- قالَ : ليسَ في خلقِ الإنسان دلالة على وجودِ الإله ، فإنما هي استحالةٌ للنّطفةِ ، وتحوّلٌ من صورة إلى أُخرى ،
- والتحوّلُ طاقةٌ ، ومعلومٌ أنّ الطاقةَ لا تفنى ولا تُستحدَث من عدمٍ ، فعُلم عدم الحاجة إلى وجود الإله .
- قلتُ : النطفةُ جوهرٌ واحدٌ ، ولو كانت الاستحالة موجبة بالذّات ؛ لكانتِ الاستحالةُ إلى وجهٍ واحدٍ ،
- فلو كانَ خلْقُ الإنسان من جواهر مُختلفة استُحيلَت ؛
- كان يمكن أن يقالَ : العظمُ خُلِق من جوهرٍ صلب ، واللحمُ خُلِق من جوهرٍ رخوٍ ، والغضروفُ خُلِق من جوهرٍ بَيْن بَيْن ،
- لكن لمّا كان الخلقُ ناتجاً عن جوهرٍ واحدٍ ، والناتج عنها مختلف الأجزاء ؛ دل على الاختيار والقدرة .
- سلّمنا استحالةَ الجوهر الواحد إلى أجزاء كثيرة مركّبة بفعلِ الطبيعة الموجبة ، إلا أنّ ذلك يقتضي أن تكونَ الأجزاءُ الموجبة على صفةٍ واحدةٍ ، لكننا نرى الأبيض والأسود ،
- والطويل والقصير ، وما ذاكَ إلا لتدخّل قوة مُختارَة تتحكَّم في سير هذه الاستحالة .
- سلّمنا أنَّ الاستحالةَ على صورٍ متنوّعة للإنسان لا نهاية لها ، لكن قُلتم : الطاقة لا تَفنى ولا تُستَحدث من عدمٍ ، وعَلِمنا أن الإنسان ناطقٌ مُبصرٌ ، والنطقُ والإبصارُ قوةٌ ،
- والقوةُ طاقةٌ ، والنطفةُ جوهر جسمانيٌّ استحال إلى صور جسمانيّة مُركّبة وانتهى ، فمن أينَ اقتضى الإنسان هذه القوة ، وعن أي طاقة في النطفة استحالها ؟
- هذا ما يستحيلُ الجواب عنه إلا أن يُسلّم بلا جدال ويُقال : هو بفعلِ الإله الخَالقِ المُختار كلّي القدرة لا غير…
السابق بوست
القادم بوست
التعليقات مغلقة.