تفصيل في كل ما يخص الحيض و النفاس

السؤال : أن تعطينا تفصيل عن الحيض، والنفاس

الإجابة : باب الحيض والنفاس من أكثر أبواب الفقه تعقيدا بسبب اختلاف أحوال النساء الشديد في هذا الأمر، وزاد الاضطراب اضطرابا انتشار وسائل منع الحمل في عصرنا فزادت المشكلة أضعافا، وسأحرص في هذا المنشور على تلخيص أغلب المسائل المتعلقة بهذا الموضوع بأسلوب بسيط ومختصر قدر الإمكان.

تكون المرأة حائضا متى رأت دم الحيض المميز بلونه الأسود، ورائحته الكريهة، والآلام التي تصاحبه عادة، فإذا كان الخارج منها بغير هذه الصفة لم تكن المرأة حائضا غالبا.

تعرف المرأة أنها قد طهرت من الحيض أو النفاس بواحدة من علامتين :

1- خروج القصة البيضاء (الطُهرة).
2- الجفاف ؛ بأن تمسح بخرقة فتجدها جافة نظيفة ليس فيها صفرة ولا كدرة ولا غيرها.

فإذا حصلت واحدة من العلامتين فهي طاهر، وإن لم تحصل واحدة من العلامتين فلا تزال حائضا أو نفساء.

الصفرة أو الكدرة هي إفرازات ذات لون أصفر أو بنّي، إن خرجت في غير وقت الدورة فليست حيضا بل هي استحاضة فقط، ويجب على المرأة أن تصوم وتصلي، وسيأتي أحكام المستحاضة، وأما إن كانت الصفرة أو الكدرة متصلة بالدورة، قبلها أو بعدها، فهي جزء من الدورة، ولها أحكام الدورة.

فمثلا : إذا جاءت الصفرة أو الكدرة للمرأة في وقت الدورة فعليها أن تمتنع عن الصلاة والصيام، فإذا استمرت بالنزول حتى جاءت الدورة المعروفة ذات اللون الأسود كانت أيام الصفرة والكدرة جزءا من الدورة ولها أحكامها، وأما إذا انقطعت الصفرة أو الكدرة تماما ثم بعد زمن نزلت الدورة ذات اللون الأسود فعليها أن تقضي صلاة وصيام أيام الصفرة أو الكدرة فإنها ليست من الدورة.

وهكذا بعد الدورة، إن خرجت الكدرة أو الصفرة مباشرة متصلة بالدم الأسود فإنها لا تزال جزءا من الدورة حتى تظهر علامة من علامات الطهر.

بعد حصول علامة من علامات الطهر التي سبق ذكرها يخرج من بعض النساء دم في بعض الأحيان، فما حكمه؟ الجواب : إن كان الخارج هو دم الحيض المعروف بلونه ورائحته فهي حيضة جديدة حتى تنقطع، وأما إن كان الخارج صفرة أو كدرة أو حمرة فهي استحاضة وليست حيضا، ويجب على المرأة أن تصلي وتصوم خلالها.

الأصل في المرأة أن تعتمد في معرفة فترة الحيض عندها على تمييز صفة دم الحيض ذي اللون الأسود والرائحة الكريهة، فإن التبس عليها الأمر ولم تستطع تمييز دم الحيض عن غيره فتعمل على عادتها التي كانت تأتيها من قبل، فمثلا : إن كانت معتادة على فترة حيض سبعة أيام، واستمر فيها دم لا تعرف هل هو دم حيض أو غيره، فتبقى سبعة أيام ثم تغتسل، فإن لم تستطع تمييز دم الحيض، وليس لها عادة منتظمة ترجع إليها فتعتمد عادة أخواتها وأقاربها وتعمل عليها، فإن لم تجد شيئا من ذلك فتعمد فترة الحيض ستة أو سبعة أيام فقط (غالب فترة الحيض عند النساء كما ورد في الحديث) ثم تغتسل.

لا يوجد عدد معين لأقل أيام الحيض والطهر أو لأكثر أيام الحيض والطهر؛ إذ لم يأت دليل صريح على ذلك، بل العبرة بما سبق بيانه في النقطة السابقة، وقد تكون أيام الحيض قليلة جدا عند بعض النساء بحيث لا تتجاوز يوما واحدا أو حتى دفعة واحدة من الدم فقط في لحظة واحدة ثم تنقطع، وقد تكون كثيرة عند البعض الآخر بحيث تتجاوز 13 يوم أو أكثر.

المستحاضة : وهي التي ينزل منها دم غير دم الحيض والنفاس الذين ذكرنا صفته، وحكمها حكم الطاهرات، تصلي وتصوم وتفعل ما تفعله الطاهرات، ويجوز لزوجها أن يجامعها إن لم يترتب على ذلك ضرر صحي، ولكنها تتوضأ لكل صلاة بعد الأذان، ولا يضرها ما خرج منها بعد ذلك، وتلبس حفاظة تمنع سقوط الدم عليها أثناء الصلاة، ولا يلزمها تغيير الحفاظة لكل صلاة، بل تغيرها متى امتلأت وخشيت أن تصيب ملابسها وبدنها.

النفاس لا حد لأقله، فإذا حصلت علامة من علامات الطهر التي سبق بيانها فهي طاهر، سواء انقطع الدم بعد أسبوع، أو نصف شهر، أو أقل، أو أكثر، ويجب عليها الصيام والصلاة فورا بعد الغسل، ولكن إذا استمر الدم في النزول منها أكثر من أربعين يوما فتغتسل بعد اليوم الأربعين فورا، وتصلي وتصوم، ويعتبر الدم الذي ينزل منها بعد ذلك دم استحاضة؛ فإن النفاس لا يزيد عن أربعين يوما على الراجح.

إذا سقط الجنين قبل 42 يوما، ولم تظهر عليه علامات تخلق إنسان من اليدين أو الرجلين أو غير ذلك، فلا يعتبر الدم النازل من المرأة دم نفاس، بل هو دم استحاضة فقط، وعليها الصلاة والصيام، وأما إن كان السقط عمره 42 يوما فأكثر، أو ظهرت عليه علامات تخلق إنسان فهي نفاس حتى ينقطع الدم.

الحامل لا تحيض بحسب الشرع والطب، وكل دم ينزل منها فهو دم استحاضة فقط، وعليها أن تصلي وتصوم.

يَجوز للحائض والنفساء أن تذكر الله، وتدعوه، وتقرأ القرآن من حفظها أو تستمع إليه، كما يجوز لها قراءة القرآن من الهاتف، أو من مصحف مفسر بتفسير كثير مثل تفسير السعدي وغيره، والأحوط ألا تمس المصحف غير المفسر خروجا من الخلاف إلا بحائل كقفازات.

يجوز للحائض والنفاس أن تدخل المسجد للحاجة على الراجح؛ كسماع محاضرة، أو حضور حلقات التحفيظ، أو تنظيف المسجد، ونحو ذلك، فإن لم تكن هناك حاجة فلا تدخل المسجد، ولتحذر عند دخولها من سقوط شيء من النجاسات على فراش المسجد، وهو مأمون غالبا في عصرنا والحمد لله.

لا يجوز للرجل أن يجامع زوجته بعد انقطاع الحيض والنفاس حتى تغتسل؛ فإن مُسمّى الحيض والنفاس لا يرتفع عنها إلا بعد الغسل.

الرطوبة أو الماء الخارج من فرج المرأة طاهر على الراجح، فلا تتنجس ملابسها ولا بدنها إن أصابها شيء منه، ولكنه ينقض الوضوء، فإن كان يخرج بصورة مستمرة فحكمها حكم المستحاضة تتوضأ لكل صلاة بعد الأذان، ولا يضرها ما خرج منها بعد ذلك.

لا_يجوز للحائض والنفساء الصلاة ولا الصيام إجماعا، ويجب عليها قضاء الصيام فقط دون الصلاة؛ لحديث معاذة، قالت : سألت عائشة رضي الله عنها فقلت : ما بال الحائض تقضي الصوم، ولا تقضي الصلاة؟ فقالت : أحرورية أنت؟ (الحرورية فرقة من الخوارج) قلت : لست بحرورية، ولكني أسأل. قالت : «كان يصيبنا ذلك، فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة». رواه البخاري ومسلم، وذكرت دليل هذه المسألة مع كونها معلومة، ومحل إجماع بين أهل العلم؛ لانتشار شبهة بين النساء لأحد المنحرفين حول ذلك.

ملاحظة : هذا المنشور ينبغي أن يصل إلى يد كل أنثى في عائلتك، الأم والزوجة والبنت والأخت وغيرهم؛ فعند النساء تقصير كبير جدا في هذه المسائل، وقد وصل العلم سهلا إلى يدك، فيبقى إثم التقصير في تعليم من ولاك الله أمره على جنبك فقط.


والله تعالى أعلى وأعلم.

إذا قرأتم المنشور فاذكروا الله، وشاركوه ليستفيد غيركم ولكم الاجر

التعليقات مغلقة.