في أواخر القرن الثاني الهجري سنة 192هجرياً ظهرت في بلاد فارس وأذربيجان حركة باطنيّة خبيثة تؤمن بالحلول وتناسخ الأرواح

في أواخر القرن الثاني الهجري سنة 192هجرياً ظهرت في بلاد فارس وأذربيجان حركة باطنيّة خبيثة تؤمن بالحلول وتناسخ الأرواح وتدعو إلى الإباحية الجنسية ، والمتزعم لهذه الحركة #بابكالخرميّ وقد شغلت هذه الحركة #الخلافةالعباسية فترة طويلة على مدى عشرين عاماً ، وتجمّع لديه نحو عشرين ألف مقاتل من غوغاء الناس والمجرمين وقطّاع الطرق وانضمّ إليه من الزنادقة والفسّاق العدد الكبير.
ولما توفي المأمون ولي الخلافة بعده أخوه #المعتصم_بالله الرجل الشجاع، فانصبَّت جهود المعتصم وأموال الخلافة على قضية الدولة الأولى ألا وهي القضاء على فتنة ” بابك الخرميّ ” ، حيث أرسل جيشًا ضخماً بقيادة الإفشين للقضاء على بابك الخرميَّ،
،
فتحركت الجيوس الإسلامية اليه وحاصرته فلما اشتد عليه الحصار وأيقن بالهلاك اتصل بإمبراطور الروم #ثيوفيلوس يغريه بغزو بلاد المسلمين وانتهاز الفرصة بالهجوم على الثغور وأطراف البلاد، وكان غرضه شغل الجيش الإسلامي ، وفتح جبهة أخرى تخفف عنه ما يلقاه، فأسر بابك وقضي على حركته ، ثم أحضر إلى الخليفة المعتصم الذي أمر بقطع رأسه ، وكان ذلك في العاشر من شوال سنة 222 هـ فقطع الله دابر هذه الفتنة ، وأراح الناس من شره والحمدلله رب العالمين،
ولكن إمبراطور الروم استغل الفرصة ، وتوجه بجيش عظيم قوامه مائة ألف مقاتل وهاجم مدينة زبطرة ، وارتكب فيها الجرائم البشعة فقتل الصغير والكبير وسبى من النساء أكثر من ألف امرأة بعد أن ذبح أطفالهن ، ومثَّل بمن وقع في يده من المسلمين وسمل أعينهم وقطع أنوفهم وآذانهم ثم أغار على ملطية ففعل بها وبأهلها مثل ما فعل بـ زبطرة، وقد جاء فى أكثر كتب التاريخ قصة شهيرة حدثت أثناء غزو الروم لهذه البلاد المسلمه، فقد جاء فى الروايات ” ان امرأة في أحد الاسواق وفيه رجل من الروم رءا المرأة وحاول أن يتحرش بها وامسك بطرف جلبابها فصرخت وامعتصماه .
ولما بلغ المعتصم الخبر استعظم ما حدث صاح وقال “لبيكــ يا أختاه” ونادى من ساعته النفير النفير وأحضر جماعة من أهل العلم والرأي وأشهدهم على أملاكه ، فجعل ثلثاً منها لولده، وثلثاً لله، وثلثاً لمواليه، حيث أنه كان يتجهز للـــ شهادة فــ سبيل الله، ثم بعث بنجدة لأهل الثغور المعتدى عليها يؤَمِّنهم ويُطمئنهم ويطلب منهم العودة إلى قراهم وديارهم التي فروا منها ، وجهّز جيشاً عظيماً لم يجهّزه أحد قبله ، وأخذ معه من آلات الحرب والأحمال والدواب شيئاً لم يسمع بمثله ‏.‏
ثم سأل أي بلاد #الروم أمنع وأحصن ؟ فقيل ” عَمُّورية ” ، لم يعرض لها أحد من المسلمين منذ كان الإسلام ، وهي عين النصرانية ، وهي أشرف عندهم من القسطنطينية ، فأمر بالسير إليها ، وكان خروجه رحمه الله في جمادى الأولى سنة 223 هـ .
،
واصل السير بالجيش حتى وصل إلى نهر اللامس وهو الحد الفاصل بين الخلافة العباسية والدولة البيزنطية ، وهناك قسم المعتصم جيشه إلى فرقتين فرقة بقيادة الأفشين توجهت شمالاً صوب أنقرة #تركيا حالياً، وفرقة كان هو على رأسها ،
وكان إمبراطور الروم قد خرج لمواجهة الأفشين فتقابلا عند ” دزمون ” في الخامس والعشرين من شعبان سنة 223 هـ ، وكانت معركة عظيمة قد استشهد فيها من جيش المسلمين العدد الكبير ولكن الله تعالى نصر عباده الموحدين نصراً عظيماً فهزموا الروم الصليبين هزيمة قوية ، وهرب الإمبراطور على إثرها إلى #القسطنطينية وترك جزءاً من جيشه في #عمورية بقيادة ياطس.
وجاءت الأخبار إلى المعتصم بهزيمة الإمبراطور فسرَّه ذلك وحمدالله، ثم ركب من فوره إلى #أنقرة وتقابل مع الأفشين هناك ، فدخلها الجيش الإسلامي دون أي مقاومة ، بعد أن فرَّ أهلها عقب هزيمة إمبراطور الروم، ثم توجه بعدها إلى عمورية فوصلها صبيحة الجمعة السادس من شهر رمضان المبارك سنة 223 هـ وضرب عليها حصارًا محكماً ، وفي تلك الأثناء بعث الإمبراطور برسالة إلى المعتصم يطلب منه الصلح ، ويعتذر له عما فعله بـ زبطرة ، وتعهّد أن يعيدها كما كانت وأن يفرج عن أسرى المسلمين الذين كانوا عنده ، إلا أن المعتصم أبى الصلح ، ولم يطلق سراح الرسول حتى فتح ” عمورية”.
،
وكان المعتصم قد علم من أحد الذين كانوا يقيمون في ” عمورية ” أن موضعاً من سور المدينة جاءه سيل شديد فانهار، فلم يحكم الروم بناءه كما كان ، وبقي هذا الجانب من السور ضعيفا ، وعندها ضرب المعتصم خيمته تجاه هذا الموضع ، ونصب عليه المجانيق ، وبدأ يقصفه قصفاً شديداً ومتواصلاً حتى تهدم وانفرج السور ، فهب المسلمون من ساعتهم لدخول المدينة ، ودوَّت الأصوات في جنباتها ، فدخلها المسلمون مكبرين رافعين رايات النصر في السابع عشر من شهر رمضان سنة 223هـ ، بعد أن استسلم قائدهم ” ياطس ” ، وقُتِل منهم خلق كثير ، وأمر المعتصم بهدم سائر نواحي المدينة وأسوارها ، وأخذ المسلمون أموالاً وغنائم لا تُحَدُّ ولا توصف ، فحملوا منها ما أمكنهم حمله وأحرقوا ما بقي من العتاد وآلات الحرب لئلا يتقوى بها الروم على قتال المسلمين ، ثم انصرف المعتصم راجعاً إلى ” طرسوس ” في أواخر شوال من هذه السنة ، منتصراً ظافراً ، بعد أن أعاد لدولة الإسلام هيبتها ، ولبَّى نداء الحرائر من المسلمات.
ملحوظة من هو الأفشين قائد الجيش مع المعتصم هو حيدر بن كاوس وهو تركي من أشروسنة، ومن الجدير بالذكر أيضاً أن الحصار دام 55 يومًا، من سادس رمضان إلى أواخر شوال سنة 223 هـ،

التعليقات مغلقة.