• [ فوٱللّٰهِ إنّي لخائفٌ أن تُقتَـ ـل كما قُتـ ـلَ عثمان ، ونساؤه وولدُه ينظرون إليه ] ؛ بتلك الكلمات الدامية حذّر سيدُنا عبدٱللّه بن عباس سيدَنا الحسين -عليه ٱلسلام- ، يا ابن بنتَ رسولِ ٱللّه كيف أقصُ ما كانَ !!
• انتقل معاوية بن أبي سفيان إلى رحمةِ ٱللّٰه ، وما بقي علينا إلى أن نقولَ كما قال ربُّنا في كتابِه : [ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ] .
• وهنا تولىٰ يزيد بن معاوية ؛؛؛؛؛؛ .
• فأما مولده : فكانَ في خلافةِ سيدنا عثمان بن عفّان -رضي ٱللّٰهُ عنه- ، فلم يكن صحابيًا .
• وأما عن حالِه وحالِنا معه : فيقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه ٱللّٰه- : [ وللرجلِ الواحد حسناتٌ وسيئات ، فيُحمَد ويذم ، ويُثاب ويُعاقب ، ويُحَبُ من وجهٍ ويُبغَضُ من وجه ، وهو مذهبُ أهلِ السنَّةِ والجماعةِ خلافًا للخوارجِ والمعتزلة ومَن وافقَهم .. ]
- وقد كانت بيعةُ يزيد صحيحةً ، ولكنهم عابوا فيها أن يكون الأمرُ وراثةً بعدما كانتْ شورى ، وكذلك لوجودِ مَن هُم أولىٰ من يزيد بالخلافةِ .
• وكانَ هذا السبب الذي عليه رفضَ الحسين بيعةَ يزيد {1} .
• أما موقف الشيـ ـعة ؛؛
- فيرون الخلافةَ لعلي وأولادِه فقط ، وعليه فكلّ بيعةٍ لغيرِهم لا تصح وإن بايعَتِ الأمةُ كلُّها غيرَهم .
• وأما عن بيعته : فقد بايعَ جمعٌ عظيمٌ من الصحابةِ يزيد جمعًا للكلمةِ ، وحفظًا لوحدةِ الأمة ، وخوفًا من الفتنة مثل عبدالله بن عباس ، وعبدالله بن عمر ، محمد ابن الحنفية ، وكذلك أهلُ الشام والعراق وغيرها من الأقاليم ، وكانت المعارضة ليزيد في أهلِ الحجاز وقادَها سيدنا الحسين بن علي ، وسيدنا ابن الزبير -رضي ٱللّٰهُ عنهم- .
•وأما عما يلي ، فهو مؤلمٌ جدًا ، فللّهِ الأمر ؛؛
• كتبَ يزيد إلىٰ الوليد بن عتبة بن أبي سفيان [ والي المدينة ] ليحظىٰ ببيعةِ الحسين ، وكانَ إصرارُ يزيد علىٰ نيلِ البيعةِ من الحسين وابن الزبير الشرارةَ الأولىٰ في الفتنةِ ، فانتقلا إلىٰ مكة المكرمة وكانت تحت ولاية : [ عمرو بن سعيد بن العاص ] .
• كانت أبرزُ الأمورِ التي وقعَ فيها يزيد مقتـ ـل سيدنا الحسين ابن بنت رسول الله ﷺ ، ووقعة الحرّة بمدينة رسول الله ﷺ ، وحصار أطيب أرضٍ مكة رسول الله ﷺ .
• وقد مرّ موقفُ سيدنا الحسين من بيعةِ يزيد بمرحلتين :
- الأولىٰ : ذكرناها بالأعلىٰ ؛ انظر رقم {1}
- والثانية : وفيها العملُ علىٰ مقاومةِ الحكمِ الأموي ، وهنا ظنّ الجهلةُ والطاعنون بأنَّ سيدنا الحسين قد خرجَ عن الإمامِ ؛ وهذا غير صحيح لما يلي ؛؛
• مكثَ الحسين في مكة بضعة أشهر قبل الخروج إلىٰ العراقِ ، وفي هذه الفترة كانتْ تراسلُه الوفودُ حتىٰ رأىٰ أنَّه لابد مِن مقاومةِ الظلمِ وإزالةِ المُنكر ، وقد كانَ حريصًا كلّ الحرصِ علىٰ الالتزامِ بالشرعِ الشريفِ ، فقد جاءَ عنه أنَّه قال : [ لأن أُقتَـ ـل بمكانِ كذا وكذا أحبُ إلىّ من أن أُقتَـ ـلَ بمكةَ وتُستحَل بي ] .
• ولما كانَ عددُ الرسائلِ والوفودِ عظيمًا ، أرسلَ الحسينُ ابنَ عمه مسلم بن عقيل ليستجلي له حقيقةَ الخبرِ .
•وصلَ مسلم إلىٰ الكوفةِ ، ونزلَ عند المختار بن أبي عبيد .
• بايعَ اثنا عشر ألفًا من أهلِ الكوفة مسلم بن عقيل سرًا ، فكتبَ إلىٰ الحسين بذلك .
• فعزم الحسين -رضي ٱللّٰه عنه- السيرَ لهم ، وقد عارضَ الكثيرون من الصحابةِ خروجَه إلىٰ الكوفةِ لمعرفتِهم بحالِ أهلِها ، حتى أنَّ عبداللّٰه بن عباس قال له ما قالَ بالأعلىٰ .
• سَمِع يزيد بخروجِ الحسين إلىٰ الكوفة ، فكتبَ إلىٰ عبدالله بن عباس ليوقفَ هذا الأمر ، فقال في كتابِه : [ أبلغْ قريشًا علىٰ نأي المزارِ بها
بيني وبين حسينٍ اللّٰهُ والرحم
يا قومنا لا تشبوا الحربَ إذ خمدتْ
وأمسكوا بحبالِ ٱلسلمِ واعتصموا . ]
• واستطاعَ ابن زياد معرفةَ كلّ تحركاتِ مسلم بن عقيل عن طريقِ رجلٍ شامي أوهمَ مسلمَ بن عقيل بأنَّه من المناصرين ، وهو بالحقيقةِ كان ينقلُ كلّ الأخبارِ لابن زياد الذي استخدم كلّ شيءٍ حتى النساء للضغطِ على مَن ناصروا مسلم بن عقيل ، وقد كان ؛ وبقي مسلم بن عقيل وحيدًا بعد أن تخلىٰ عنه مناصروه !
• وبالنهاية قُتِلَ مسلم بن عقيل في مشهدٍ لا يوصف ، قُطعَ رأسُه وألقيّ به من أعلىٰ القصر ، وتبعه قتـ ـلُ هانئ بن عروة ، وتمَّ صلـ ـبُهما في السوقِ إظهارًا للقسوةِ حتىٰ يرتدع النَّاس .
• وهنا تبدأ المأساة الأعظم ؛ خرجَ الحسين من مكة يوم التروية 8 ذي الحجة 60ه. مع أهلِ بيتهِ وستين شيخًا من أهلِ الكوفة ، ولم يكن يعلم ما ينتظره .
• كانَ كلّما أرسلَ برسولٍ قتلوه ، وكانَ لذلك وقْعه في النفوسِ ، فقد تخلّىٰ عنه شيعـ ـتُه الذين خرجَ لأجلِهم ، وقُتِـ ـلَ أقربُ ٱلنَّاس إليه .
• تخاذَل النَّاسُ وهمّوا بالانصرافِ من حولِه ناصحين له بأن يعود إلىٰ حيثُ جاء إلا أنَّ بني عقيل أبوا إلا أن يأخذوا بثأرِ أخيهم .
• استمر الحسين في سيرِه حتىٰ اقترب من [ شراف قربَ الكوفة ] ، وهناك قابل الحرّ بن يزيد التميمي على رأسِ جيشِ ابن زياد ، وبعد مفاوضاتٍ وصلَ الحسين إلىٰ كربلاء ، وأدركتْه خيلُ عمر بن سعد ومعه شمر بن ذي الجوشن والحصين بن تميم .
• لم يكن الحسين ليطلب الحربَ أبدًا إلا لأن أهلَ الكوفة طلبوا ذلك ، فأبرز هذا لعمر بن سعد ، أنَّه قد جاءَ لطلبِ أهلِ الكوفة ذلك .
• نقلَ عمر بن سعد هذا الكلام إلىٰ ابن زياد ، فكانَ ردُه أنَّ السلامةَ لحسين إذا بايعَ حكمَ يزيد وأصحابِه ، كان موقفًا صعبًا على الكل ، فرد الحسين عليه بعرضٍ آخر ؛ إما أن يتركوه يعود إلى حيث أتىٰ ، وإما أن يتركوه ليذهبَ للشام ليضع يده في يد يزيد .
• وصل هذا العرض لابن زياد وكاد أن يوافق ويرسله ليزيد ، ولكن شمر بن ذي الجوشن تدخلَ وقال لابن زياد أن الحسينَ لابد أن ينزل عند حكمك .
• فوصلَ هذا للحسين ، فرفضَ ، وقال لمَن معه : [ أنتم في حلٍّ من طاعتي ] ، ولكنهم لم يتركوه وأصروا أن يبقوا معه .
• وبدأ ابن زياد يغلق الكوفة ليمنعَ أي مدادٍ إلىٰ الحسين .
• وفي صباحِ يوم الجمعة الموافق لـ 61 ه. عزموا على القتال ، كان مع الحسين اثنان وثلاثون فارسًا ، وأربعون راجلًا ، فجعل زهير في ميمنتِه ، وحبيب بن مظاهر في ميسرتِه ، وأعطىٰ رايتَه للعباسِ بن علي ، وأمرَ بحـ ـرق قصبٍ وحطب وراء البيوت مخافةَ أن يأتيَهم أحدٌ من ظهورِهم .
• أبدىٰ جيشُ الحسين قتالَ الذين لا أملَ لهم في الحياة ، حتى قُتِلوا جميعًا ولم يبق إلا الحسين ، كان جيشُ عمر بن سعد يخشىٰ أن يتقدم نحوه ، حتى صاح شمر بن ذي الجوشن فيهم أنِ اقتـ ـلوه ، فضربَه زرعة بن شريك التميمي ، ثم ضربه سنان بن أنس النخعي واحتز رأسَه ، ويقال أن الذي قتـ ـلَه عمرو بن بطار التغلبي وزيد بن رقادة الحيني ، وحملَ رأسَه الشريف إلى ابن زياد خولي بن يزيد الأصبحي .
وأسفرتِ المعركة على 72 شهيدًا من أصحابِ الحسين ، و88 من أصحاب ابن زياد .
• وتمّ ارسال رأس الحسين مع النساء والصبيان إلىٰ ابن زياد .
• قُتِـ ـلَ من أولادِ سيدنا علي بن أبي طالب -رضي ٱللّٰهُ عنه- الحسين ، ومحمد ، وأبو بكر ، وعثمان ، وجعفر ، والعباس ، ومن أولاد الحسين ومن أبناءِ أبناء الحسن ، ومن أولادِ عقيل ومن أولاد عبدالله بن جعفر ؛ قُتِلَ ثمانية عشر رجلاً كلهم من بيتِ رسولِ ٱللّٰه ﷺ ، والغريب أن الشيـ ـعة يتشدقون بمقتـ ـل الحسين فقط ، فلماذا لا يقيمون سرادق العزاءِ واللطم لبقية أولاد سيدنا علي [ أبو بكر ، وعثمان ] !؟ ربما لأنّ الأسماء تسقط معتقدَهم !!
• وأما عن موقفِ يزيد مما حدث !؟
فـ يتبع .
• وإنّا للّهِ وإنّا إليه راجعون .
التعليقات مغلقة.