- أظنني قد أطلتُ عليكَ ، ولكن المقام دقيقٌ وخطير ؛ فلا تضق ذرعًا بهذا بالانتظارِ والتطويلِ ، ثم استمع لما وعدتُك إيّاه من بيانٍ
- قالوا : [ إنّها أرضُنا التي وعدَ ٱللّٰهُ بها أبـانَا إبراهيم ] ، واستندوا في ذلك إلىٰ خمسةِ نصوص في كتابهم !! .
- فقلتُ وبالله التوفيق :
- أن يبدأ الحديثُ عن الوجودِ العبـ ـري في فلسـطين بعبورِ نبيِّ ٱللّٰه إبراهيم -عليه السلام- هو محضُ مغالطةٍ تاريخية ؛ إذ أنَّ إبراهيم -عليه السلام- هو جدُّ العربِ كذلك ، ولم يكن جدّ اليهـ ـودِ وحدهم ؛ وصدقَ ربُّنا إذ يقول : [ مَا كَانَ إِبْرَ ٰ هِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَــٰـكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ]
- بل القرآنُ الكريم قد حَسَمَ الأمرَ كله ؛ فالكتاب المقدّس لا سندَ له ، وحدّث ولا حرجَ عن الزيادةِ والنقصان في متنه ، وأما أهله فلا عدالةَ ولا تواتر ؛ وهذا حتىٰ بشهادةِ أهلِه ، وها هو الدكتور توماس طومسون أستاذ علم اللاهـوت في جامعة كوبنهاجن بالدنمارك والذي كان يرى أنَّ التّـوراةَ مجردُ مروياتٍ حوّلتْ الخيالَ إلىٰ حقيقة ، وقد كُتبَتْ بعد فترةٍ طويلة من الأحداثِ التي تُؤرخ لها تمتدُ ما بين [ 1500 – 500 قبل الميلاد ] .
- ثمَّ اعلم أنّ جميعَ النصوصِ الواردةِ في الكتابِ المقـدّس والتي تذكرُ وعدَ اللّٰه لابراهيمَ بأرضِ الميعاد لم تتفق حول ماهية الأرضِ أصلًا أصلًا ؛ فتارةً يذكر الوعدَ بالأرضِ دون تحديدٍ لحدودها ، وتارةً تكون الأرض محدودة بحدودِ رؤيتِه أو تجوالِه فيها ، وأبرز تلك النّصوص هُو النص الواردُ في ( تك 15: 18 ) ؛ والذي يوضح أنّ اللّٰه قد أعطىٰ إبراهيمَ ميثاقًا بالأرضِ وحدودها من النيلِ في مصر إلى الفرات ، وجاء في ( تك 17: 8 ) أنّ هذا الوعد أبديٌّ للأجيالِ المتعاقبة .
- ويذكر لنا [ سفرُ التكوين ؛ الاصحاح 23 ] ما يلي :
- أنّ إبراهيمَ كانَ ضيفًا في تلك الأرض وأنّه لم يمتلك من تلك الأرض شيئًا ولا حتىٰ قبرًا لزوجتِه ، وأنَّهم كانوا يُقرون بنبوتِه ، ومع هذا فقد أصرَّ على دفعِ ثمنِ الأرضِ التي دفنَ فيها زوجتَه !
- والسؤال : لو سلّمنا بصحةِ الوعد المذكور أعلاه ؛ فكيف يدفع ثمنَ أرضٍ يملُكها بوعدٍ من اللّٰه !؟ ، وبأي وجه حقٍ يقوم اليهـ ـود الصهـ ـاينة بهدمِ منازل الفلسطيـ ـنين وتهجيرهِم من أرضِهم !؟
- ولو قُلنا أنّ إبراهيمَ كانَ له من الأرضِ ؛ فليس له إلا حقل عفرون الذي دفعَ ثمنَه ليدفنَ فيه زوجتَه فقط ! .
- أما عن الإسلام ؛ فلم يرد فيه أي وعود لإبراهيم -عليه السلام- بالأرضِ أصلًا أصلًا ؛ ورتّل إذا شيتَ : [ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَــٰـقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِى ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَــٰـبَ وَءاتَيْنَــٰـهُ أَجْرَهُ فِى الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِى الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّـٰـلِحِينَ ]
- واحفظوها عنّي عسىٰ القلوب تبصر !
التعليقات مغلقة.