- تفسير تيسير التفسير/ القطان
{ بسم الله الرحمـٰن الرحيم }
{ أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ هَـٰذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ٱلْحَقَّ فَهُمْ مُّعْرِضُونَ } * { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِيۤ إِلَيْهِ أَنَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنَاْ فَٱعْبُدُونِ } * { وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ } * { لاَ يَسْبِقُونَهُ بِٱلْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ } * { يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ٱرْتَضَىٰ وَهُمْ مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ } * { وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّيۤ إِلَـٰهٌ مِّن دُونِهِ فَذٰلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلظَّالِمِينَ } [الأنبياء الآيات: ٢٤ – ٢٩]
هذا ذِكر من معي: هذا القرآن الذي معي. وذِكر مَن قبلي: الكتب السابقة. لا يسبقونه بالقول: لا يتكلمون حتى يأمرهم. مشفقون: حذرون، خائفون.
➤ أعاد الاستنكار مرةً أخرى لبشاعة ما يقولون، ولإظهار جهلهم فقال:
{أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ آلِهَةً…. }.
➤ بعد هذه الأدلّة التي ظهرت تقولون: إن لله شركاءَ، فأين الدليل؟ هاتوا دليلكم على صحة ما تقولون. ان هذا القرآن قد جاءَ مذكّرا لأُمتي بما يجب عليها، وهذه كتب الانبياء التي جاءت لتذكر الأممَ من قبلي – كلّها تشهد على توحيد الله، وليس فيها ذِكر للشركاء الذين تزعمون.
➤ ولما كانوا لا يجِدون لهم شُبهة فضلاً عن حجة، ذمَّهم اللهُ على جهلهم بمواضع الحق فقال:
{بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ٱلْحَقَّ فَهُمْ مُّعْرِضُونَ}.
➤ بل أكثرُ هؤلاء لا يميزون بين الحق والباطل، وهذا هو السبب في إعراضهم وتجافيهم عن سماع الحق.
➤ ثم أكّد ما تقدّم من أدلة التوحيد فقال:
{وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِيۤ إِلَيْهِ أَنَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنَاْ فَٱعْبُدُونِ}.
➤ ان الرسلَ جميعاً أُرسلوا بالتوحيد، فهو قاعدة العقيدة منذ ان بعثَ الله الرسلَ للناس، لا تبديل فيه ولا تحويل، فأخلِصوا لله العبادة.
➤ وبعد أن بَيَّن سبحانه بالدلائل القاطعة أنه منزّهٌ عن الشريك والشبيه، أردف ذلك ببراءته من اتخاذ الولد فقال:
{وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ}.
➤ وقال بعض مشركي العرب وهم بعض خُزاعة وجُهينة وبنو سَلَمة: ان الملائكة بناتُ الله، فردَّ الله عليهم بقوله: سبحانه، تنزَّه عن أن يكون له ولد، بل الملائكةُ الذين عنده هم عبادٌ مكرَّمون مقرَّبون.
{لاَ يَسْبِقُونَهُ بِٱلْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ}.
➤ لا يتكلّمون إلا بما يأمرهم به ربهم، ولا يخالفونه في ذلك ولا يتعدون حدود ما يأمرهم به.
➤ ثم علّل سبحانه هذه الطاعة بعلمِهِم أن ربَّهم محيطٌ بهم، لا تخفى عليه خافية من أمرهم فقال:
{يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ٱرْتَضَىٰ وَهُمْ مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ}.
➤ ان الله يعلم كل أحوالهم واعمالهم، وما قدّموه وما أخّروه، وهم لا يشفعون الا لمن رضي الله عنه، وهم من خوف الله والإشفاق من عقابه دائماً حذِرون.
{وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّيۤ إِلَـٰهٌ مِّن دُونِهِ فَذٰلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلظَّالِمِينَ}.
➤ ومن يقل من الملائكة إني إله، فذلك جزاؤه جهنم، ومثل هذا الجزاءِ نجزي كلَّ من يتجاوز حدود الله من الظالمين.
➤ قال بعض المفسرين: عنى بهذا إبليسَ حيث ادَّعى الشرِكَة ودعا إلى عبادة نفسِه وكان من الملائكة، ولم يقلْ أحدٌ من الملائكة إني إله غيره.
التعليقات مغلقة.