العلاج بالوهم
أثناء زيارتي الأخيرة لمصر في شهر يونيو قررت أن أطلب وجبة غداء من قرية مشويات مشهورة ، وللأسف أصابني تلبك معوي حاد أفقدني الشهية عن الأكل وأصابني بحالة مستمرة من الدوار وألم المعدة ، قررت الذهاب لمستشفى ذات سمعة جيدة في الإسكندرية لعلي أجد دواء يشفيني
ولا أضيع المزيد من أيام إجازتي المحدودة مريض ، استمع الطبيب الى الأعراض التي أعاني منها ثم قام بكشف عام وقال : بسيطة أنت عندك قولون عصبي ومعدتك لسه مش واخدة على الأكل هنا وهكتبلك على أدوية إن شاء الله تريحك بسرعة
وجدت في الروشتة ٤ أنواع من الأدوية المختلفة فسألت الدكتور : هل الأمر يستلزم ٤ أنواع من الأدوية ؟ وكانت الأجابة : نعم لإسراع الشفاء ،
تأخذ الدواء لمدة أسبوع وإن لم تشعر بتحسن تأتي مرة تانية نعمل تحاليل
تناولت الدواء لمدة ٧ أيام بدون الشعور بأي تحسن وكأني اتناول حبات ملبس ، ولشكي في التشخيص قررت إجراء فحص الكوفيد في مستشفى أخري وكان سلبي
حان موعد سفري إلى ألمانيا في رحلة عمل وكان الهزال مازال يتملكني واقتصرت في الأكل على شوربة الوالدة والعصائر، فقد تملكني نوع من الرهبة من الأكل بشكل عام ،
استقليت الطائرة وفي طريقي الي ميونخ لم أضع أي طعام في فمي خوفاً من تدهور حالتي ، وصلت الى الفندق ظهراً وأنا في غاية الإرهاق ولكني لم أستطيع النوم من الجوع ، اتصلت بصديق لي في ميونخ وطلبت منه المساعدة ،
تقابلنا وأخذني الى احد الصيدليات المفتوحة يوم الأحد وهو عدد محدود جداً ، قابلت الصيدلانية وشرحت لها حالتي ، أعطيتني نوعين من الدواء أحدهم من مواد طبيعية لتهدئة المعدة.
بعدها ذهبت مع الصديق لأحد المطاعم، بدأت بتناول الدواء وفي خلال ساعتين هدأت معدتي، في اليوم التالي استرجعت نشاطي وقدرتي على الأكل مرة أخرى.
تفكرت في ما حدث لي كثيراً وقصصته على البعض من الأصدقاء وكانت الإجابة أنه شئ معتاد وكثير الحدوث، بين طبيب يعتمد على خبرته في التشخيص الأولي بدون اجراء الفحوصات اللازمة،
وموافقة المريض على ذلك لتجنب فاتورة التحليل المرتفعة وشركات الأدوية التي تحفز الأطباء لصرف أدويتها عن طريق إعطائهم مكافئات قد تكون مادية أو عينية، والبعض من الأطباء منعدمي الضمير لا يخجلوا من صرف أدوية قد لا يحتاجها المريض من أجل مكافأة شركة الأدوية،
وغياب الوعي لدى المريض وعدم ممارسته حقه في السؤال لماذا كل هذه الأدوية ، بل أن كثرة الأدوية قد تكون دليل على شطارة الدكتور، وأخيراً ضعف المادة الفعالة في الأدوية والتي قد تظل عليها لشهور بفائدة محدودة للغاية
أنا لا أتهم كل الأطباء بالفساد والتواطؤ ولكن هذه المنظومة الفاسدة والتي يلعب فيها غياب الوعي وعدم وجود القوانين الرادعة للممارسات الطبية التي تهدد صحة الإنسان دور هام يسهل لمن غاب ضميرهم التلاعب بأرواح الناس
أسأل الله أن يحفظكم بصحة وسلامة ولكن إن اضطرت للذهاب للطبيب فمن حقك أن تسأل أسئلة مفصلة عن أسباب التشخيص وخاصة إن لم يقوم الطبيب بإجراء أي تحاليل ولماذا يكتب لك هذا الكم من الأدوية والتأثير الجانبي لهذه الأدوية
وإن شعرت بالشك أو حاول الطبيب التقليل من أهمية سؤالك اذهب لغيره ممن لديه الضمير للإجابة عن سؤالك ويعطيك الثقة بأن التشخيص يناسب حالتك
اكتشفت أن حالتي ليست هي الوحيدة بين المعارف والأصدقاء وأن هناك العديد ممن يعيشون على أدوية مستمرة لما تبقى من حياتهم حسب تعليمات الطبيب لأمراض يتم التعافي منها بالممارسات الصحية السليمة والمتابعة المستمرة
التعليقات مغلقة.