فندق الماريوت
شيّد الخديوي اسماعيل قصر الجزيرة( فندق ماريوت حاليا) ليستقبل فيه الضيوف البارزين الذين كان قد دعاهم إلى حضور احتفالات افتتاح قناة السويس ، ففي العام 1863م امر الخديوي اسماعيل بتكليف المهندس المعماري
الالماني يوليوس فرانز (الذي منح لاحقا لقب بك (بيه) بتشييد القصر ، ومن خلال التعاون مع المهندس الشهير دي كوريل ديل روسو الذي كان قد صمم قصر عابدين ، قام يوليوس فرانز بتصميم وتشييد قصر الجزيرة الذي يبلغ طوله 174 مترا ، واستغرقت عملية تشييد القصر 5 سنوات حيث تم الانتهاء من تشييده في العام 1868م .
اما الديكورات والحلي الداخلية للقصر فقد امر الخديوي اسماعيل باستيرادها من باريس ، وقد قام مهندس التصاميم الداخلية الألماني الشهير ( كارل ويلهلم فون ديبيتش ) في ورشته ببرلين بتصميم وتجميع الزخارف الداخلية الخاصة بالقصر ، وهي الزخارف التي حرص من خلالها على ان يراعى التناغم والانسجام بين كل العناصر الداخلية بما في ذلك الاثاثات والستائر والسجاد وحتى النقوش على الجدران .
وبعد ان انتهى ويبتش من اعداد تلك الزخارف والاثاثات ، قام بشحنها في حاويات عملاقة على متن قطار نقلها اولا من برلين إلى مدينة تريستي ثم تم شحنها من هناك على متن سفينة إلى مدينة الاسكندرية حيث تم نقلها إلى القاهرة بالقطار .
وصلت التكلفه الي 750 ألف جنيه ، ووفقا لما قاله علي مبارك الذي كان يشغل آنذاك منصب وزير الاشغال العامة في مصر في عهد الخديوي اسماعيل ، فإن تكاليف تشييد القصر بلغت اكثر من 750 الف جنيه مصري ، وكان ذلك المبلغ ضخما جدا بمعايير ذلك الزمان .
لكن تلك التكلفة لم تشمل تكاليف مهمة هندسة المناظر الطبيعية المحيطة بالقصر ، وهي المهمة التي كانت ضخمة جدا بحد ذاتها اذ انها استدعت تدعيم وتقوية ضفة نهر النيل المقابلة للقصر ، بالاضافة إلى حماية المناطق المحيطة بالقصر من مخاطر حدوث الفيضانات ، كما قام بتمهيد الطريق المؤدي إلى الأهرامات ، وشيد عدة جسور ، من ضمنها جسر قصر النيل ، وجسر أبو العلا ، لتمكين الوفود المشاركة في احتفال افتتاح قناة السويس من التحرك إلى الأهرامات من قصر الجزيرة .
ويعد القصر البناء الوحيد المشيد في جزيرة الزمالك في ذلك الوقت ، وكانت حديقة القصر تضم أندر النباتات والأشجار ، إضافة إلى ذلك ، فقد احتوت على حديقة حيوانات متميزة لتسلية الضيوف والمدعوين ، التي بدورها أصبحت النواة الأولى لحديقة الحيوان بالجيزة .
ولدى الانتهاء من تشييد القصر قال فرانز بك ان قصر الجزيرة هو بحق اجمل بناية من نوعها ذات طراز عربي حديث ، عندما عهد إلى الموسيقار العالمي فيردي بتأليف موسيقى ، بمناسبة الاحتفال بافتتاح قناة السويس ، حيث أنجز فيردي تأليف موسيقى « أوبرا عايدة » خصيصا لهذه المناسبة ، وقد عزفت الموسيقى لأول مرة في حديقة قصر الجزيرة .
ومن أبرز موجودات القصر ، التي أعيد ترميم بعضها ، نافورة من المعدن المشغول ، وسلم من الرخام ، وست ساعات جدارية قديمة ، ولوحات متنوعة ، منها رسم للإمبراطورة أوجيني ، وطاولة من الرخام تعود لعهد الملك لويس الرابع عشر .
ولإظهار ثروات مصر الزراعية فقد خصص صالون ملكي وقد كانت جميع نقوشاته تصور محاصيل مصر الزراعية في ذلك الوقت ، بالإضافة إلى التماثيل الرخامية النادرة التي تتزين بها حديقة القصر والتي صنعت خصيصا ً في إيطاليا للخديوي إسماعيل هذا الرجل الذي أستثمر جميع أفكاره وثرواته لخدمة مصر ولم يبخل عليها ليظهرها أمام العالم في أجمل صورها وليكون على رأس إبداعاته الفنية ( قصر الجزيرة ) بالزمالك .
بعد بيع القصر تم تقسيم حدائقه إلى اقسام عدة منفصلة من بينها الحديقة الخديوية التي اصبحت نادي الجزيرة الرياضي وهي تشمل مضمار سباق الخيول وملعب البولو ، اما حديقة الاسماك الخديوية الواقعة على الجانب الغربي من القصر فقد تم تحويلها إلى حديقة اسماك ضخمة منفصلة ، وتم افتتاحها رسميا في العام 1902 ، ومازالت قائمة حتى يومنا هذا تحت مسمى حديقة الأسماك
التعليقات مغلقة.