قالت لي نفسي :
نارك وجنتك بين جنبيك .. نارك وجنتك فيما تختار !! .. وما تعجل إليه من أقوال وأفعال .. وماتبادر إليه من عمل .. وماتمتد اليه يدك من حلال وحرام !! ..
يدك هي التي تحفر بها قبرك .. وتصنع بها مصيرك .. ولسانك هو الذي يهوي بك الي الهاويه .. او يصعد بك الي اعلي عليين .. انت ماتقول وانت ماتفعل !! ..
انظر ماذا تفعل تعلم مسكنك .. وتشهد قيامتك قبل قيامتك .. وتعلم ساعتك قبل ساعتك ..
قال لي شيطاني مستنكرًا :
وأين أنت الآن من قيامتك وأين أنت من ساعتك؟! .. هذا الوسواس الشوم الذي تصحو وتبيت فيه .. أنظر حولك يافتي .. أنت مازلت في الدنيا أقطف زهرتها .. وأنعم بلذاتها .. وأمامك فرص التوبة ممتدة بطول عمرك .. وأنت ماعشت فأنت في رعاية التواب الغفار غافر الذنب وقابل التوب .. لا تعقد امورك و أضحك للأيام تضحك لك !! ..
قلت وانا اتحسب كل كلمه :
تضحك لي او تضحك علي يا لعين .. ومن أدراني أن ما أقول الآن هو آخر أقوالي .. وما أفعل الآن هو ختام افعالي .. وأني ميت اليوم ومن مات فقد قامت قيامته وبدأت ساعته ..
قال شيطاني : أعوذ بالله من غضب الله .. ماهذا الكابوس الذي تعيش فيه حياه كالموت وموتًا كالحياة .. لم يبق الا ان تصنع لنفسك تابوتًا وتنسج لك كفنًا تتمدد فيه .. أين أنت من هذا اليوم يا رجل؟! ..
قلت :
ومن يدريني ان بعد اليوم بعد !! ..
قال شيطاني :
هل أقمت من نفسك قابضًا للأرواح .. وفالقًا للأصباح .. أم أنك المتنبي الذي لا تخيب له نبؤه .. الزم غرزك يارجل ما أنت الا عبد من عباد الله .. عش يومك كانك تعيش ابدًا !! ..
قلت :
ما قالوها هكذا يالئيم !! .. بل قالوا .. اعمل لدنياك كأنك تعيش ابدًا .. واعمل لآخرتك كانك تموت غدًا .. أرايت كيف تقلب كل الحقائق ؟! ..
قال شيطاني :
إنما أردت لك الحياة .. وأردت أنت لنفسك الموت .. ومرادي كان دائمًا مصلحتك !! ..
قلت :
بل موت النفوس كان مرادك .. وهلاكها في الجحيم كان شغلك الشاغل .. وهمك المقيم ياسمسار الجحيم !! ..
- هل كنت أكلم احدا؟! .. ام كان يكلمني أحد !! ..
- هل كان حوارا بحق ؟! .. ام كان خيالًا .. اتخيله !! ..
- إن حديث النفس حقيقه لاشك فيها .. وهو نوع من الإعجاز الرباني .. فهو حديث داخلي لايسمعه غيرك .. ولا يطلع عليه سواك .. ولا يستطيع اي جهاز الكتروني بشري ان يسجله عليك .. والنفس فيه طرف .. والطرف الآخر يمكن ان يكون النفس ذاتها .. ويمكن ان يكون الشيطان .. وإبراهيم الكليم أبو الأنبياء كلمه ربه .. وهكذا ترتفع المكالمه لكل نفس علي حسب قدرها ومستواها !! ..
يقول ربنا محادثًا موسي في سوره الاعراف الآية 144
” ياموسي اني اصطفيتك علي الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين “
وحينما تكون وساوس النفس من المستوي الشيطاني .. يمكن ان يكون الشيطان طرفًا في الحديث .. وحينما ترتفع النفس الي المستوي الملائكي .. يمكن ان يكون القرين المتحدث ملائكيًا .. وكلما ارتفع مستوي الحديث ارتفع مستوي المتحادثين ..
وللغيب علومه كما ان للفيزياء علومها وللذرة علومها و للنفس علومها !! .. و الشيطان حقيقة وليس شخصية روائية خيالية من بنات خيال المؤلفين !!
وفي آخر الزمان حينما تقوم القيامة .. سوف يعترف الشيطان بما فعل بضحاياه امام الملأ .. وامام الحشر المجتمع من كل الخلائق !! ..
“وقال الشيطان لما قضي الأمر أن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فاخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا انفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي اني كفرت بما اشركتمون من قبل ان الظالمين لهم عذاب اليم ” .. (22 ابراهيم) ..
وهكذا ينزل ستار الختام علي الدراما الكبري للوجود التي استغرقت اجيالًا وقرونًا من آدم أول الخلق الي الخاتم محمد بن عبدالله آخر الرسل عليه الصلاه والسلام .. في كلمات هائله تتصدع لها القلوب .. ومشهد جامع يشيب لهوله الولدان !! ..
وسوف نري الشيطان ساعتها .. وهو يتكلم في قلب الجحيم وسوف نسمع آخر كلماته ..
ان الظالمين لهم عذاب أليم ..
إن الشيطان حقيقة وليس اسطورة !! .,
والنار حق !! ..
والعذاب حق !! ..
كتاب ” سواح فى دنيا الله “
التعليقات مغلقة.