كشف اثري جديد وادي القرود هنا صنع الأثاث الجنائزي لملوك مصر القديمة

علوم الآثار .


وادي القرود هنا صنع الأثاث الجنائزي لملوك مصر القديمة

كشف أثري جديد يرفع الستار عن ورش صناعية فرعونية… والبعثة تسعى للكشف عن مقبرة الملكة نفرتيتي. عام 2019م.

لا تكف منطقة وادي الملوك الواقعة في البر الغربي بمحافظة الأقصر (جنوبي مصر)، عن البوح بأسرار ملوك وملكات عاشوا هناك يوماً وأقاموا حضارة لا تزال تبهر العالم. فأخيرا أعلنت وزارة الآثار المصرية علنت عن كشف أثري جديد بمنطقة وادي القرود بالأقصر يشبه المنطقة الصناعية التي تضم ورشا متعددة لصناعة الأثاث الجنائزي الذي يوضع في مقابر الملوك والملكات ليصاحبهم إلى العالم الآخر والحياة الثانية بحسب المعتقد الفرعوني المعروف.

ورش الأثاث الجنائزي
فكما هو شائع عن هذا العصر اعتاد الفراعنة على وضع كل ما يحتاجه الميت من أثاث ومتاع في المقبرة ليستخدمه في العالم الآخر وبالطبع مقابر الملوك كانت تجهز بأفخم الأثاثات لتتناسب مع مكانة الملك. وبالفعل عثر في الكشف الأثري الأخير على قطع فنية متعددة مصنعة للوضع في مقابر الملوك وتواصل البعثة الأثرية عملها على قدم وساق ساعية للكشف عن مقابر أخرى محتمل وجودها في هذه المنطقة، يأتي علي رأسها مقبرة الملكة نفرتيتي.

وشهد عرض الكشف الأثري الجديد الدكتور خالد العناني، وزير الآثار، والدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، في منطقتي وادي الملوك الغربي المعروف باسم (وادي القرود) ووادي الملوك الذي توجد به المقابر الملكية الشهيرة بالبر الغربي لمدينة الأقصر.
من جانبه، قال الدكتور زاهي حواس، رئيس البعثة في المؤتمر الصحافي، الذي أعلن فيه عن الكشف الأثري، “إنه منذ بداية البعثة العمل في وادي القرود في شهر ديسمبر (كانون الأول) من عام 2017 نجحت البعثة في العثور للمرة الأولى بمنطقة وادي القرود على الورش الخاصة بتصنيع وتجهيز الأثاث

الجنائزي الخاص بمقابر الملوك، وبجوارها حفرة للتخزين أخذت ترقيم (KVT)، وأمامها تم الكشف عن فرن لحرق الفخار والمعادن وعُثر بجواره على خاتمين من الفضة، وكميات كبيرة من العناصر الزخرفية التي استخدمت في تزيين التوابيت الخشبية في عصر الأسرة الثامنة عشرة، بالإضافة إلى رقائق من الذهب وبعض العناصر الزخرفية التي كان يُطلق عليها جناح حورس”.

البحث عن نفرتيتي
وأضاف، “يجرى العمل حالياً بالوادي الغربي للبحث عن مقبرة الملكة نفرتيتي ومقبرة ابنتها وزوجة الملك توت عنخ آمون الملكة (عنخ إس إن آمون)، وتقع المنطقة بين مقبرة الملك أمنحتب الثالث ومقبرة الملك (آي)، ومن المتوقع أن تحتوي على مقابر أفراد عائلة عصر العمارنة”.
وأوضح حواس “أن من أهم اكتشافات البعثة العثور على 30 ورشة متخصصة لتصنيع وتجهيز الأثاث الجنائزي قبل وضعها داخل المقبرة، بالإضافة إلى مقبرة أُطلق عليها رقم KV 65))، اُستعملت لحفظ بعض الأدوات والأثاث الجنائزي، وهي مماثلة للمقبرة (KV 54) المجاورة لمقبرة الملك توت عنخ آمون، التي تم العثور بداخلها على الأدوات المستعملة في بناء المقابر الملكية”.
وأشار الدكتور زاهي حواس إلى “أن البعثة الثانية التي تعمل بوادي الملوك الشرقي تعتبر أضخم وأكبر حفائر تمت في وادي الملوك بعد الحفائر التي قام بها عالم الآثار الإنجليزي هوارد كارتر للبحث عن مقبرة الملك الشاب، وأن البعثة تعمل حالياً للكشف عن المقابر الملكية التي لم يتم الكشف عنها بعد، بالإضافة إلى مقابر زوجات وأبناء ملوك الأسرة الثامنة عشرة، الذين دُفنوا في وادي الملوك؛ لأن وادي الملكات لم يبدأ الدفن به إلا مع بداية الأسرة التاسعة عشرة، وحفرت البعثة إلى جوار مقبرة الملك توت عنخ آمون، وعثرت على العديد من القطع الأثرية منها 42 كوخاً صغيراً، كان يضع العمال فيها الأدوات التي كانوا يستخدمونها في بناء المقابر قبل أن يغادروا الوادي إلى دير المدينة، بالإضافة إلى العديد من اللوحات المنقوشة بالهيروغليفية التي سوف توضح العديد من الموضوعات الأثرية، وأجزاء من مقابر منقوشة وخواتم من عصر الرعامسة”.

وادي القرود
وللتعرف عن قرب على منطقة وادي القرود، الواقعة إلى جوار وادي الملوك في الأقصر، وماذا تمثل وما أهميتها التاريخية؟ ولماذا أطلق عليها هذا الاسم؟ يقول الخبير الأثري علي أبو دشيش لـ”اندبندنت عربية”، “يعد وادي القرود وادياً مغلقا بجبل القرنة غربي مدينة الأقصر، ويشبه وادي الملوك في تضاريسه والجغرافيا الخاصة به، وتحيط به سلاسل جبلية من جهات الجنوب والشرق والغرب ويطلق عليه (وادي القرود) أو الوادي الغربي، ويحتوي البر الغربي على العديد من الآثار والمقابر الفرعونية القديمة، التي يرجع معظمها إلى الأسرة الثامنة عشرة من الدولة الفرعونية الحديثة، إذ كان عاصمة مدينة طيبة آنذاك (الأقصر حاليا)، وينقسم البر الغربي بشكل عام إلى الوادي الشرقي والوادي الغربي المسمى بـ(وادي القرود)”.
يضيف “أصبح هذا الاسم يطلق على الوادي الغربي بعد اكتشاف مقبرة الملك (آى) حيث تم اكتشفاها على يد “جيوفاني بلزوني” عام 1817م، الذي قام بحفر اسمه على باب المقبرة وتاريخ اكتشافها كنوع من الفخر بما اكتشفه، وعندما دخل المقبرة ودخل غرفة الدفن أطلق أحد عماله على المقبرة اسم (مقبرة القرود)، بسبب الرسومات المنقوشة على الحوائط، التي بها اثنا عشر قرداً مرتبة في ثلاثة صفوف، وعلى الرغم من احتواء وادي الملوك على العديد من مقابر الملوك والنبلاء في ذلك الوقت فإن أغلبها يتركز بالوادي الشرقي، بينما يحتوي الـوادي الغــربي أو (وادي القرود) على أربع مقابر فقط، أشهرها لـ”أمنحتب الثالث”، أحد ملوك الأسرة الثامنة عشرة، ومقبرة خپر خپرو رع “آى”، الملك رقم 13 للأسرة الثامنة عشرة، أيضا وهي المقبرة الوحيدة المتاحة للزوار بالوادي كله”.
وبالنسبة للكشف الأثري الجديد، الذي توصلت إليه البعثة الأثرية المصرية يقول أبو دشيش، “بدأت الحفائر في هذه المنطقة منذ فترة حيث قامت البعثة الأثرية المصرية، برئاسة الدكتور زاهي حواس وعضوية عدد من الأثريين العاملين بوزارة الآثار، أعمال الحفائر في منطقة وادي القرود بالبر الغربي بالأقصر للبحث عن إحدى المقابر التي تعود لعصر الأسرة الثامنة عشرة، التي أسفرت عن الكشف عن مدينة صناعية في وادي القرود مختصة بتصنيع الأثاث الجنائزي، الذي كان يوضع في مقابر الملوك، والبعثة مستمرة حالياً في عملها وتأمل الوصول إلى مقابر ملوك آخرين من الأسرة الثامنة عشرة، من المتوقع أن يكونوا دفنوا في هذه المنطقة”.

التعليقات مغلقة.