الفراخ البرازيلي المستوردة رؤية موضوعية

الدواجن البرازيلي المستوردة.. رؤية موضوعية

  • من أيام أعلنت الحكومة عن التعاقد على استيراد 50 ألف طن دواجن مجمدة برازيلية، وده ضمن خطة لتأمين احتياجات السوق من الدواجن وبالأخص مع شهر رمضان واللي هو موسم مهم للاستهلاك للأكل عموما في مصر.
  • أسعار الدواجن في الأيام اللي فاتت بدأت تقل بعد الخبر، ونزول الدواجن دي للسوق، بعد ما كان سعر الكيلو حوالي 110 جنيه نزل لحدود 80 جنيه، وكذلك حصل انخفاض في أسعار البانيه.
  • نشر موقع مدى مصر عن مصادر أنه المستورد مكنش وزارة التموين، لكنه كان جهة سيادية محلية استوردت وبعدين وردت لوزارة التموين.
  • بعيدا عن مين اللي استورد؟ واللي قد يكون سؤال مهم يعني في ظل الأزمة لأنه في وقت الأزمات في ناس بتظهر للتربح من الأزمة، وفي مشكلة كبيرة الصراحة لو اللي عايز يتربح من الأزمة الحالية هي جهة سيادية.
  • لكن خلينا نركن ده على جنب شوية، ونسأل أسئلة مهمة عن صناعة الدواجن في مصر في الوقت الحالي؟ إيه سبب الأزمة؟ هل الاستيراد هو حل الأزمة فعلا؟ ولو مش هو الحل إيه الحل؟

إيه اللي حصل لصناعة الدواجن؟

  • رؤية الحكومة لأزمة ارتفاع أسعار الدواجن بسيطة، إلقاء اللوم على جشع التجار، وبالطبع في أوقات الأزمات ممكن تظهر المضاربات على أسعار المنتجات وبالذات المنتجات الغذائية.
  • ببساطة لأنه دي طبيعة السوق، نفترض مثلا أنه في مربي دواجن منتظر أنه يحقق 25٪-30٪ ربح من دورة الفراخ دي مثلا وبعدين لقى التضخم وتكاليف المعيشة زادت الـ20-30٪ دول، هيبقى عايز ياخد ربح أفضل.
  • بالإضافة طبعا لمشاكل القطاع الأساسية في الفترة اللي فاتت، زي وقف استيراد الأعلاف اللي مستمر في الأزمة دي بقاله أكثر من 8 شهور تقريبا، وحتى ارتفاع أسعار الأعلاف دي بعد تقييمها بسعر الصرف الجديد، واللي زاد 50 ٪ تقريبا.
  • بالإضافة طبعا لزيادة أسعار مدخلات الإنتاج التانية من طاقة، وسعر الكتاكيت اللي ارتفع من 3 جنيه و4 جنيه السنة اللي فاتت لحد ما وصل 32 و 33 جنيه خلال الأيام الأخيرة.
  • وبالتالي من الطبيعي والمنطقي أنه كل التكاليف الزيادة دي تروح للمستهلك في النهاية، ويبقى سعر كيلو الفراخ زاد من متوسط 45 جنيه في 2021 لحد 80 و 90 جنيه حاليا، لأنه ببساطة دي الزيادة اللي حصلت في مدخلات الإنتاج، مفيش حد بينتج بخسارة.

**

هل الاستيراد هو الحل؟

  • في أوقات الأزمات ممكن فعلا يكون استيراد كميات معينة عشان نعدي الضغوط السعرية اللي بتحصل في مواسم معينة زي رمضان مثلا، وبالتالي مفيش مشكلة طبعا مع استيراد كميات معينة من الدجاج المجمد لسد احتياجات السوق في الفترة الجاية.
  • لكن المشكلة الحقيقية هو أننا مكنش عندنا إدارة للأزمة بشكل صحيح من الأول، يعني مثلا أي حد كان عارف أنه وقف استيراد خامات الاعلاف من صويا وذرة صفراء هيأثر على صناعة العلف المحلية اللي بتغطي 30-40٪ من الاستهلاك، وهيأثر على تكلفة الدواجن.
  • وكذلك وقف استيراد الأعلاف الجاهزة اللي حصل بسبب نظام الاعتمادات المستندية اللي اتطبق وتراجعت عنه الحكومة لاحقا.
  • وبالتالي كان لازم يكون عندنا سيناريوهات لده، كان لازم الحكومة تحاول الموازنة بين مصلحة الصناعة ومربي الدواجن، ومصلحة المواطن.
  • كان ممكن الحكومة تاخد الدواجن من المربين بهامش ربح قليل شوية، وتقدم دعم من عندها لشراء الدواجن بأسعار مخفضة للمواطنين.
  • ده كانت تكلفته في النهاية هتبقى أقل من استيراد شحنات بالدولار في وقت عندنا فيه أزمة شح في الدولار.

**

إيه الحلول للنهوض بصناعة الدواجن في مصر؟

  • سوق الدواجن في مصر كبير جدا، تقريبا بنتنج حوالي 1.6 مليار طائر سنويا بنسبة اكتفاء ذاتي حوالي 97 % ودي نسبة كويسة جدا، وفي البيض كمان عندنا اكتفاء ذاتي لأننا بننتج أكثر من 100% من احتياجاتنا السنوية.
  • لأنه البيض والدواجن أشياء مهمة على مائدة غذاء المصريين وفي ثقافتهم الغذائية لأنه بروتين رخيص نسبيا إذا قورن باللحوم الحمراء فالسوق كبير وبيتوسع بشكل جيد.
  • بحسب تصريحات سابقة لوزير الزراعة تتضمن صناعة الدواجن استثمارات بحوالي 90 مليار جنيه وبتستوعب أكثر من 2.5 مليون عامل.
  • وده يعني أنه الدولة أو الحكومة محتاجة يكون لها دور مهم وتبقى حاضرة في السوق عن طريق تقديم حلول للمشاكل اللي في الصناعة دي، واللي بالمناسبة هي صناعة مفتتة بمعنى أنه فيها منتجين كتير جدا على اختلاف أحجامهم.
  • أحد الحلول هو دفع القطاع الخاص لإنتاج الأعلاف محليا من خلال التوسع في زراعة الذرة الرفيعة أو حتى استيرادها خام من بره وإنتاج العلف هنا بالتالي تقل تكلفة العلف.
  • حاجة تانية هو تطوير تكنولوجيا إنتاج الفراخ والبيض في مصر من خلال تكثيف الاستثمارات في البحث والتطوير ونقل الخبرات والتجارب من بره عشان نقلل تكلفة الإنتاج.
  • الدواجن البرازيلي والصيني وغيرها اللي بتنتج ده بتبقى أرخص عشان التكنولوجيا وشيء اسمه اقتصاديات الحجم، يعني كل ما الإنتاج بيبقي أكبر كل ما تكلفة الإنتاج لكل وحدة بتقل، وكمان عشان البرازيل والصين عندهم صناعة أعلاف محلية كبيرة.
  • وبالتالي إحنا محتاجين نطور صناعة الأعلاف المحلية، عايزين أكبر قيمة مضافة على امتداد سلسلة إنتاج الدواجن كلها تبقي بتتعمل في البلد، يعني نستورد مثلا مدخلات العلف لو مش هنعرف نزرعها، لكن نصنع الأعلاف دي كلها هنا.
  • كل ما نخلي فيه قيمة مضافة أكبر لصناعة الدواجن والصناعات المرتبطة بيها كل ما حيحصل استقرار نسبي في الأسعار ومش هنبقى رهائن لأزمات سعر الصرف زي دلوقتي.
  • الاهتمام بمنظومة الطب البيطري وخاصة في المزارع الصغيرة اللي في الغالب مش بيكون عندهم الإمكانيات المادية عشان يهتموا بالتطعيمات أو الثقافة البيطرية اللازمة للتعامل مع الدواجن وأمراضها الكتير.
  • ممكن الحكومة تزود حزمة التيسيرات لإنشاء مزارع الدواجن البياضة ومنح الراغبين قروض ميسرة بفوائد بسيطة لإنشاء مزارعهم.
  • محتاجين نطور المزارع الموجودة بالفعل لأنه مع الارتفاع الشديد أو الانخفاض الشديد فيه كثير من المزارع بتعتمد على طرق تدفئة وتبريد بدائية جداً، بتخلي عندهم نسبة “النافق” كتير، ودا بيأثر على جودة الإنتاج.
  • الجزء الأخير هو رقابة مستمرة على الأسعار، وتفعيل دور المجمعات الاستهلاكية التابعة لوزارة التموين، واللي بتبيع بأسعار أقل، وبالتالي تكون قادرة بشكل غير مباشر على كبح التضخم في أسعار الدواجن والبيض اللي بيتكرر كتير جدا.
  • إحنا مش مع الاستيراد لأنه على المدى الطويل مضر، مهم أنه يكون عندك نسب اكتفاء ذاتي عالية وقيمة مضافة أكبر في الصناعة دي في مصر، ونتمنى أنه الحكومة والجهة السيادية اللي بتستورد للحكومة تفهم الموضوع ده.

التعليقات مغلقة.