ملحد: هل يقدر الله أن يخلق صخرة لا يمكنه حملها ؟
حالة بائسة!
المقصود بالحالة البائسة هنا هي حالة الملحد الذي يطرح هذا السؤال؛ فهو أصلا لا يؤمن بوجود الله، وفي الوقت نفسه يطرح سؤالا عن صفات الله! تخيل نفسك وأنت وحيد أبويك ومع ذلك تسأل الناس عن صفات أخيك الذي لم يوجد أصلا.. هذه الحالة البائسة التي تخيلتها هي حالة الملحد الذي يسأل عن صفاتٍ لا يؤمن بوجود الموصوف بها!
الأسئلة الخاطئة
كل سؤال يبنى على فرضية غير صحيحة فهو سؤال خاطئ، وإذا كان السؤال خاطئا فإن الجواب عليه يكون خاطئا أيضا، لأن الجواب هو اعتراف بأن السؤال مبني على فرضية صحيحة.
والمثال الشهير على السؤال الخاطئ هو:
هل توقفت عن ضرب زوجتك؟
فإن كنت لم تضرب زوجتك وأجبت “نعم” فأنت مخطئ لأن جوابك يدل على أنك كنت تضربها، وإن أجبت “لا” فجوابك أيضا خاطئ..
سؤال خاطئ آخر:
هل أقلعت عن تعاطي المخدرات؟
أيضا هنا تكون الإجابة خاطئة (على افتراض أنه موجه لشخص لم يتعاط المخدرات) لأن السؤال مبني على فرضية خاطئة، سواء كان الجواب بنعم أو بلا.
قد تأخذ الأسئلة الخاطئة شكلا آخر..
أيهما أكثر برودة، فصل الشتاء أم ألاسكا؟
هنا تكون المقارنة بين عنصرين لا تماثل بينهما، وهما الزمان والمكان، وعلى ذلك فإن الجواب على السؤال يكون غير منطقي.
ومن الأسئلة التي كان الفلاسفة يتندرون بها على أرباب الكنيسة وأنهم يشغلون أنفسهم فيما لا طائل منه قولهم:
كم عدد الملائكة الذين يمكنهم الوقوف على رأس دبوس.
بالطبع لا هؤلاء الفلاسفة ولا رجال الكنيسة يدركون أن الملائكة عليهم السلام مكرمون عن هذا الابتذال، ولكن يمكنك ملاحظة الإشكال في السؤال من خلال التداخل بين المادي وغير المادي.
أسئلة الملحد
على هذا المنوال ينسج الملاحدة بعض الأسئلة، ولا شك أنهم يسعون بجانب التلبيس والتدليس على المسلم إلى محاولة إصابته بصدمة نفسية لمجرد إثارة فكرة أن الله لا يقدر، في حين أن المسلم يعيش منذ صغره على أن قدرة الله مطلقة. ولهذا تجد أن بعض المسلمين البسطاء الذين تقع أعينهم على مثل هذه الأسئلة ينسحبون فورا أو يهاجمون قائلها بالسباب والشتائم، بينما الحقيقة هي أن تلك الأسئلة أصلا خاطئة ومتناقضة مع نفسها.
وسوف نعرض أمثلة على تلك الأسئلة الخاطئة والرد عليها:
هل يقدر الله أن يخلق صخرة لا يمكنه حملها؟
يوجه الملحد هذا السؤال على اعتبار أن المسلم يؤمن بأن الله قدير (له القدرة المطلقة).. ولأن له قدرة مطلقة فيفترض أنه يقدر على خلق صخرة عظيمة الحجم لدرجة أنه لا يقدر على حملها! (تعالى الله سبحانه)
لاحظ التناقض هنا: نفس السؤال يفترض وجود القدرة المطلقة وعكسها في نفس الوقت.. وهذا تناقض صريح.
ولكي نعيد السؤال إلى صيغة بسيطة ومباشرة: هل الله مطلق القدرة وغير مطلق القدرة؟
بالطبع من لديه أبجديات المنطق سيعلم أن الصفتين المتناقضتين لا تجتمعان في ذات واحدة أبدا.. هذا من المحالات المنطقية. فلا يمكنني مثلا أن أقول إن فلانا ذكي وغبي في نفس الوقت، أو أن تلك التفاحة فوق الطاولة وتحت الطاولة في الوقت نفسه.
وباختصار، إذا كان الله مطلق القدرة فإن أي فرضية تتعارض مع قدرته المطلقة تسقط وتعتبر ممتنعة الحدوث، ويكون السؤال عنها مغالطة منطقية.
هل يستطيع الله أن يوجد مثلثا بأربعة أضلاع؟
المغالطة هنا في هذا المثلث المعدوم، فالمثلث ذو الأربعة أضلاع هو مثلث معدوم لا يمكن وجوده، والعدم مناقض للوجود، فلا يمكن للشيء أن يكون معدوما وموجودا في الوقت نفسه، ولهذا فإن من يطرح السؤال يرتكب الخطأ الذي ذكرناه وهو الجمع بين صفتين متناقضتين للشيء نفسه، وهذا ممتنع.
لذا فإن الإشكالية ليست في قدرة الله وإنما في البنية المنطقية للسؤال الذي بني على جمع صفتين متناقضتين: الوجود والعدم، وكأن المعدوم يمكن أن يوجد وهو معدوم أصلا.
هنا أمثلة أخرى لبعض هذه الأسئلة:
هل يقدر الله على خلق إله مثله؟
القدرة المطلقة تناقض وجود منافس بقدرة مطلقة.
هل يقدر الله أن يقتل نفسه؟
القدرة المطلقة صفة كمال والفناء صفة نقص تناقضها، فيمتنع الجمع بينهما.
هل يقدر الله أن يظلم؟
العدل المطلق صفة كمال والظلم صفة نقص تناقضها، فيمتنع الجمع بينهما.
إما مدلس أو جاهل
وهكذا يركز الملحد في هذه الأمثلة كلها على أمر واحد، وهو الإيمان الراسخ عند المسلم بقدرة الله المطلقة، ولكنه لا يطرح سؤاله إلا باستخدام المغالطة المنطقية التي تجعل سؤاله بلا قيمة، سعيا منه لإحداث صدمة عند المسلم لمجرد تخيله محدودية قدرة الله سبحانه، بينما الصحيح هو أن مثل هذا السؤال يضع الملحد البائس في إحدى حالتين: إما أنه مدلس أو جاهل لا يعلم أن سؤاله مضروب منطقيا.
التعليقات مغلقة.