معنى الجسد الذي ألقي على كرسي سليمان عليه السلام
قال الله تعالى{ﻭَﻟَﻘَﺪْ ﻓَﺘَﻨَّﺎ ﺳُﻠَﻴْﻤﺎﻥَ ﻭَﺃَﻟْﻘَﻴْﻨﺎ ﻋَﻠﻰ ﻛُﺮْﺳِﻴِّﻪِ ﺟﺴﺪا ﺛﻢ ﺃﻧﺎﺏ (34) ﻗﺎﻝَ ﺭَﺏِّ اﻏْﻔِﺮْ ﻟِﻲ ﻭَﻫَﺐْ ﻟِﻲ ﻣُﻠْﻜﺎً ﻻَ ﻳَﻨْﺒَﻐِﻲ ﻷَِﺣَﺪٍ ﻣِﻦْ ﺑَﻌْﺪِﻱ ﺇِﻧَّﻚَ ﺃَﻧْﺖَ اﻟْﻮَﻫَّﺎﺏُ (35) ﻓَﺴَﺨَّﺮْﻧﺎ ﻟَﻪُ اﻟﺮِّﻳﺢَ ﺗَﺠْﺮِﻱ ﺑِﺄَﻣْﺮِﻩِ ﺭُﺧﺎءً ﺣَﻴْﺚُ ﺃَﺻﺎﺏَ (36) ﻭَاﻟﺸَّﻴﺎﻃِﻴﻦَ ﻛُﻞَّ ﺑَﻨَّﺎءٍ ﻭَﻏَﻮَّاﺹٍ (37) ﻭَﺁﺧَﺮِﻳﻦَ ﻣُﻘَﺮَّﻧِﻴﻦَ ﻓِﻲ اﻷَْﺻْﻔﺎﺩِ (38)
ﻫَﺬَا ﻋَﻄﺎﺅُﻧﺎ ﻓَﺎﻣْﻨُﻦْ ﺃَﻭْ ﺃَﻣْﺴِﻚْ ﺑِﻐَﻴْﺮِ ﺣِﺴﺎﺏٍ (39) ﻭَﺇِﻥَّ ﻟَﻪُ ﻋِﻨْﺪَﻧﺎ ﻟَﺰُﻟْﻔﻰ ﻭَﺣُﺴْﻦَ ﻣَﺂﺏٍ (40)}
لما آب سليمان عليه السلام في مسألة الخيل عوض بالريح تحمله وبينهما تناسب حسن الركوب ويسر الانتقال .
فلما أناب في مسألة الجسد عوض بالتحكم في اﻷجسام اللطيفة من الجن فمنهم البناء والغواص ومنهم المقيد المربوط في اﻷصفاد .
ثم يقول تعالى عن هذا التقييد والربط (هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب)
منطقيا لابد وأن يكون الجسد آلة للتحكم لتناسب التقييد واﻹطلاق وتناسب الكرسي .كرسي الحكم الملقاة عليه .
كما ناسبت الريح الخيل في الركوب .. التناسب محله الوظيفة . وأفضلية الجزاء
وقد روي عن كعب اﻷحبار مواصفات تقنية متقدمة لكرسي سليمان ذكرها ابن كثير في تفسيره .
الجسد كيان غير حي . يحسن الصنع والتحكم ..
وقوله عليه السلام بعد إنابته عن الافتتان بتلك اﻵلة المدهشة وفعلها (رب اغفر وهب لي ملكا لا ينبغي ﻷحد من بعدي) يرجح ذلك .ﻷن التقنيات مما تتطور وتصنع وهو يعلم ذلك . فالراجح أنه طلب ما لا يصنع بالاكتساب والخبرة هبة مباشرة من الله لا يقدر عليها سواه .
ومما ذكره كعب اﻷحبار عن الكرسي دورانه السريع جدا ودوران اﻵلات مستجيبة لدورانه . وهذا يناسب ركوب الريح تجري بأمره رخاء من حيث الجلوس على الكرسي ومن حيث الرخاء لا الدوران السريع في المحل .
فركوب الريح إذن يصح أن يكون مقابلا للخيل وللجسد على الكرسي . ولذلك لم يذكر جزاء أوبته في مسألة الخيل إلا بعد إنابته في مسألة الجسد .
من المسائل المهمة لفهم تلك القصة أن ننتبه للفارق بين اﻷوبة وبين اﻹنابة .
فاﻷوبة عودة لطاعة وهي طاعة الاهتمام بالخيل . والإنابة تقتضي الاستغفار من التقصير . فالجسد كان فتنة شاغلة للقلب أو للوقت . وقد جاء ذكر اﻷوبة واﻹنابة في قصة والده عليه السلام قبل قصته في سورة ص . بنفس المعنى .فلتراجع
التعليقات مغلقة.