مقتل الخليفة المستعصم على يد التتار
عندما أقود جيشي الغاضب إلى بغداد, سأقبض عليك سواء اختبأت في الجنة أو في الأرض، سأحرق مدينتك وأرضك وشخصك، أذا كنت حقا تريد حماية نفسك وعائلتك الموقرة, اسمع نصيحتي,
وأن أبيت ذلك فسترى مشيئة الله فيك”، كان هذا نص الخطاب الذى أرسله هولاكو قائد المغول للخليفة المستعصم بالله يأمره فيها بتسليم بغداد له قبل سقوطها فى أيديهم.
يعد المستعصم بالله آخر خليفة عباسي لبغداد، وحكمها فى الفترة بين 1242 و1258 بعد أبيه المستنصر بالله، وكان يتميز بأنه كريماً حليماً سليم الباطن حسن الديانة متديناً متمسكاً بالسنة كأبيه وجده ولكنه لم يكن مثلهما في التيقظ والحزم وعلو الهمة.
ولم يستطع المستعصم أن ينجو ببغداد من يد المغول بعد خيانة وزيره إبن العلقمي له، الذى ساعد هولاكو وجيشه فى خطتهم الموضوعة للاستيلاء على بغداد، حيث استطاع بحكم منصبه كوزير دولة أن يأمر بصرف جيش المعتصم بحجة أمن البلاد والعباد.
وتسبب ضعف المستعصم وعدم حنكته فى وقوعه فى الفخ، وسقوط بغداد فى يد المغول، بعد أن وافق على طلب وزيره ابن العلقمى، مما كان سبباً رئيسياً في دخول جيش هولاكو وقتل مليون وثمانمئة مسلماُ، ثم إعدام المستعصم وأنهاء الدولة العباسية.
وتعود بداية غزو بغداد عندما أرسل ابن العلقمي إلى هولاكو عام 645 هـ يشيرعليه باحتلال بغداد فزحف إليها ولم تثبت أمامه عساكر المعتصم القليلة، فسقطت بغداد فى أيديهم، واستطاع قائد المغول ان يخضع قبيلة “اللُر” بسهولة, واستسلموا وسلموه قلعة “ألموت” دون قتال.
وهدم المغول برج العجمى، يوم الجمعة الموافق 1 فبراير 1258 ، وتسلقوا السور يوم الاتنين، وقتلوا العساكر البغدادية
الذين كانوا يقفون أعلاه، وبحلول المساء كانت جميع لأسوار الشرقية قد سقطت في ايديهم.
وتراجع الخليفة المستعصم عن موقفه، فبعث بإبنه وولى عهده إلى هولاكو لمفاوضته، فطلب منهم إلقاء السلاح وخروج جيشه بأكمله من بغداد إلى معسكر المغول بدون سلاح، وهناك حنث قائد المغول بوعده وقام بقطع رؤوس عشرات الألوف من الضباط والجنود على مرأى من سكان بغداد وولى العهد المعظم،
ولم يبقى له في أخر أيامه الا عشرة آلاف مقاتل.وكان لخيانة ابن العلقمي دور كبير فى سقوط بغداد حيث جمع سادات وعلماء بغداد إلى هولاكو فقتلهم جميعًا، ثم جاء الدور على الخليفة المستعصم بالله وسيق إلى خاتمته الشنيعة بعد أن رأى كل ذلك في عاصمته، وفي عقر دار خلافته بغداد، بل وفي عقر بيته.
أصدر السفاح الطاغية هولاكو أمره بقتل الخليفة ولكن بعض أعوانه أشاروا على هولاكو بشيء عجيب! لقد قالوا: لو سالت دماء الخليفة المسلم على الأرض، فإن المسلمين سيطلبون ثأره بعد ذلك.
ولذلك يجب قتل الخليفة بوسيلة لا تسيل فيها الدماء.. ولا داعي لاستعمال السيف.
وبالفعل استمع هولاكو لهم وأمر أن يُقتل الخليفة رفسًا وركلًا بالأقدام، وبالفعل وضع الخليفة العباسي على الأرض، وبدأ التتار يرفسونه بأقدامهم ويركلونه وقد ظلوا يرفسونه إلى أن فارقت روحه الجسد.
وسقط آخر خلفاء بني العباس في بغداد وسقطت بغداد أعظم مدن العالم وسقط شعبه معه بكامله وكان ذلك في اليوم العاشر من فتح بغداد لأبوابها.. في يوم 14 من صفر سنة (656هـ= 1258م).
التعليقات مغلقة.