من مواقف رجاحة عقل السلطان محمد الفاتح
كان عمر السلطان محمد الفاتح 14 عاماً حين فسخ الصليبيون الهدنة سراً مع الدولة العثمانية بعد مرور خمسون يومًا عليها.
تحرك الجيش المجري في 20 سپتمبر 1444م من مدينة سكدين متجهين جنوباً، ووصلت الأخبار إلى السلطان محمد الثاني بواسطة الصدر الأعظم خليل باشا الجندرلي بأن المجر غدرت باتفاقية الصُلح وعبرت الحدود المُتفق عليها وأغاروا على بلاد البلغار غير مراعين لشروط الهدنة.
كان السلطان يعلم أنه صغير السن وعديم الخبرة لمقاومة تحالف ضخم كهذا بنجاح، ولأنه كان ذكيًّا فقد أسرع بجمع مجلس شورى السلطنة العثمانية، وإزاء هذه التطورات قرروا استدعاء السلطان مراد الثاني إلى العرش مرة أخرى، فاستدعى السلطان محمد الثاني والده السلطان مراد الثاني للعودة إلى العرش وقيادة الجيش في المعركة، لكن السلطان مراد الثاني لم يقبل بذلك ورفض قائلاً: “لقد كان هدفنا من مَنح السلطنة إلى ابننا مُحمَّد هو قضاء ما بقي من عمرنا في الطاعة والعبادة، وعليه أن يحافظ على الدِّين والدولة بموجب هذه السلطنة”.
غضب السلطان محمد الثاني على والده الذي تقاعد منذ فترة وانقطع في جنوب غرب الأناضول لرغبته الشخصية في التفرُّغ لِلعبادة والطاعة لله بعمر 41 عاماً إذ كان السلطان مراد الثاني تقيًّا مخلصاً في إسلامه عاش حياةً مستقيمة وجديَّة ونزيهة، فكتب إلى والده قائلاً:
«إِن كُنتَ سُلطَانًا فَظَاهِرٌ أَنَّ عَلَيكَ مُحَافَظَةُ البِلَادِ وَالعِبَادِ، وَإِن لَم تَكُن سُلطَانًا فَيَجِب عَلَيكَ طَاعَةُ السُّلطَانِ وَامتِثَالُ أَمرِه».
وبعد أن تلقي السلطان مراد الثاني هذه الرسالة وافق على العودة لقيادة الجيش العثماني، فغادر مغنيسية وأعدّ الجيش للقاء الحملة الصليبية ليباغتها لاحقاً عند مدينة ڤارنا على شاطئ البحر الأسود قبل وصولهم إلى العاصمة إدرنة.
التعليقات مغلقة.