لغز السلالة الأولى
تتجنب كتب التاريخ عادة الإجابة عن هذا السؤال:
ماذا حصل في مصر قبل حكم السلالات؟
التاريخ الرسمي يبدأ مع الفرعون الأول مينا نارمر و هذا المتعارف عليه.
ولكن تاريخ مصر أقدم بكثير من السلالات الفرعونية.
كما يقول توبي ويلكينسون و هو انجليزي و عالم حضارات قديمة متخصص في الحضارة المصرية القديمة: يبدون وكأنهم بدون جذور و لا أسلاف و لم يعرفوا مراحل تطور، و كأنهم جاؤوا بغتة من العدم بين ليلة و ضحاها و حكموا!!
في مجلدات مراجعة تاريخ الأديان الجزء 14 الصفحة 12، إستوقفتني هذه الجملة: الديانات والنصوص المنسوبة للفراعنة انشأت بالفعل قبل حكم السلالة الأولى، ولكي نفهم كل هذا، يجب أن نعود بأذهاننا إلى أكثر من 7000 سنة خلت، حيث القوم الذين أسسوا كل هذا!
لقد قرأتم جيدا “قبل السلالة الأولى”.
المصريون القدماء يرون حضارتهم كإرث انتقل لهم مباشرة من الآلهة الذين سكنوا مصر آلاف السنين قبل السلالات الحاكمة التي نعرفها.
بردية تورينو الملكية المعروضة في متحف الآثار المصرية بتورينو و المكتوبة بالهيروغليفي من عهد رمسيس الثاني، تعطي قائمة كاملة لكل الفراعنة الذين حكموا مصر.
هذه القائمة لا تحوي فقط الفراعنة المؤرخين و إنما ايضا “فراعنة-آلهة جاؤوا من عالم آخر” حكموا قبل السلالة الأولى لمينا نارمر. يقال ايضا ان هذه السلالة السابقة حكمت مدة 13420 سنة! المؤرخون اكتفوا بتصنيف هذه السلالة السابقة بثلاث كلمات تثير اشمئزازي بقدر ما تثير غضبي “اسطوريين،خياليين،خرافيين”. بشكل غريب الأجزاء الأولى من بداية القائمة الملكية فقدت ، ولا أشك كونها سرقت من أطراف ما.
من حسن الحظ أن المسلة المعروفة بمسلة باليرمو ذكرت أيضا هؤلاء الملوك “الأسطوريين” السابقين للسلالات المعروفة بآلاف السنين، و ذكرت حتى حورس نفسه و أنه حكم فعليا أرض مصر فترة ما!
توت أو تحوت حكم ما بين 8670 إلى7100 ق.م (فترة تقريبية نحاول فيها حصر حكمه و لا تعني بالضرورة أنه حكم 1500 عام) بعد ليلة صراع طويل كما وصفها مانيتو.
في كتبه المؤرخة للآلهة السماوية التي حكمت الأرض، المؤرخ الإغريقي الكبير هسيود (القرن 8 ق.م) استخدم كبار الكهنة المصريين كمصدر للمعلومات.
الكاهن الأكبر المصري مانيتو (ما-ني-توت) من سيبنيتوس هو سيد الأسرار، كان مخولا للدخول الى مكتبة الإسكندرية بأمر من الفرعون لكتابة تاريخ مصر باللغة الإغريقية فيما يعرف بالايجيبتياكا Aegiptiaca .
تحدث مانيتو في هذا الكتاب عن سلالات من اصول “الالهية” قبل السلالات المعروفة. الغريب في الامر و المهم في نفس الوقت أن المؤرخين و علماء الآثار المصرية يستعملون الى اليوم كتابات و تواريخ مانيتو لنجاعتها و دقتها في كل ما يخص السلالات المعروفة و يعتبرونها المصدر الأوحد و الأوثق للتاريخ المصري، و لكنهم يتجاهلون عمدا كل ما كتبه عن السلالات ذات الاصول “الالهية” رغم انهم يعتبرونه أب علم الحضارة المصرية!
علم الحضارة المصرية اليوم يتجنب الحديث كثيرا على مانيتو رغم دوره الهام و مصداقيته، ربما لأنه بالنسبة للبعض، هناك جزئيات طرحها تعتبر “مقلقة”.
يقول ايضا في كتاباته انه حسب المسلات الموروثة من آلهة السلالة الأولى (الحقيقية) ، فإن فترة حكم هذه الآلهة تعود إلى 33894 سنة إلى 23642 ق.م
مانيتو يعطينا في كتاباته جزئيات هامة حول السلالات التي وصفها بالالاهية و التي يقسمها إلى 3 أقسام و هي : الآلهة، الأبطال، و المانويون.
ما يجلب الانتباه هو أنه في وصف قسم الآلهة قام بتقسيمهم إلى 7 أقسام فرعية وعلى رأس كل قسم اله من بينها حورس، انوبيس، تحوت، اوزيريس، رع، بتاح….”و أن هذه الآلهة أصلها من الأرض ثم صارت سماوية ، فلكية بعد كسب السماء”
ركزوا جيدا “أصلها من الأرض”.
ثم يأتي قسم الأبطال: وهي كائنات ذات قدرات خارقة للعادة.
وأخيرا المانويون و هي كائنات مجيدة ترمز لأرواح الاسلاف و الاجداد الذين يحكمون “في مكان آخر”
وفقا لبلوتارخ، الذي ألف كتابا عن عبادة إيزيس و أوزيريس: ” صعد رع الى السماوات و أصبح أوزيريس فرعون مصر مع إيزيس و بنوا طيبة”
فترات حكم خيالية مقارنة بمداركنا ومع ذلك كل ما أسلفت من المصادر تتحدث عن سلالة من “الالهة” حكم كل منهم مئات السنين ليصل المجموع إلى 23200 سنة، ثم تأتي قائمة “شمسو-حور” ، المعروفون بأتباع حورس الذين حكموا مدة 13400 سنة ثم يأتي الفراعنة المعروفون لدى الجميع.
طبعا اذا دققنا في تاريخ الملوك السومريين او حتى الشخصيات المذكورة في القرآن الكريم أو الكتاب المقدس لن يصيبنا الذهول أبدا من فترات الحكم الطويلة هذه.
( منقول )
لماذا لا نكاد نسمع عن كل هذا؟ يعني الخبراء يركزون على فترة لا تكاد تتجاوز 3000 سنة ق.م و يتجاهلون فترة تتجاوز 20 الف سنة ق.م، و المصدر نفسه و مشهود له بالمصداقية، لماذا التركيز على تصنيف تلك السلالات بالأسطورية ؟؟ ولماذا لا يسمحوا لأحدٍ أن ينشر أبحاث علمية وفي مجلات محكمة عن هذا الأمر ؟؟
التعليقات مغلقة.