحل بعيدا لكيلا أزعج والدتك
و لكن أخاه استاء من هذا الكلام ، فقال له :لكن يا أخي ، كيف سأطمئن على حالك أثناء غيابك ؟


فكان رد أخيه عليه : سأغرس شجرة تين هنا أمام البئر ، و أرحل فإذا رأيتها كبرت و اخضرت فهذا يعني أنني بخير ، و إذا رأيتها اصفرت و ضعفت فهذا يعني أن أمرا سيئا حصل معي
فابحث عني
جمع علي اليتيم متاعه و أخذ سلاحه و ودع أخاه و رحل
بدأت رحلة علي ، و بينما هو يسير في الطريق مر بأحد الرعاة كان يرعى غنمه في مكان ليس فيه عشب بينما أمامه مكان نبت فيه الكثير من العشب الأخضر فسأله عن السبب
فكان جواب الراعي أن هذا المكان المليء بالعشب يخص الغولة و لا يجرأ أحد على الاقتراب منه


فقال له علي : و أين هي هذه الغولة ؟؟
قال الراعي منزلها هناك
اقترب علي من منزل الغولة و أخرج سلاحه فقتلها
ثم عاد و طلب من الراعي أن يذهب ليرعى غنمه حيث العشب الاخضر
فرح الراعي فرحا كبيرا و أراد مكافأة علي بشاة من غنمه و سأله عن اسمه
قال علي : اسمي علي و أنا أقبل هديتك و لكن لن آخذها معي الآن دعها معك إلى حين عودتي
انطلق علي يكمل رحلته
و في الطريق وجد راعي بقر يرعى في مكان لا عشب فيه بينما يوجد مكان أمامه مليء بالعشب اليانع
فسأله عن السبب فأجاب الراعي أن هذا المكان اليانع يملكه وحش الغابة و لا يجرأ أحد أن يقترب منه
قال علي: و أين هو هذا الوحش؟؟
قال الراعي : هو هناك في بيته
اقترب علي من بيت الوحش و أخرج سلاحه فقتله أيضا


ثم عاد إلى الراعي و قال له : اذهب و ارعى بقرك هناك
فرح الراعي فرحا كبيرا و أراد مكافأته على صنيعه ببقرة و سأله عن اسمه
قال علي : اسمي علي و أنا أقبل هديتك و لكن لا يمكنني أخذها معي الآن ، دعها مع البقر إلى حين عودتي
واصل علي رحلته ، و هذه المرة وجد راعي إبل يرعى إبله في مكان لا عشب فيه بينما يوجد أمامه مكان مليء بالعشب
فسأله أيضا عن السبب ،

فأجابه الراعي أن هذا المكان هو لأسد الغابة و لا يجرأ أحد أن يقترب منه
قال علي : أين هو هذا الأسد ؟؟
قال الراعي : هو هناك
اقترب علي من الأسد فأخرج سلاحه و تخلص منه
ثم عاد للراعي و قال له : اذهب إلى مكان الأسد و ارعى إبلك هناك
فرح راعي الإبل بذلك فأراد مكافأة علي أيضا بناقة و سأله عن اسمه
قال علي : اسمي علي و أنا أقبل هديتك و لكن دعها هنا مع الإبل إلى حين عودتي
تابع علي طريقه إلى أن وصل إلى قرية ، فدخل إليها و وجد بئرا فاتكأ عليها ليرتاح
و بينما هو متكأ ،

سمع صوت بكاء
فنظر فإذا بفتاة جميلة جالسة أمام البئر تبكي
ترى ، لما كانت تبكي
سنعرف ذلك في الجزاء الثاني

قصة غاية في الروعة
اليتيم
الجزء الثاني
اقترب منها و سألها عن سبب بكاءها فقالت له :إن داخل هذه البئر يوجد أفعى كبيرة جدا لها سبعة رؤوس و هي لا تسمح لنا بملء الماء من البئر إلا بشرط ،

و هو أن تضحي كل يوم فتاة من فتيات القرية بنفسها و تلقي بنفسها داخل البئر لتكون وجبة طعام للأفعى حتى تفتح لنا عين الماء و إلا فلن نحصل على الماء
و اليوم هو دوري في التضحية بنفسي و يجب أن ألقي بنفسي داخل البئر الآن

قال لها علي : ما هذا الذي تقولينه ؟؟أليس فيكم أحد حاول التخلص منها؟
قالت : لم يتمكن أحد من الاقتراب منها لأنها خطيرة جدا


قال : و أين هي الآن؟
قالت : هي لم تصعد لأن وقتها لم يحن بعد
اتكأ علي أمام البئر و قال لها : إذا لاحظتي أنني غفوت و جاءت الأفعى فأيقظيني لأقتلها
غفا علي دون أن يشعر لأنه كان متعبا من السير طوال اليوم


استغفلته الفتاة و نزعت شعرة من شعر رأسه لإعجابها به لأنه كان ذهبي اللون و خبأتها بين ثيابها


بدأت الأفعى تصدر صوتا داخل البئر ، إنها تصعد لتحصل على وجبتها كعادتها ، خافت الفتاة فبدأت تبكي ،

فاستيقظ علي على صوت بكاءها و سألها : لما تبكين؟ قالت :إن الأفعى تصعد
قال لها و هو غاضب : لماذا لم توقظيني كما طلبت منك ، كدنا نكون وجبة للأفعى نحن الإثنين
ابقي هنا و أنا سأتخلص منها
أخذ علي سلاحه و دخل داخل البئر و واجه الأفعى ذات السبعة رؤوس
أطلق عليها رصاصة فأصاب رأسا من رؤوسها
فقالت له : هذا ليس رأسي الحقيقي
قال لها : و هذه ليست طلقتي الحقيقية

فأطلق عليها رصاصة أخرى فأصاب رأسا آخر
فقالت له : هذا ليس رأسي الحقيقي
فقال لها : و هذه ليست طلقتي الحقيقية أيضا

و لا يزالا على هذه الحال
إلا أن وصل إلى رأسها السابع فأطلق عليه رصاصة فأصابه و في هذه الأثناء قالت الافعى : لقد أصبت رأسي الحقيقي
فقال لها : و هذه كانت طلقتي الحقيقية

تخلص علي من الأفعى و نجت الفتاة من الموت و بما أن هذه الفتاة هي ابنة الملك ، رفض أهل القرية نجاتها ظناً منهم أنها بسبب دلالها رفضت التضحية بنفسها
و ما إن سمع الملك أصوات الناس و هي تهتف : لا ، هذا ليس عدلاً ، بناتنا ضحين بأنفسهن و ابنة الملك المدللة رفضت التضحية ؟؟؟ لا ، لا نقبل هذا

و بما أن الملك كان عادلاً ، رفض ما يحدث فأخرج سلاحه و خرج ليقتل اتابعوا و لكن الفتاة دافعت عن نفسها بسرعة قائلة : لا يا أبي ، انتظر لأشرح لك ما حدث

قصت الفتاة عى أبيها كل ما حدث و أن علي تخلص من الأفعى


و ما إن سمع والدها هذا الكلام هدأ ، أما أهل القرية فقد فرحوا بهذا الخبر
أراد الملك أن يتعرف على علي ليشكره على صنيعه
فذهب مع ابنته أمام البئر و لكنهما لم يجدا علي


لأنه بعدما تخلص من الأفعى رحل
أصدر الملك أمرا بأن يتجمع كل رجال القرية تحت شرفة قصره لتتعرف ابنته على مخلص القرية من الأفعى الخطيرة
ليزوجه ابنته
تجمع رجال القرية كلهم تحت شرفة القصر و كلهم يهتفون : أنا قتلتها ، لا بل أنا

فطلبت منهم الفتاة أن ينزعوا عماماتهم من رؤوسهم ففعلوا
أخرجت الفتاة شعرة علي التي أخذتها منه و هو نائم و بدأت تقارنها مع شعر هؤلاء الرجال و لكنها لم تجد صاحب الشعرة الذهبية بينهم فأخبرت والدها أنها لم تتعرف إليه

تعجب الملك و قال : هل حضر جميع رجال القرية ؟
فقال خادمه : لا يا سيدي ، يوجد رجل غريب هناك في المسجد ، و لكنه يبدو متسولا و لا تبدو هيأته مناسبة لأن يقتل نملة حتى ، فلم نرد إحضاره
غضب الملك و قال : و لماذا لم تحضروه ،هيا ، أحضروه فوراً


فذهب الخدم و أحضروا علي و طلبت الفتاة منه أن ينزع عمامته كما فعل الآخرين
نزع علي عمامته و قارنت الفتاة الشعرة التي بحوزتها ، فوجدتها تنطبق مع شعر علي فقالت : هذا هو يا أبي ، إنه من قتل الأفعى

فرح الملك و طلب من علي الزواج من ابنته ، فوافق
و تم الزفاف بسبعة أيام و لياليها
و كان زفافاً مبهرا حضره كل أهل القرية و كبراءها

عاش علي حياة الترف مع زوجته الأميرة لسنوات و أنجبا أولاداً أما علي الآخر فقد لاحظ الحيوية و الإخضرار على شجرة التين فاطمئن على حال أخيه

و ذات يوم أراد علي زوج الأميرة الذهاب للصيد ،تناول سلاحه و ركب على حصانه و أخذ كلبه و هم بالخروج
سأله الملك : أين أنت ذاهب يا علي ؟ فرد علي : أريد الذهاب للصيد


فقال الملك : إذن تعال معي ، فأنا أريد أن أحذرك ، احذر يا علي من الاقتراب من ذلك الجبل لأن هناك تعيش غولة خطيرة ، و كل من ذهب إلى هناك لم يرجع ، لأنها تلتهم كل من يقترب من أمام مسكنها

سكت علي و لم يقل شيئاً لأنه لم يقتنع بكلام الملك
و لأنه شجاع و لا يخاف من شيء ، أخذه الفضول ليشاهد الغولة بنفسه و ليحاول التخلص منها


اقترب علي من مسكن الغولة ، فإذا بها تستقبله استقبالاً حاراً : أهلا بك أيها الزائر الكريم ، أنت ابن أختي ، مرحبا بك ، تفضل بالدخول ،

دع عنك الحصان أنا سأتولى أمره و أربطه إلى الشجرة
دخل علي إلى بيت الغولة و هو لا يدري أنه وقع في فخها
أما هي ، فقد ابتلعت الحصان و الكلب و دخلت لبيتها ، فابتلعت علي أيضا ، في هذه الأثناء اصفرت شجرة التين و لاحظ علي الأخ ذلك فورا فعرف أن أخاه مكروها قد أصابه
فقرر الذهاب للبحث عنه
جمع متاعه و أخذ سلاحه و كلبه و ركب حصانه و انطلق
بدأت رحلة علي الأخ ، و سلك نفس طريق أخيه.

التعليقات مغلقة.