✍️فى عام ١٩٥٤ قرر الملك سعود بناء على فتوى من أغلب علماء السعودية نقل مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام من أجل توسعة المطاف الذى قد ضاق بالطائفين وأصبح الزحام مشكلة.
🔹فى هذا الوقت كان الشيخ الشعراوى مدرس فى كلية الشريعة بمكة المكرمة ، وكان أحد أفراد بعثة الأزهر المرسلة إلى السعودية وبالصدفة علم الشيخ بهذا القرار الذى رآهُ مخالفا للشريعة فأشار على بعض أفراد البعثة التدخل لمنعه إلا أنهم رفضوا ذلك معللين بأن الموضوع أصبح منتهيا وأن المبنى الجديد قد أقيم بالفعل ولم يتبقى على النقل سوى ٤ أيام وأنهم سيعتبرون هذا تدخلا فى شئونهم الداخلية.
🔹لكن الشيخ لم يقتنع واتصل ببعض علماء السعودية وعلى رأسهم الشيخ إبراهيم النورى وإسحاق عزوز فقالوا إنهم حاولوا وأن الأمر أصبح منتهياً فقرر الشيخ فعل هذا بمفرده.
🔹قام الشيخ الشعراوى بإرسال برقية إلى الملك سعود من خمس صفحات فلوسكاب عَرَضَ فيها المسألة من الناحية التاريخية والفقهية وقال إن هذا الأمر مخالفا للشريعة وأن الذين يحتجون بأن الرسول ﷺ قام بنقل المقام قد جانبهم الصواب لأن الرسول رسول ومُشَّرِع وليست هذه حجة لنقل المقام من المكان الذى وضعه فيه رسول الله ﷺ.
🔹كما أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم يفعلها عندما وقع السيل الشديد المعروف بـ ( أم نشهل ) وجرف حجر المقام من مكانه وذهب به بعيداً ، وعندما علم سيدنا عمر بهذا جاء فَزِعا من المدينة وجمع الصحابة وقال لهم : أناشدكم أيكم يعرف موقع هذا المقام فى عهد رسول الله ﷺ ؟.
🔹فقام رجل وقال : أنا يا عمر … قد أعددت لهذا الأمر عدته وتحسبت من وقوعه ، لذلك قِسْت المسافة التى تحدد موضع المقام بالنسبة لما حوله ، واستخدمت القماط ( الحبل ) فى ذلك وهذا القماط موجود وبه ( عقده ) تحدد الموضع بالضبط.
🔹لكن سيدنا عمر بفصاحته لم يأخذ الكلام على علاته ، فأجلس الرجل جنبه وبعث من يأتيه بالحبل ليتأكد من صدق كلامه ، وجاءوا بالحبل وتأكدوا من صدق الرجل ، ووضعوا المقام فى مكانه.
🔹ووصلت البرقية إلى الملك سعود ، فجمع العلماء وقدم لهم البرقية ، وطلب منهم أن يدرسوا ما جاء بها وأن ينتهوا إلى رأى يبلغوه به فى اليوم التالى ، أى قبل الموعد المحدد لنقل المقام بـ ٢٤ ساعة.
🔹واجتمع العلماء وتدارسوا ما بالبرقية وأنطقهم الله بكلمة الحق ووافقوا على ما جاء بها وقالوا إن هذا الكلام لا ينقض ، وبعثوا برأيهم إلى الملك سعود فأصدر أمرا بمنع نقل المقام من مكانه وأمر آخر بهدم المبنى الجديد الذى كان سيتم النقل إليه.
🔹وأمَرَ بدراسة الإقتراحات التى قدمها الشيخ الشعراوى لتوسعة المطاف دون المساس بالمقام حيث قال الشيخ إن المبنى الذى يضم المقام مبنى كبير وهو الذى يتسبب فى ضيق المكان فمن الممكن إزالة هذا المبنى والإبقاء فقط على الموضع الذى فيه المقام وهو لا يشغل سوى مساحة صغيرة لا تزيد عن المساحة التى يشغلها شخصان اثنان من الطائفين.
🔹وأن يوضع له قبة من الزجاج غير القابل للكسر وقال الشيخ إن إظهار مقام سيدنا إبراهيم فيه تحقيق للآية الكرية ” فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ ” وليس من المعقول العمل بعكس الآية ووضع المقام فى مكان يحجبه عن أعين الناس.
🔹وطلب الملك لقاء الشيخ الشعراوي, وكرمه وأعطاه عباءة وساعة وقلم, ثم يسكت الشيخ قليلا وراح ينشغل بنفسه وتضئ الفرحة وجهه وهو يقول: بعد يومين اثنين من الأمر الذي أصدره الملك سعود بنقل المقام ..شرفني الله ..وشرفت عيني برؤية سيدنا إبراهيم الخليل ..
التعليقات مغلقة.